الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            14413 وعن أسلم - مولى عمر - قال : قال عمر بن الخطاب : أتحبون أن أعلمكم أول إسلامي ؟ قال : قلنا : نعم . قال : كنت أشد الناس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبينا أنا في يوم شديد الحر في بعض طرق مكة إذ رآني رجل من قريش ، فقال : أين تذهب يا ابن الخطاب ؟ قلت : أريد هذا الرجل . قال : يا ابن الخطاب قد دخل هذا الأمر في منزلك وأنت تقول هذا ؟ قلت : وما ذاك ؟ فقال : إن أختك قد ذهبت إليه . قال : فرجعت مغضبا حتى قرعت عليها الباب ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أسلم بعض من لا شيء له ضم الرجل والرجلين إلى الرجل ينفق عليه . قال : وكان ضم رجلين من أصحابه إلى زوج أختي . قال : فقرعت الباب ، فقيل لي : من هذا ؟ قلت : عمر بن الخطاب . وقد كانوا يقرءون كتابا في أيديهم ، فلما سمعوا صوتي قاموا حتى اختبئوا في مكان وتركوا الكتاب ، فلما فتحت لي أختي الباب قلت : أيا عدوة نفسها صبوت ؟ قال : وأرفع شيئا فأضرب به على رأسها ، فبكت المرأة ، وقالت : يا ابن الخطاب اصنع ما كنت صانعا فقد أسلمت ، فذهبت وجلست على السرير ، فإذا بصحيفة وسط الباب ، فقلت : ما هذه الصحيفة هاهنا ؟ فقالت لي : دعنا عنك يا ابن الخطاب ; فإنك لا تغتسل من الجنابة ولا تتطهر ، وهذا لا يمسه إلا المطهرون . فما زلت بها حتى أعطتنيها فإذا فيها بسم الله الرحمن الرحيم قال : فلما قرأت الرحمن الرحيم تذكرت من أين اشتق ، ثم رجعت إلى نفسي فقرأت : ( سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ) حتى بلغ : ( آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه ) قال : قلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله . فخرج القوم متبادرين ، فكبروا واستبشروا بذلك ، ثم قالوا لي : أبشر يا ابن الخطاب ; فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا يوم الاثنين فقال : " اللهم أعز الدين بأحب الرجلين إليك : عمر بن الخطاب ، وأبي جهل بن هشام " . وإنا نرجو أن تكون دعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 64 ] لك . فقلت : دلوني على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أين هو ؟ . فلما عرفوا الصدق ، دلوني عليه في المنزل الذي هو فيه . فجئت حتى قرعت الباب ، فقالوا : من هذا ؟ قلت : عمر بن الخطاب ، وقد علموا شدتي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يعلموا بإسلامي ، فما اجترأ أحد منهم أن يفتح لي حتى قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " افتحوا له ; فإن يرد الله به خيرا يهده " . قال : ففتح لي الباب ، فأخذ رجلان بعضدي حتى دنوت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أرسلوه " . فأرسلوني فجلست بين يديه ، فأخذ بمجامع قميصي ، ثم قال : " أسلم يا ابن الخطاب ، اللهم اهده " . فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله . قال : فكبر المسلمون تكبيرة سمعت في طرق مكة . وقد كانوا سبعين قبل ذلك ، وكان الرجل إذا أسلم فعلموا به الناس يضربونه ويضربهم .

                                                                                            قال : فجئت إلى رجل فقرعت عليه الباب ، فقال : من هذا ؟ قلت : عمر بن الخطاب . فخرج إلي ، قلت له : أعلمت أني قد صبوت ؟ قال : أوقد فعلت ؟ قلت : نعم . فقال : لا تفعل . قال : ودخل البيت فأجاف الباب دوني . قال : فذهبت إلى آخر من قريش ، فناديته فخرج ، فقلت له : أعلمت أني قد صبوت ؟ قال : وفعلت ؟ قلت : نعم . قال : لا تفعل ، ودخل البيت ، وأجاف الباب دوني . فقلت : ما هذا بشيء . قال : فإذا أنا لا أضرب ولا يقال لي شيء . فقال الرجل : أتحب أن يعلم إسلامك ؟ قلت : نعم قال : إذا جلس الناس في الحجر فائت فلانا فقل له فيما بينك وبينه : أشعرت أني قد صبوت ؟ فإنه قلما يكتم الشيء ، فجئت إليه وقد اجتمع الناس في الحجر ، فقلت له فيما بيني وبينه : أشعرت أني قد صبوت ؟ قال : فقال : أفعلت ؟ قال : قلت : نعم قال : فنادى بأعلى صوته : ألا إن عمر قد صبا . قال : فثار إلي أولئك الناس ، فما زالوا يضربوني وأضربهم حتى أتى خالي ، فقيل له : إن عمر قد صبا ، فقام على الحجر فنادى بأعلى صوته : ألا إني قد أجرت ابن أختي فلا يمسه أحد . قال : فانكشفوا عني ، فكنت لا أشاء أن أرى أحدا من المسلمين يضرب إلا رأيته ، فقلت : ما هذا بشيء إن الناس يضربون ولا أضرب ، ولا يقال لي شيء . فلما جلس الناس في الحجر جئت إلى خالي ، فقلت : اسمع ، جوارك عليك رد ، فقال : لا تفعل ، فأبيت ، فما زلت أضرب وأضرب حتى أظهر الله الإسلام . .

                                                                                            رواه البزار ، وفيه أسامة بن زيد بن أسلم ، وهو [ ص: 65 ] ضعيف .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية