الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 502 ] ( ثم يرفع رأسه ويقول : سمع الله لمن حمده ، ويقول المؤتم : ربنا لك الحمد ، ولا يقولها الإمام عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى ، وقالا : يقولها في نفسه ) لما روى أبو هريرة رضي الله عنه " { أن النبي عليه الصلاة والسلام [ ص: 503 ] كان يجمع بين الذكرين }" ولأنه حرض غيره فلا ينسى نفسه . ولأبي حنيفة رحمه الله تعالىقوله عليه الصلاة والسلام " { إذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده فقولوا : ربنا لك الحمد }" هذه قسمة ، وإنها تنافي [ ص: 504 ] الشركة ، ولهذا لا يأتي المؤتم ، بالتسميع عندنا ، خلافا للشافعي رحمه الله تعالى ، ولأنه يقع تحميده بعد تحميد المقتدي ، وهو خلاف موضوع الإمامة ، وما رواه محمول على حالة الانفراد ( والمنفرد يجمع بينهما في الأصح ) وإن كان يروى الاكتفاء بالتسميع ، ويروى بالتحميد ، والإمام بالدلالة عليه آت به معنى .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        { الحديث الحادي والعشرون } : روى أبو هريرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الذكرين [ ص: 503 ] يعني سمع الله لمن حمده ، وربنا لك الحمد }" قلت : أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم ، ثم يكبر حين يركع ، ثم يقول : سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركوع ، ثم يقول ، وهو قائم : ربنا ولك الحمد ، ثم يكبر حين يهوي ساجدا } ، الحديث ، وقد تقدم بتمامه ، في حديث : { كان يكبر في كل خفض ورفع } ، وأخرج البخاري أيضا عن أبي هريرة ، قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال : سمع الله لمن حمده ، قال : اللهم ربنا ولك الحمد }" انتهى .

                                                                                                        وأخرج البخاري عن ابن عمر { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه ، وفيه : وكان إذا رفع رأسه من الركوع ، قال : سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد } ، مختصر ، وأخرج مسلم عن عبد الله بن أبي أوفى ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع ، قال : سمع الله لمن حمده ، اللهم ربنا لك الحمد ، ملء السماء والأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد }" انتهى .

                                                                                                        وأخرج مسلم عن علي بن أبي طالب { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر استفتح ، ثم قال : وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ، لا إله إلا أنت ، أنت ربي ، وأنا عبدك ، ظلمت نفسي ، واعترفت بذنبي ، فاغفر لي ذنوبي جميعا ، لا يغفر الذنوب إلا أنت ، واهدني لأحسن الأخلاق ، لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عني سيئها ، لا يصرف سيئها إلا أنت ، تباركت وتعاليت ، أستغفرك وأتوب إليك }" ، وكان إذا ركع ، قال : " { اللهم لك ركعت ، وبك آمنت ، ولك أسلم ، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظامي وعصبي }" ، وإذا رفع رأسه من الركعة ، قال : " { سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد ، ملء السموات والأرض ، وما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد } ، وإذا سجد ، قال : " { اللهم لك سجدت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت ، سجد وجهي للذي خلقه وصوره ، وشق سمعه وبصره ، فتبارك الله أحسن الخالقين }" ، انتهى .

                                                                                                        { الحديث الثاني والعشرون } : قال عليه السلام : " { إذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده ، فقولوا : ربنا لك الحمد }" . قلت : روي من حديث أنس ، ومن حديث أبي هريرة [ ص: 504 ] ومن حديث أبي موسى ، ومن حديث أبي سعيد الخدري . أما حديث أنس ، فرواه الأئمة الستة في " كتبهم " من حديث ابن شهاب الزهري عن أنس ، قال : سقط رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرس فجحش شقه الأيمن ، فدخلنا ، نعوده ، فحضرت الصلاة فصلى بنا قاعدا وقعدنا ، فلما قضى صلاته ، قال : " { إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون }" انتهى .

                                                                                                        وأما حديث أبي هريرة ، فأخرجه الجماعة أيضا إلا ابن ماجه من طريق مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { إذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده فقولوا : ربنا لك الحمد ، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه }" انتهى .

                                                                                                        وأما حديث أبي موسى ، فأخرجه مسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه . وأحمد عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " { إذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده ، فقولوا : ربنا لك الحمد ، يسمع الله لكم }" انتهى .

                                                                                                        وأما حديث الخدري ، فأخرجه الحاكم في " المستدرك " عن سعيد بن المسيب عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { إذا قال الإمام : الله أكبر ، فقولوا : الله أكبر ، وإذا قال : سمع الله لمن حمده ، فقولوا : ربنا لك الحمد }" انتهى .

                                                                                                        وقال : حديث صحيح على شرط البخاري . ومسلم ، ولم يخرجاه انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية