16006 - وعن قال : وائل بن حجر المدينة ، فلقيت أصحابه قبل لقائه ، فقالوا : بشرنا بك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قبل أن تقدم علينا بثلاثة أيام ، فقال : " " . ثم لقيته - عليه السلام - فرحب بي ، وأدنى مجلسي وبسط لي رداءه فأجلسني وائل بن حجر عليه ، ثم دعا في الناس فاجتمعوا إليه ، ثم اطلع المنبر وأطلعني معه وأنا دونه ، ثم حمد الله وقال : " يا أيها الناس ، هذا قد جاءكم أتاكم من بلاد بعيدة من بلاد وائل بن حجر حضرموت ، طائعا غير مكره ، بقية أبناء الملوك ، بارك الله فيك يا حجر وفي ولدك " . ثم نزل وأنزلني منزلا شاسعا عن المدينة ، وأمر أن يبوئني إياه ، فخرجت وخرج معي حتى إذا كنا ببعض الطريق قال : يا معاوية بن أبي سفيان وائل ، إن الرمضاء قد أصابت بطن قدمي فأردفني خلفك ، فقلت : ما أضن عليك بهذه الناقة ، ولكن لست من أرداف الملوك وأكره أن أعير بك قال : فألق إلي حذاءك أتوقى به من حر الشمس ، قلت : ما أضن عليك بهاتين الجلدتين ، ولكن لست ممن يلبس لباس الملوك وأكره أن أعير بك . فلما أردت الرجوع إلى قومي أمر لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكتب ثلاثة : منها كتاب لي خالص يفضلني فيه على قومي ، وكتاب لي ولأهل بيتي بأموالنا هناك ، وكتاب لي ولقومي .
وفي كتابي الخالص : " بسم الله ، من محمد رسول الله إلى المهاجر بن أبي أمية ، إن وائلا يستسقى ويترفل على الأقيال حيث كانوا من حضرموت " .
وفي كتابي الذي لي ولأهل بيتي : " بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى المهاجر بن أبي أمية لأبناء معشر وأبناء ضمعاج أقيال شنوءة ، بما كان لهم فيها من ملوك ومزاهر وعمران بحر وملح ومحجر ، وما كان لهم من مال اترثوه [وماء ينابعت ] وما كان لهم [ ص: 375 ] فيها من مال بحضرموت أعلاها وأسفلها ، مني الذمة والجوار ، الله لهم جار ، والمؤمنون على ذلك أنصار " .
وفي الكتاب الذي لي ولقومي : " بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى والأقوال العياهلة من وائل بن حجر حضرموت ، بإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة من الصرمة التيعة ولصاحبها الثيمة ، لا جلب ولا جنب ، ولا شغار ولا وراط في الإسلام . لكل عشرة من السرايا ما يحمل القراب من التمر ، من أحيا فقد أربى ، وكل مسكر حرام " .
فلما ملك معاوية بعث رجلا من قريش يقال له : ، فقال له : ضممت إليك الناحية فاخرج بجيشك ، فإذا خلفت أفواه بسر بن أبي أرطاة الشام فضع سيفك ، فاقتل من أبى بيعتي حتى تصير إلى المدينة ، ثم ادخل المدينة فاقتل من أبى بيعتي ، وإن أصبت حيا فائتني به ، ففعل وأصاب وائل بن حجر وائلا حيا فجاء به إليه ، فأمر معاوية أن يتلقى ، وأذن له فأجلسه معه على سريره ، فقال له معاوية : أسريري هذا أفضل أم ظهر ناقتك ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ، كنت حديث عهد بجاهلية وكفر ، وكانت تلك سيرة الجاهلية ، فقد أتانا الله بالإسلام فستر الإسلام ما فعلت . قال : فما منعك من نصرنا وقد اتخذك عثمان ثقة وصهرا ؟ قلت : إنك قاتلت رجلا هو أحق بعثمان منك قال : وكيف يكون أحق بعثمان مني وأنا أقرب إلى عثمان في النسب ؟ قلت : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان آخى بين علي وعثمان ؛ فالأخ أولى من ابن العم ، ولست أقاتل المهاجرين قال : أولسنا مهاجرين ؟ قلت : أولسنا قد اعتزلناكما جميعا ؟ وحجة أخرى : حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد رفع رأسه نحو المشرق وقد حضره جمع كثير ، ثم رد إليه بصره ، فقال : " أتتكم الفتن كقطع الليل المظلم " . فشدد أمرها وعجله وقبحه ، فقلت له من بين القوم : يا رسول الله ، وما الفتن ؟ قال : " يا وائل ، إذا اختلف سيفان في الإسلام فاعتزلهما " . فقال : أصبحت شيعيا ؟ فقلت : لا ، ولكني أصبحت ناصحا للمسلمين ، فقال معاوية : لو سمعت ذا وعلمته ما أقدمتك ، قلت : أوليس قد رأيت ما صنع محمد بن مسلمة عند مقتل عثمان ؟ انتهى بسيفه إلى صخرة فضربه حتى انكسر ، فقال : أولئك قوم يحملون [ علينا ] . قلت : فكيف نصنع بقول رسول الله [ ص: 376 ] - صلى الله عليه وسلم - : " من أحب الأنصار فبحبي أحبهم ، ومن أبغض الأنصار فببغضي أبغضهم " ؟ .
فقال : اختر أي البلاد شئت ؛ فإنك لست براجع إلى حضرموت ، فقلت : عشيرتي بالشام وأهل بيتي بالكوفة ، فقال : رجل من أهل بيتك من عشرة من عشيرتك ، فقلت : ما رجعت إلى حضرموت سرورا بها ، وما ينبغي للمهاجر أن يرجع إلى الموضع الذي هاجر منه إلا من علة قال : وما علتك ؟ قلت : قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الفتن ، فحيث اختلفتم اعتزلناكم ، وحيث اجتمعتم جئناكم ، فهذه العلة .
فقال : إني قد وليتك الكوفة فسر إليها ، فقلت : ما ألي بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأحد أما رأيت أبا بكر أرادني فأبيت ؟ وأرادني عمر فأبيت ، وأرادني عثمان فأبيت ، ولم أترك بيعتهم .
[ قد ] جاءني كتاب أبي بكر حيث ارتد أهل ناحيتنا ، فقمت فيهم حتى ردهم الله إلى الإسلام بغير ولاية ، فدعا عبد الرحمن بن أم الحكم ، فقال : سر فقد وليتك الكوفة ، وسر بوائل فأكرمه واقض حوائجه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أسأت بي الظن ؛ تأمرني بإكرام من قد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكرمه ، وأبا بكر وعمر وعثمان وأنت ؟ فسر معاوية بذلك منه ، فقدمت معه الكوفة فلم يلبث أن مات .
قال محمد بن حجر : الوراط : القمار . والأقوال : الملوك . والعياهل : العظماء . لما بلغنا ظهور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرجت وافدا عن قومي حتى قدمت
رواه في الصغير والكبير ، وفيه الطبراني محمد بن حجر ، وهو ضعيف .