فلما قتل جعفر أخذ عبد الله بن رواحة الراية ، ثم تقدم بها وهو على فرسه فجعل يستنزل نفسه ، وتردد بعض التردد ثم قال :
أقسمت يا نفسي لتنزلنه طائعة أو لتكرهنه ما لي أراك تكرهين الجنه
إن أجلب الناس وشدوا الرنه لطالما قد كنت مطمئنه
هل أنت إلا نطفة في شنه
يا نفس إن لا تقتلي فموتي هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد لقيت إن تفعلي فعلهما هديت
فأخذ الراية ثابت بن أقرم أحد بلعجلان ، وقال : يا أيها الناس اصطلحوا على رجل منكم ، قالوا : أنت ، قال : ما أنا بفاعل .
فاصطلح الناس على خالد بن الوليد ، فلما أخذ الراية دافع القوم ثم انحاز حتى انصرف فلما أصيبوا ، قال [ ص: 160 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بها حتى قتل شهيدا ، ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى قتل شهيدا " .
ثم صمت النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى تغيرت وجوه الأنصار ، وظنوا أنه كان في عبد الله بن رواحة بعض ما يكرهونه قال : " ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل بها حتى قتل شهيدا " .
ثم قال : " لقد رفعوا إلي في الجنة - فيما يرى النائم - على سرر من ذهب ، فرأيت في سرير عبد الله بن رواحة ازورارا عن سريري صاحبيه ، فقلت : بم هذا ؟ فقيل لي : مضيا ، وتردد عبد الله بن رواحة بعض التردد ومضى " . رواه الطبراني ، ورجاله ثقات .


