الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( وإن دفن الميت ولم يصل عليه صلي على قبره ) لأن النبي عليه الصلاة والسلام صلى على قبر امرأة من الأنصار ( ويصلى عليه قبل أن يتفسخ ) والمعتبر في معرفة ذلك أكبر الرأي ، هو الصحيح ، لاختلاف الحال والزمان والمكان .

                                                                                                        [ ص: 315 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 315 ] فصل في الصلاة على الميت الحديث السابع : روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر امرأة من الأنصار } ، قلت : روى ابن حبان في " صحيحه " في النوع الأول ، من القسم الرابع ، من { حديث خارجة بن زيد بن ثابت ، عن عمه يزيد بن ثابت ، وكان أكبر من زيد ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما وردنا البقيع إذا هو بقبر ، فسأل عنه ، فقالوا : فلانة ، فعرفها ، فقال : ألا آذنتموني بها ؟ ، قالوا : كنت قائلا صائما ، قال : فلا تفعلوا ، لا أعرفن ما مات منكم ميت ، ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به ، فإن صلاتي عليه رحمة ، قال : ثم أتى القبر ، فصففنا خلفه ، وكبر عليه أربعا }. انتهى ورواه الحاكم في " المستدرك في الفضائل " وسكت عنه ، وأخرج ابن حبان من طريق أحمد بن حنبل ثنا غندر عن [ ص: 316 ] شعبة عن حبيب بن الشهيد عن ثابت عن أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر امرأة قد دفنت ، }انتهى .

                                                                                                        ورواه مالك في " الموطأ " عن ابن شهاب الزهري { عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه أخبره أن مسكينة مرضت ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرضها ، فقال : إذا ماتت فآذنوني بها ، فخرجوا بجنازتها ليلا ، فكرهوا أن يوقظوه ، فلما أصبح أخبر بشأنها ، فقال : ألم آمركم أن تؤذنوني بها ؟ فقالوا : يا رسول الله ، كرهنا أن نخرجك ليلا ، أو نوقظك ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صف بالناس على قبرها ، وكبر أربع تكبيرات } ، انتهى وروى البخاري ، ومسلم من حديث أبي هريرة { أن رجلا أسود كان يقم المسجد ، فمات ، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه ، فقالوا : مات ، قال : أفلا آذنتموني به ، دلوني على قبره ، فأتى قبره فصلى عليه }. انتهى .

                                                                                                        وأخرجه أيضا عن أبي إسحاق الشيباني عن الشعبي ، قال : أخبرني من شهد النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتى على قبر منبوذ ، فصفهم ، فكبر أربعا ، قال الشيباني : من حدثك هذا ؟ قال : ابن عباس . انتهى . قال ابن حبان في " صحيحه " : وقد جعل بعض العلماء الصلاة على القبر من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم ، بدليل ما ورد فيه : " وإني أنورها بصلاتي عليهم " ، وليس كما توهموه ، بدليل أنه عليه السلام صف الناس خلفه ، فلو كان من خصائصه لزجرهم عن ذلك . انتهى وهذا الحديث الذي أشار إليه ، أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة أيضا أن { النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر امرأة أو رجل كان يقم المسجد ، ثم قال : إن هذه القبور مملوءة على أهلها ظلمة ، وإني أنورها بصلاتي عليهم }. انتهى وأخرج الترمذي عن سعيد بن المسيب أن أم سعد " يعني ابن عبادة " ماتت ، والنبي صلى الله عليه وسلم غائب ، فلما قدم صلى عليها ، وقد مضى لذلك شهر ، قال البيهقي : هو مرسل صحيح ، وقد روي موصولا عن ابن عباس ، والمشهور المرسل . انتهى .



                                                                                                        أحاديث وضع الموتى للصلاة : أخرج ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن مسلمة بن مخلد ، قال : كنا بمصر ، فجاءونا برجال ونساء ، فجعلوا لا يدرون كيف يصنعون ، فقال مسلمة : سنتكم في الموت ، سنتكم في الحياة ، قال : فجعلوا النساء مما يلي الإمام ، [ ص: 317 ] والرجال أمام ذلك . انتهى .

                                                                                                        وأخرج عن سالم بن عبد الله بن عمر والقاسم وعطاء بن أبي رباح ، قالوا : النساء مما يلي الإمام ، والرجال مما يلي القبلة . انتهى .

                                                                                                        أحاديث الخصوم : وأخرج ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن أبي هريرة أنه صلى على جنائز رجال ونساء ، فقدم النساء مما يلي القبلة ، والرجال يلون الإمام ، وأخرج عن ابن عمر ، نحوه ، وكذا عن زيد بن ثابت ، وكذا عن عثمان ، وكذا عن واثلة بن الأسقع ، وأخرج عن سعيد بن العاص أنه صلى على أم كلثوم وزيد بن عمر ، فجعل زيدا مما يليه ، وجعل أم كلثوم بين يدي زيد ، وفي الناس الحسن والحسين وآخرون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى .

                                                                                                        وأخرج عن الحارث عن علي ، قال : إذا اجتمعت جنائز الرجال والنساء ، جعل الرجال مما يلي الإمام ، والنساء مما يلي القبلة ، وإذا اجتمع الحر والعبد ، جعل الحر مما يلي الإمام ، والعبد مما يلي القبلة . انتهى وأخرج أبو داود والنسائي عن عمار بن أبي عمار ، قال : شهدت جنازة أم كلثوم وابنها ، فجعل الغلام مما يلي الإمام ، فأنكر ذلك ، وفي القوم ابن عباس وأبو سعيد وأبو قتادة وأبو هريرة ، فقالوا : هذه السنة ، قال النووي رحمه الله : وسنده صحيح ، وفي رواية البيهقي ، وكان في القوم الحسن والحسين وأبو هريرة وابن عمر ونحوا من ثمانين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                        وفي رواية : أن الإمام كان ابن عمر ، وأخرج البيهقي عن نافع أن ابن عمر صلى على تسع جنائز ، رجال ونساء ، فجعل الرجال مما يلي الإمام ، وجعل النساء مما يلي القبلة ، وصفهم صفا واحدا ، ووضعت جنازة أم كلثوم بنت علي ، وهي امرأة عمر بن الخطاب وابن لها يقال له : زيد بن عمر ، والإمام يومئذ سعيد بن العاص ، وفي الناس يومئذ ابن عباس وأبو هريرة وأبو سعيد وأبو قتادة ، فوضع الغلام مما يلي الإمام ، وذكر الحديث .




                                                                                                        الخدمات العلمية