14547 وعن : أن عبد الملك بن عمير محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام استأذن على فأذن له ، فدخل وسلم ، وأمر برجلين مما يلي السرير أن يوسعا له ، فأوسعا له فجلس ، فقال له الحجاج بن يوسف الحجاج : لله أبوك ! أتعلم حديثا حدثه أبوك عن جدك عبد الملك بن مروان ؟ قال : فأي حديث - رحمك الله - قرب حديث قال : حديث المصريين حين حصروا عبد الله بن سلام عثمان . قال : قد علمت ذلك الحديث .
أقبل عبد الله بن سلام وعثمان محصور ، فانطلق فدخل عليه ، فوسعوا له حتى دخل ، فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، فقال : وعليك السلام ، ما جاء بك يا ؟ قال : قد جئت لأثبت حتى أستشهد أو يفتح الله لك ، ولا أرى هؤلاء القوم إلا قاتلوك ; فإن يقتلوك فذاك خير لك وشر لهم . فقال عبد الله بن سلام عثمان : أسألك بالذي لي عليك من الحق لما خرجت إليهم ، خير يسوقه الله بك ، وشر يدفعه بك الله . فسمع وأطاع ، فخرج عليهم فلما رأوه اجتمعوا ، وظنوا أنه قد جاءهم ببعض ما يسرون به ، فقام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإن الله - عز وجل - بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بشيرا ونذيرا ; يبشر بالجنة من أطاعه وينذر بالنار من عصاه ، وأظهر من اتبعه على الدين كله ولو كره المشركون ، ثم اختار له المشركون . ثم اختار له المساكن ; فاختار له المدينة فجعلها دار الهجرة وجعلها دار الإيمان ، فوالله ما زالت الملائكة حافين بالمدينة مذ قدمها رسول الله [ ص: 93 ] - صلى الله عليه وسلم - إلى اليوم ، وما زال سيف الله مغمودا عنكم مذ قدمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليوم .
ثم قال : إن الله بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالحق ; فمن اهتدى فإنما يهتدي بهدى الله ، ومن ضل فإنما يضل بعد البيان والحجة ، ، فلا تعجلوا على هذا الشيخ بقتل ; فوالله لا يقتله رجل منكم إلا لقي الله يوم القيامة ويده مقطوعة مشلولة ، واعلموا أنه ليس لولد على والد حق إلا ولهذا الشيخ عليكم مثله . وإنه لم يقتل نبي فيما مضى إلا قتل به سبعون ألف مقاتل كلهم يقتل به ، ولا قتل خليفة قط إلا قتل به خمسة وثلاثون ألف مقاتل كلهم يقتل به
قال : فقالوا : كذبت اليهود ، كذبت اليهود . فقال : كذبتم والله وأنتم آثمون ما أنا بيهودي ، وإني لأحد المسلمين يعلم الله بذلك ورسوله والمؤمنون ، وقد أنزل الله في القرآن : ( قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ) ، وقد أنزل الآية الأخرى : ( قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم ) . قال : فقاموا ، فدخلوا على عثمان فذبحوه كما يذبح الحلان .
قال شعيب : فقلت لعبد الملك بن عمير : ما الحلان ؟ قال : الحمل .
قال : وقد قال عثمان لكثير بن الصلت : يا كثير ، أنا والله مقتول غدا قال : بل يعلي الله كعبك ، ويكبت عدوك . قال : ثم أعادها الثالثة فقال مثل ذلك قال : ثم يقول يا أمير المؤمنين قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه أبو بكر وعمر ، فقال لي : " عثمان ، أنت عندنا غدا ، وأنت مقتول غدا " . فأنا والله مقتول قال : فقتل ، فخرج يا إلى القوم قبل أن يتفرقوا ، فقال : يا عبد الله بن سلام أهل مصر ، يا قتلة عثمان ، قتلتم أمير المؤمنين ; أما والله لا يزال عهد منكوث ، ودم مسفوح ، ومال مقسوم لا سقيتم .
رواه ، ورجاله ثقات . الطبراني