[ ص: 451 ] فصل
[ في الكسب ]
وأفضل أسباب الكسب : الجهاد ثم التجارة ثم الزراعة ثم الصناعة ثم هو فرض ، وهو الكسب بقدر الكفاية لنفسه وعياله وقضاء ديونه ومستحب وهو الزيادة على ذلك ليواسي به فقيرا ، أو يجازي به قريبا ومباح ، وهو الزيادة للتجمل والتنعم ومكروه ، وهو الجمع للتفاخر والتكاثر والبطر والأشر وإن كان من حل .
أما الأكل فعلى مراتب : فرض ، وهو ما يندفع به الهلاك ومأجور عليه ، وهو ما زاد عليه ليتمكن من الصلاة قائما ويسهل عليه الصوم ومباح ، وهو ما زاد على ذلك إلى الشبع لتزداد قوة البدن وحرام ، وهو الأكل فوق الشبع إلا إذا قصد التقوي على صوم الغد أو لئلا يستحي الضيف ; ولا تجوز الرياضة بتقليل الأكل حتى يضعف عن أداء الفرائض ، ومن امتنع من أكل الميتة حالة المخمصة ، أو صام ولم يأكل حتى مات أثم ; ومن امتنع من التداوي حتى مات لم يأثم ولا بأس بالتفكه بأنواع الفواكه ، وتركه أفضل ، واتخاذ ألوان الأطعمة والباجات ووضع الخبز على المائدة أكثر من الحاجة سرف ، ووضع المملحة على الخبز ، ومسح الأصابع والسكين به مكروه ، ولكن يترك الملح على الخبز ، وسنن الطعام البسملة في أوله ، والحمدلة في آخره وغسل اليدين قبله وبعده ويستحب اتخاذ الأوعية لنقل الماء إلى البيوت ، واتخاذها من الخزف أفضل ، وينفق على نفسه وعياله بلا سرف ولا تقتير ، ومن اشتد جوعه حتى عجز عن طلب القوت ففرض على كل من علم به أن يطعمه أو يدل عليه من يطعمه فإن قدر على الكسب يلزمه أن يكتسب ، وإن عجز عنه لزمه السؤال ، فإن ترك السؤال حتى مات أثم ، ومن كان له قوت يومه لا يحل له السؤال ، ويكره إعطاء سؤال المساجد وإن كان لا يتخطى الناس ولا يمشي بين يدي المصلين لا يكره; ولا يجوز قبول هدية أمراء الجور ، إلا إذا علم أن أكثر ماله حلال ، ووليمة العرس سنة ، وينبغي لمن دعي أن يجيب ، فإن لم يفعل أثم ، ولا يرفع منها شيئا ، ولا يعطي سائلا إلا بإذن صاحبها; ومن دعي إلى وليمة عليها لهو إن علم به لا يجيب ، وإن لم يعلم حتى حضر إن كان يقدر على منعهم فعل ، وإن لم يقدر فإن كان اللهو على المائدة لا يقعد; وإن لم يكن على المائدة ، فإن كان مقتدى به لا يقعد ، وإن لم يكن مقتدى به فلا بأس بالقعود .