الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 386 - 387 ] ( والأفضل للمؤذن أن يجعل أصبعيه في أذنيه ) بذلك أمر النبي عليه الصلاة والسلام بلالا رضي الله عنه ، ولأنه أبلغ في الإعلام ( فإن لم يفعل فحسن ) ; لأنها ليست بسنة أصلية . [ ص: 388 ] ( والتثويب في الفجر : حي على الصلاة حي على الفلاح مرتين بين الأذان والإقامة حسن ) لأنه وقت نوم وغفلة ( وكره في سائر الصلوات ) ومعناه العود إلى الإعلام بعد الإعلام ، وهو على حسب ما تعارفوه ، وهذا التثويب أحدثه علماء الكوفة بعد عهد الصحابة رضي الله عنهم لتغير أحوال الناس ، وخصوا الفجر به لما ذكرنا ، والمتأخرون استحسنوه في الصلوات كلها لظهور التواني في الأمور الدينية .

                                                                                                        وقال أبو يوسف رحمه الله : لا أرى بأسا أن يقول المؤذن للأمير في الصلوات كلها : السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، الصلاة يرحمك الله ، واستبعده محمد رحمه الله ; لأن الناس سواسية في أمر الجماعة ، وأبو يوسف رحمه الله خصهم بذلك ، لزيادة اشتغالهم بأمور المسلمين ، كي لا تفوتهم الجماعة ، وعلى هذا القاضي والمفتي .

                                                                                                        ( ويجلس بين الأذان والإقامة ، إلا في المغرب ، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله ، وقالا : يجلس في المغرب أيضا جلسة خفيفة ) لأنه لا بد من الفصل ; إذ الوصل مكروه ، ولا يقع الفصل بالسكتة لوجودها بين كلمات الأذان ، فيفصل بالجلسة كما بين الخطبتين ، ولأبي حنيفة رحمه الله أن التأخير مكروه ، فيكتفي بأدنى الفصل احترازا عنه ، والمكان في مسألتنا مختلف ، وكذا النغمة ، فيقع الفصل بالسكتة ، ولا كذلك الخطبة .

                                                                                                        [ ص: 387 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 387 ] الحديث السابع } : روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلالا أن يجعل إصبعيه في أذنيه حين الأذان ، }قلت : أخرجه ابن ماجه في " سننه " عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثني أبي عن أبيه عن جده { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا أن يجعل إصبعيه في أذنيه ، وقال : إنه أرفع لصوتك ، }انتهى .

                                                                                                        وأخرجه الحاكم في " المستدرك في كتاب الفضائل " عن عبد الرحمن بن عمار بن سعد القرظ حدثني أبي عن جدي { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا أن يضع إصبعيه في أذنيه ، وقال : إنه أرفع لصوتك }مختصرا ، وسكت عنه .

                                                                                                        وأخرجه الطبراني في " معجمه " من حديث بلال { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : إذا أذنت فاجعل إصبعيك في أذنيك ، فإنه أرفع لصوتك }انتهى . وأخرج ابن عدي في " الكامل " عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد أخبرني أبي عن أبيه { عن أبي أمامة ، أنه عليه السلام أمر بلالا أن يدخل إصبعيه في أذنيه ، وقال : إنه أرفع لصوتك } ، ذكره في " ترجمة عبد الرحمن " هذا ، ولم يذكره بجرح ولا تعديل ، فهو مجهول عنده وضعفه ابن أبي حاتم ، وقال ابن القطان : عبد الرحمن هذا : وأبوه . وجده كلهم لا يعرف لهم حال انتهى .

                                                                                                        قال القاضي شمس الدين السروجي في " الغاية " روى ابن حيان { أنه عليه السلام أمر بلالا أن يجعل إصبعيه في أذنيه } ، وهذا ليس ابن حبان صاحب " الصحيح " ، وإنما هو ابن حيان " بالياء المثناة " أبو الشيخ الأصبهاني ، رواه في " كتاب الأذان " وهو جزء حديثي ، وأبو حاتم بن حبان " بالباء الموحدة " هو صاحب " الصحيح " وكان عليه أن يبينه ، والله أعلم ، وقد ورد في حديث الرؤيا أن الملك حين أذن وضع إصبعيه في أذنيه ، أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في " كتاب الأذان " عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد الأنصاري ، قال : { اهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم للآذان بالصلاة ، وكان إذا جاء وقت الصلاة صعد رجل يشير بيده فمن رآه جاء . ومن لم يره لم يعلم بالصلاة ، فاهتم لذلك هما شديدا ، فقال له [ ص: 388 ] بعض القوم : يا رسول الله ، لو أمرت بالناقوس ؟ قال : فعل النصارى ، قالوا : فالبوق ؟ قال : فعل اليهود ، قال : فرجعت إلى أهلي ، وأنا مغتم ، لما رأيت من اغتمام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا كان قبيل الفجر رأيت رجلا عليه ثوبان أخضران ، وأنا بين النائم واليقظان ، فقام على سطح المسجد ، فجعل إصبعيه في أذنيه ونادى ، }الحديث ، ويزيد بن أبي زياد متكلم فيه . وعبد الرحمن عن عبد الله بن زيد تقدم قول من قال فيه انقطاع .




                                                                                                        الخدمات العلمية