فإذا أناس قيام يسألونه عن التفسير ، يقولون : يا أبا عباس ، ما تقول في كذا وكذا ، فيقول : هو كذا وكذا . فقال له نافع بن الأزرق : [ ص: 304 ] ما أجرأك يا على ما تخبر به منذ اليوم ! . فقال له ابن عباس : ثكلتك أمك يا ابن عباس نافع وعدمتك ، ألا أخبرك من هو أجرأ مني ؟ قال : من هو يا ؟ قال : ابن عباس . رجل تكلم بما ليس له به علم ، أو كتم علما عنده
قال : صدقت يا ، أتيتك لأسألك ، قال : هات يا ابن عباس ابن الأزرق فسل . قال : فأخبرني عن قول الله عز وجل : يرسل عليكما شواظ من نار ، ما الشواظ ؟ قال : اللهب الذي لا دخان فيه .
قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول : أمية بن أبي الصلت
ألا من مبلغ حسان عني مغلغلة تدب إلى عكاظ أليس أبوك قينا كان فينا
إلى الفتيات فسلا في الحفاظ يمانيا يظل يشب كيرا
وينفخ دائبا لهب الشواظ
قال : صدقت ، فأخبرني عن ونحاس فلا تنتصران ، ما النحاس ؟ قال : الدخان الذي لا لهب فيه ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قوله : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، قال : أما سمعت نابغة بني ذبيان يقول :
يضيء كضوء سراج السليـ ـط لم يجعل الله فيه نحاسا
قال : صدقت ، فأخبرني عن أمشاج نبتليه ، قال : ماء الرجل ، وماء المرأة إذا اجتمعا في الرحم كانا مشجا . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم أما سمعت قول أبي ذؤيب الهذلي وهو يقول :
كأن النصل والفوقين فيه خلاف الريش سيط به مشيج
قال : صدقت ، فأخبرني عن والتفت الساق بالساق ، ما الساق بالساق ؟ قال : الحرب . قال : هل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أبي ذؤيب .
أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا
قال : صدقت ، فأخبرني عن بنين وحفدة ، وما البنون والحفدة ؟ [ ص: 305 ] قال : أما بنوك فإنهم يغاطونك ، وأما حفدتك فإنهم خدمك ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول : أمية بن أبي الصلت
حفد الولائد حولهن وألقيت بأكفهن أزمة الأحمال
قال : صدقت ، فأخبرني عن إنما أنت من المسحرين ، قال : من المخلوقين . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت الثقفي وهو يقول :
فإن تسألينا مم نحن فإننا عصافير من هذا الأنام المسحر
قال : صدقت ، فأخبرني عن فنبذناه في اليم وهو مليم ، ما المليم ؟ قال : المذنب . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول وهو يقول : أمية بن أبي الصلت
من الآفات لست لها بأهل ولكن المسيء هو المليم
قال : صدقت ، فأخبرني عن قل أعوذ برب الفلق ، ما الفلق ؟ قال : ضوء الصبح . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول لبيد بن ربيعة وهو يقول :
الفارج الهم مبذول عساكره كما يفرج ضوء الظلمة الفلق
قال : صدقت ، فأخبرني عن لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ، ما الأساة ؟ قال : لا تحزنوا . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول لبيد بن ربيعة :
قليل الأسى فيما أتى الدهر دونه كريم الثنا حلو الشمائل معجب
قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل : إنه ظن أن لن يحور ، ما يحور ؟ قال : يرجع . قال : هل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول لبيد بن ربيعة :
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه يحور رمادا بعد إذ هو ساطع
[ ص: 306 ] قال : صدقت ، فأخبرني عن يطوفون بينها وبين حميم آن ، ما الآن ؟ قال : الذي قد انتهى حره . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول نابغة بني ذبيان :
فإن يقبض عليك أبو قبيس تحط بك المنية في هوان
وتخضب لحية غدرت وخانت بأحمر من نجيع الجوف آن
قال : صدقت ، فأخبرني عن فأصبحت كالصريم ، ما الصريم ؟ قال : الليل المظلم . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول نابغة بني ذبيان :
لا تزجروا مكفهرا لا كفاء له كالليل يخلط أصراما بأصرام
قال : صدقت ، فأخبرني عن إلى غسق الليل ، ما غسق الليل ؟ قال : إذا أظلم . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت النابغة وهو يقول :
كأنما جد ما قالوا وما وعدوا آل تضمنه من دامس غسق
قال : صدقت ، فأخبرني عن وكان الله على كل شيء مقيتا ، ما المقيت ؟ قال : قادر . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول امرئ القيس :
وذي ضغن كففت الضغن عنه وإني في مساءته مقيت
قال : صدقت ، فأخبرني عن والليل إذا عسعس ، فقال : إقبال سواده . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول امرئ القيس :
عسعس حتى لو يشا كا ن له من ضوئه قبس
[ ص: 307 ] قال : صدقت ، فأخبرني عن وأنا به زعيم ، قال : الزعيم : الكفيل . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول امرئ القيس :
وإني زعيم إن رجعت مملكا بسير ترى منه الفرانق أزورا
قال : صدقت ، فأخبرني عن وفومها ، ما الفوم ؟ قال : الحنطة . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أبي ذؤيب الهذلي :
قد كنت أحسبني كأغنى وافد قدم المدينة عن زراعة فوم
قال : صدقت ، فأخبرني عن والأزلام ، ما الأزلام ؟ قال : القداح . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الحطيئة :
لا يزجر الطير إن مرت به سنحا ولا يقام له قدح بأزلام
قال : صدقت ، فأخبرني عن وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة ، قال : أصحاب الشمال . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول زهير بن أبي سلمى حيث يقول :
نزل الشيب بالشمال قريبا والمرورات دانيا وحقيرا
قال : صدقت ، فأخبرني عن وإذا البحار سجرت . قال : اختلط ماؤها بماء الأرض . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول زهير بن أبي سلمى :
لقد عرفت ربيعة في جذام وكعب خالها وابنا ضرار
لقد نازعتهم حسبا قديما وقد سجرت بحارهم بحاري
قال : صدقت ، فأخبرني عن والسماء ذات الحبك ، ما الحبك ؟ قال : الطرائق . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد [ ص: 308 ] صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول زهير بن أبي سلمى :
مكلل بأصول النجم تنسجه ريح الشمال لضاحي ما به حبك
قال : صدقت ، فأخبرني عن وأنه تعالى جد ربنا . قال : ارتفعت عظمة ربنا ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول طرفة بن العبد للنعمان بن المنذر :
إلى ملك يضرب الدارعين لم ينقص الشيب منه قبالا
أترفع جدك إني امرؤ سقتني الأعادي سجالا سجالا
قال : صدقت فأخبرني عن حتى تكون حرضا . قال : الحرض : البالي . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول طرفة بن العبد :
أمن ذكر ليلى إن نأت غربة بها أعد حريضا للكراء محرم
قال : صدقت ، فأخبرني عن وأنتم سامدون . قال : لاهون . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول هزيلة بنت بكر تبكي عادا :
بعثت عاد لقيما وأتى سعد شريدا
قيل قم فانظر إليهم ثم دع عنك السمودا
قال : صدقت فأخبرني عن إذا اتسق ، ما اتساقه ؟ قال : إذا اجتمع . قال : فهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أبي صرمة الأنصاري :
إن لنا قلائصا نقائقا مستوسقات لو تجدن سائقا
قال : صدقت ، فأخبرني عن الصمد ، أما الأحد فقد عرفناه ، فما الصمد ؟ قال : الذي يصمد إليه في الأمور كلها ، قال : فهل كانت العرب تعرف ذلك قبل [ ص: 309 ] أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت بقول الأسدية :
ألا بكر الناعي بخير بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد
قال : صدقت ، فأخبرني عن يلق أثاما ، ما الأثام ؟ قال : جزاء . قال : فهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول بشر بن أبي خازم الأسدي :
وإن مقامنا يدعو عليهم بأبطح ذي المجاز له أثام
قال : صدقت ، فأخبرني عن وهو كظيم . قال : الساكت . قال : فهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول زهير بن خزيمة العبسي :
فإن يك كاظما بمصاب شاس فإني اليوم منطلق اللسان
قال : صدقت ، فأخبرني عن أو تسمع لهم ركزا ، ما الركز ؟ قال : صوتا . قال : فهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول خراش بن زهير :
فإن سمعتم بخيل هابط شرفا أو بطن قو فأخفوا الركز واكتتموا
قال : صدقت ، فأخبرني عن إذ تحسونهم بإذنه . قال : إذ تقتلونهم بإذنه . قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على قول الله عز وجل : محمد ، صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول عتبة الليثي :
نحسهم بالبيض حتى كأننا نفلق منهم بالجماجم حنظلا
قال : صدقت ، فأخبرني عن ياأيها النبي إذا طلقتم النساء ، هل كان الطلاق يعرف في الجاهلية ؟ قال : نعم ، طلاقا بائنا ثلاثا ، أما سمعت قول قول الله عز وجل : أعشى بني قيس بن ثعلبة ، حين أخذه أختانه غيرة ، فقالوا : إنك قد أضررت بصاحبتنا ، وإنا نقسم بالله أن لا نضع العصا عنك أو تطلقها ، فلما رأى الجد منهم ، وأنهم فاعلون به شرا ، قال :
أجارتنا بيني فإنك طالقه كذاك أمور الناس غاد وطارقه
فقالوا : والله لتبينن لها الطلاق أو لا نضع العصا عنك ، فقال :
فبيني فإن البين خير من العصا وأن لا تزالي فوق رأسك طارقه
رواه ، وفيه الطبراني جويبر ، وهو متروك .