الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( وإذا ) ( أصاب الخف نجاسة لها جرم كالروث والعذرة والدم والمني فجف فدلكه بالأرض ) ( جاز ) وهذا استحسان ( وقال محمد رحمه الله : لا يجوز ) وهو القياس ( إلا في المني خاصة ) لأن المتداخل في الخف لا يزيله الجفاف والدلك ، بخلاف المني على ما نذكره .

                                                                                                        ولهما قوله عليه الصلاة والسلام : " { فإن كان بهما أذى فليمسحهما بالأرض ، فإن الأرض لهما طهور }; ولأن الجلد لصلابته لا تتداخله أجزاء النجاسة إلا قليلا ، ثم يجتذبه الجرم إذا جف ، فإذا زال زال ما قام به .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثاني : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " فإن كان بهما أذى فليمسحهما بالأرض ، فإن [ ص: 298 ] الأرض لهما طهور " قلت : روي من حديث أبي هريرة ، ومن حديث الخدري ، ومن حديث عائشة .

                                                                                                        أما حديث أبي هريرة ، فرواه أبو داود من طريقين : أحدهما : عن محمد بن كثير الصنعاني عن الأوزاعي عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا { وطئ أحدكم الأذى بخفيه فطهورهما التراب }" انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع السادس والستين ، من القسم الثالث ، والحاكم في " المستدرك " وقال : حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه انتهى .

                                                                                                        قال النووي في " الخلاصة " : رواه أبو داود بإسناد صحيح انتهى .

                                                                                                        وقال ابن القطان في " كتابه " : هذا حديث رواه أبو داود من طريق لا يظن بها الصحة ، فإنه رواه من حديث محمد بن كثير عن الأوزاعي به ، ومحمد بن كثير " الصنعاني الأصل ، المصيصي الدار " أبو يوسف ضعيف ، وأضعف ما هو عن [ ص: 299 ] الأوزاعي . قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : قال أبي : هو منكر الحديث ، يروي أشياء منكرة .

                                                                                                        وقال صالح بن أحمد بن حنبل : قال أبي : هو عندي ليس ثقة انتهى كلامه . الطريق الثاني : عن عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي ، قال : أنبئت أن سعيدا المقبري حدث عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " { إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور }انتهى .

                                                                                                        قال المنذري في " مختصره " : الأول : فيه محمد بن عجلان ، وفيه مقال لم يحتجا به . والثاني : فيه مجهول انتهى .

                                                                                                        وأما حديث الخدري ، فرواه أبو داود في " الصلاة " عن موسى بن إسماعيل عن حماد بن زيد عن أبي نعامة السعدي عن أبي نضرة عن الخدري ، قال : { بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره ، فلما رأى القوم ذلك ألقوا نعالهم ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته ، قال : ما حملكم على إلقائكم نعالكم ؟ قالوا : رأيناك ألقيت نعليك ، فألقينا نعالنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن جبرائيل أتاني ، فأخبرني أن فيهما قذرا . وقال : إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر ، فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى ، فليمسحه ، وليصل فيهما }. ورواه ابن حبان أيضا في " صحيحه " في النوع الثامن والسبعين ، من القسم الأول ، إلا أنه لم يقل فيه : " وليصل فيهما " ، ورواه عبد بن حميد ، وإسحاق بن راهويه ، وأبو يعلى الموصلي في " مسانيدهم " بنحو أبي داود .

                                                                                                        وأما حديث عائشة ، فرواه أبو داود أيضا عن محمد بن الوليد أخبرني سعيد بن أبي سعيد عن القعقاع بن حكيم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه ، ولم يذكر لفظه . ورواه ابن عدي في " الكامل " عن عبد الله بن زياد بن سمعان القرشي مولى أم سلمة عن سعيد المقبري عن القعقاع بن حكيم عن أبيه عن { عائشة ، قالت : سألت النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 300 ] الرجل يطأ بنعليه في الأذى ، قال : التراب لهما طهور }انتهى .

                                                                                                        وضعف عبد الله هذا عن البخاري ، ومالك ، وأحمد ، وابن معين ، ووافقهم ، وقال : الضعف على حديثه بين . ورواه ابن الجوزي في " العلل المتناهية " من طريق الدارقطني بسنده إلى ابن سمعان به ، وقال : قال الدارقطني : مدار الحديث على ابن سمعان ، وهو ضعيف ، قال ابن الجوزي : قال مالك : هو كذاب ، وقال أحمد متروك : الحديث انتهى كلامه .




                                                                                                        الخدمات العلمية