الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 287 - 288 ] ( ويستقبل القبلة بالدعاء ) لما روي { أنه صلى الله عليه وسلم استقبل القبلة وحول رداءه }( ويقلب رداءه ) لما روينا ، قال : وهذا قول محمد رحمه الله ، أما عند أبي حنيفة رحمه الله فلا يقلب رداءه ; لأنه دعاء فيعتبر بسائر الأدعية ، وما رواه كان تفاؤلا ( ولا يقلب القوم أرديتهم ) لأنه لم ينقل أنه أمرهم بذلك ( ولا يحضر أهل الذمة الاستسقاء ) لأنه لاستنزال الرحمة ، وإنما تنزل عليهم اللعنة .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الرابع : روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم استقبل القبلة ، وحول رداءه } ، قلت : تقدم في حديث عبد الله بن زيد : { فاستسقى ، وحول رداءه }. رواه الأئمة الستة ، وفي لفظ للبخاري ومسلم { : وقلب رداءه } ، وللبخاري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، قال { جعل اليمين على الشمال }. وفي لفظ لأحمد في " مسنده " : { وحول رداءه ، فقلبه ظهرا لبطن } ، وعند أبي داود ، قال : { استسقى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه خميصة سوداء ، فأراد أن يأخذ بأسفلها ، فيجعله أعلاها ، فلما ثقلت ، قلبها على عاتقه } ، وزاد أحمد : { وتحول الناس معه }.

                                                                                                        قال الحاكم : على شرط مسلم ، وهذا اللفظ فيه الجمع بين الروايات ، لأن القلب غير التحويل ، ولكن الثوب إذا كان له طرفان ، كالكساء ونحوه ، يمكن فيه الجمع بين القلب ، والتحويل ، والله أعلم . وقول المصنف رحمه الله : [ ص: 289 ] ولا يقلب القوم أرديتهم ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه أنه أمرهم بذلك ، مشكل ; لأن عدم النقل ليس دليلا على عدم الوقوع ، وأيضا فالقوم قد حولوا بحضرته عليه الصلاة والسلام ، ولم ينكر عليهم ، وتقرير الشارع حكم ، كما ورد في " مسند أحمد " في حديث عبد الله بن زيد ، { أنه عليه السلام حول رداءه ، فقلبه ظهرا لبطن ، وتحول الناس معه }.

                                                                                                        فائدة : ذكر العلماء أن تحويل الرداء من النبي صلى الله عليه وسلم كان تفاؤلا ; لأنه انتقال من هيئة إلى هيئة ، وتحول من شيء إلى شيء ; ليكون ذلك علامة لانتقالهم من الجدب إلى الخصب ، وتحولهم من الشدة إلى الرخاء ، قلت : قد جاء ذلك مصرحا به في " مستدرك الحاكم " من حديث جابر ، وصححه ، وفيه : وحول رداءه ; ليتحول القحط ، وكذلك رواه الدارقطني في " سننه " وفي الطوالات للطبراني من حديث أنس ، ولكن قلب رداءه ; لكي ينقلب القحط ، وفي " مسند " إسحاق بن راهويه : لتتحول السنة من الجدب إلى الخصب ، ذكره من قول وكيع .




                                                                                                        الخدمات العلمية