12082 - وعن إياد بن الوليد قال : كتب عبد الله بن الزبير إلى في البيعة ، فأبى أن يبايعه ، فظن ابن عباس أنه إنما امتنع عليه لمكانه ، فكتب يزيد بن معاوية : [ ابن عباس ] أما بعد ، إنه بلغني أن الملحد يزيد بن معاوية ابن الزبير دعاك إلى بيعته ليدخلك في طاعته فتكون على الباطل ظهيرا ، وفي المأثم شريكا ، فامتنعت عليه ، وانقبضت لما عرفك الله في نفسك من حقنا أهل البيت ، فجزاك الله أفضل ما جزى الواصلين عن أرحامهم الموفين بعهودهم ، ومهما أنسى من الأشياء فلن أنسى برك وصلتك ، وحسن جائزتك التي أنت أهلها في الطاعة ، والشرف ، والقرابة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانظر من قبلك من قومك ومن يطرأ عليك من أهل الآفاق ممن يسحره ابن الزبير بلسانه ، وزخرف قوله ، فخذلهم عنه ، فإنهم لك أطوع ، ومنك أسمع منهم للملحد ، والخارق المارق ، والسلام .
فكتب إليه : أما بعد ، فقد جاءني كتابك ، تذكر فيه دعاء ابن عباس ابن الزبير إياي للذي [ ص: 251 ] دعاني إليه ، وأني امتنعت عليه معرفة لحقك ، فإن يكن ذلك كذلك فلست برك أرجو بذلك ، ولكن الله بما أنوي به عليم .
وكتبت إلي أن أحث الناس عليك وأخذلهم عن ابن الزبير ، فلا ولا سرور ولا حبور ، بفيك الكثكث ، ولك الأثلب ، إنك العازب إن منتك نفسك ، وإنك لأنت المفقود المثبور .
وكتبت إلي بتعجيل بري وصلتي ، فاحبس أيها الإنسان عني برك وصلتك ، فإني حابس عنك ودي ونصرتي ، ولعمري ما تعطينا مما في يدك لنا إلا القليل وتحبس منه الطويل العريض ، لا أبا لك ، أتراني أنسى قتلك حسينا وفتيان بني عبد المطلب مصابيح الدجى ونجوم الأعلام ، وغادرتهم خيولك بأمرك فأصبحوا مصرعين في صعيد واحد ، مزملين بالدماء ، مسلوبين بالعراء ، لا مكفنين ولا موسدين ، تسفيهم الرياح ، وتغزوهم الذئاب ، وتنتابهم عرج الضباع ، حتى أتاح الله لهم قوما لم يشركوا في دمائهم فكفنوهم وأجنوهم ، وبهم والله وبي من الله عليك ، فجلست في مجلسك الذي أنت فيه ، ومهما أنسى من الأشياء فلست أنسى تسليطك عليهم الدعي ابن الدعي الذي كان للعاهرة الفاجرة ، البعيد رحما ، اللئيم أبا وأما ، الذي اكتسب أبوك في ادعائه له العار والمأثم والمذلة والخزي في الدنيا والآخرة ، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " " . وإن أباك يزعم أن الولد لغير الفراش ولا يضير العاهر ، ويلحق به ولده كما يلحق ولد البغي الرشيد ، الولد للفراش وللعاهر الحجر . ومهما أنس من الأشياء فلست أنسى تسييرك ولقد أمات أبوك السنة جهلا ، وأحيا الأحداث المضلة عمدا حسينا من حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حرم الله ، وتسييرك إليه الرجال ، وادساسك إليهم أن يدريكم ، فعالجوه فما زلت بذلك وكذلك حتى أخرجته من مكة إلى أرض الكوفة ، تزأر به إليه خيلك وجنودك زئير الأسد ، عداوة منك لله ولرسوله ولأهل بيته ، ثم كتبت إلى ابن مرجانة يستقبله بالخيل والرجال والأسنة والسيوف ، ثم كتبت إليه بمعالجته وترك مطاولته حتى قتلته ومن معه من فتيان بني عبد المطلب أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، نحن كذلك لا كآبائك [ الأجلاف ] الجفاة أكباد الحمير ، ولقد علمت أنه كان أعز أهل البطحاء بالبطحاء قديما وأعزه بها [ ص: 252 ] حديثا ، لوثوا الحرمين مقاما ، واستحل بها قتالا ، ولكنه كره أن يكون هو الذي يستحل [ به ] حرم الله وحرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحرمة البيت الحرام ، [ فطلب إليكم الحسين الموادعة وسألكم الرجعة فاغتنمتم ] قلة أنصاره واستئصال أهل بيته ، كأنكم تقتلون أهل بيت من الترك أو كابل .
وكيف تجدني على ودك ، وتطلب نصري ، وقد قتلت بني أبي ، وسيفك يقطر من دمي ، وأنت تطلب ثأري ، فإن شاء الله لا يطل إليك دمي ، ولا تسبقني بثأري ، وإن تسبقنا به فقبلنا ما قتلت النبيون [ وآل النبيين ] ، فطلب دماءهم في الدماء ، وكان الموعد الله ، وكفى بالله للمظلومين ناصرا من الظالمين منتقما . والعجب كل العجب ما عشت يريك الدهر العجب ، حملك بنات عبد المطلب ، وحملك أبناءهم أغيلمة صغارا إليك بالشام ، تري الناس أنك قد قهرتنا وأنك تذلنا ، وبهم والله وبي من الله عليك وعلى أبيك وأمك من السباء ، وايم الله إنك لتصبح وتمسي آمنا لجراح يدي وليعظمن جرحك بلساني وبناني ونقضي وإبرامي ، لا يستغرنك الجدل ، فلن يمهلك الله بعد قتلك عترة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا قليلا حتى يأخذك الله أخذا أليما ، ويخرجك من الدنيا آثما مذموما ، فعش لا أبا لك ما شئت فقد أرداك عند الله ما اقترفت .
لما قرأ يزيد الرسالة قال : لقد كان منصبا على الشر . ابن عباس
رواه ، وفيه جماعة لم أعرفهم . الطبراني