الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 342 - 348 ] فصل في الدفن ( ويحفر القبر ويلحد ) لقوله عليه الصلاة والسلام { اللحد لنا والشق لغيرنا }.

                                                                                                        [ ص: 348 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 348 ] فصل في الدفن الحديث الثالث عشر : قال عليه السلام : { اللحد لنا ، والشق لغيرنا } ، قلت : روي من حديث ابن عباس ، ومن حديث جرير ، ومن حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهم فحديث ابن عباس ، أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { اللحد لنا ، والشق لغيرنا }انتهى قال الترمذي : غريب من هذا الوجه . انتهى وعبد الأعلى بن عامر الثعلبي ، فيه مقال ، قال ابن القطان في " كتابه " : أراه لا يصح من أجله ، كان ابن مهدي لا يحدث عنه ، ووصفه بالاضطراب .

                                                                                                        وقال أبو زرعة : ضعيف ، وربما رفع الحديث ، وربما وقفه ، وقال ابن عدي : قال أحمد رضي الله عنه : منكر الحديث ، حدث عن سعيد بن جبير ، وابن الحنفية ، وأبي عبد الرحمن السلمي ، بأشياء لا يتابع عليها . انتهى كلامه .

                                                                                                        وأما حديث جرير رضي الله عنه : فأخرجه ابن ماجه في " سننه " عن أبي اليقظان عن زاذان عن جرير بن عبد الله البجلي مرفوعا نحوه سواء ، ورواه أحمد وأبو داود الطيالسي ، وابن أبي شيبة في " مسانيدهم " ، ورواه عن عبد الرزاق في " مصنفه " ، ومن طريقه الطبراني في " معجمه " ، وأبو نعيم في " الحلية في [ ص: 349 ] ترجمة زاذان " ، قال أبو نعيم : رواه عن أبي اليقظان سفيان الثوري ، وعمرو بن قيس الملائي وحجاج بن أرطاة ، وأبو حمزة الثمالي ، وقيس بن الربيع . انتهى وله طريق آخر عند أحمد في " مسنده " عن أبي جناب عن زاذان عن جرير { أن النبي عليه الصلاة والسلام جلس على شفير قبر ، فقال : ألحدوا ، ولا تشقوا ، فإن اللحد لنا ، والشق لغيرنا } ، وفيه قصة ، والأول معلول بأبي اليقظان ، واسمه : عثمان بن عمير البجلي ، وفيه مقال والثاني : معلول بأبي جناب الكلبي ، وفي الآخر مقال ، وأما حديث جابر فرواه أبو حفص بن شاهين في " كتاب الجنائز " حدثنا جعفر بن أحمد أنا الشحام ثنا عبد الأعلى بن واصل ثنا محمد بن الصلت عن محمد بن عبد الملك الأسلمي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { اللحد لنا والشق لغيرنا }. انتهى .

                                                                                                        أحاديث الباب : وروى ابن ماجه في " سننه " حدثنا محمود بن غيلان ثنا هاشم بن القاسم حدثنا مبارك بن فضالة حدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك ، قال : لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم كان بالمدينة رجلان : أحدهما : يلحد ، والآخر : يضرح ، فقالوا : نستخير ربنا ، ونبعث إليهما ، فأيهما سبق تركناه ، فأرسل إليهما ، فسبق صاحب اللحد ، فلحدوا للنبي عليه السلام . انتهى وحدثنا عمر بن شبة ثنا عبيد بن الطفيل المقري ثنا عبد الرحمن بن أبي مليكة القرشي ثنا ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في اللحد والشق ، حتى تكلموا في ذلك ، وارتفعت أصواتهم ، فقال عمر رضي الله عنه : لا تصيحوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا ولا ميتا ، أو كلمة نحوها ، فأرسلوا إلى الشقاق ، واللاحد ، فجاء اللاحد ، فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دفن . انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " من طريق مالك ثنا نافع عن ابن [ ص: 350 ] عمر { أن النبي صلى الله عليه وسلم ألحد له } ، ولأبي بكر ، ولعمر . انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : رواه ابن ماجه في " سننه " أيضا من طريق ابن إسحاق ثنا حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : { لما أرادوا أن يحفروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو عبيدة بن الجراح يضرح ، كحفر أهل مكة ، وكان أبو طلحة زيد بن سهل يحفر لأهل المدينة ، وكان يلحد ، فدعا العباس رجلين ، فقال لأحدهما : اذهب إلى أبي عبيدة وللآخر : اذهب إلى أبي طلحة ، اللهم خر لرسولك ، فوجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة ، فجاء به فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ من جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء وضع على سريره ، وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه ، فقال قائل : ندفنه في مسجده ، وقال قائل : ندفنه مع أصحابه ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما قبض نبي إلا دفن حيث قبض ، فرفع فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه ، فحفر له تحته ، ثم دعا الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون عليه أرسالا ، دخل الرجال ، حتى إذا فرغوا ، أدخل النساء ، حتى إذا فرغ النساء ، أدخل الصبيان ، ولم يؤم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد ، فدفن صلى الله عليه وسلم من وسط الليل ، ليلة الأربعاء ، ونزل في حفرته علي بن أبي طالب ، والفضل بن العباس ، وقثم أخوه ، وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال أوس بن خولى وهو أبو ليلى لعلي بن أبي طالب : أنشدك الله ، وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له علي رضي الله عنه : انزل ، وكان شقران مولاه ، أخذ قطيفة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها ، فدفنها في القبر ، وقال : والله لا يلبسها أحد بعدك ، فدفنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم }. انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية