الفصل الثالث : في وقت صلاة العصر
وهي مأخوذة من العشي فإنه يسمى عصرا ، وقيل : من طرف النهار ، والعرب تسمي كل طرف من النهار عصرا ، وفي الحديث . وأول وقتها إذا [ ص: 14 ] صار ظل كل شيء مثله إلى غروب الشمس ، ووقت الفضيلة منه ما دامت الشمس نقية وهو قوله في الكتاب : ما رأيت حافظوا على العصرين : صلاة قبل طلوع الشمس ، وصلاة قبل غروبها يريد الصبح والعصر مالكا يحدد في قامتين ، بل يقول : والشمس بيضاء نقية ، وروى وقت العصر : أن الفضيلة إلى القامتين بعد زيادة ظل الزوال ، وهما متقاربان ; فإن الشمس حينئذ تكون نقية ، قال صاحب الطراز ولأصحابنا : أن أول وقتها قبل انتهاء القامة الأولى بقدر أربع ركعات في العصر لقوله عليه السلام في حديث ابن عبد الحكم جبريل : ، واللفظ ظاهر من الجملة ووافقنا وصلى في العصر حين صار ظل كل شيء مثله . وقال الشافعي أبو حنيفة : أول وقتها آخر القامتين لما في الموطأ عن : ما أدركنا الناس إلا وهم يصلون العصر بعشي ، وهذا يقتضي أن العصر بعد القامتين وهو معارض بحديث القاسم بن محمد جبريل فإن صلى العصر قبل القامة الأولى لا يجزيه . وقال أشهب : أرجو إن صلى العصر قبل القامة ، والعشاء قبل الشفق أن يجزيه ، وإن كان لغير عذر ; لأن المسافر قد يصليهما كذلك عند رحيله ، ولأن القامة الأولى لو لم تكن وقتا لها لما جاز تقديمها للعذر .
فائدة : : بأن يزيد على ظل الزوال ستة أقدام ونصفا بقدمه ، فإنه قامة كل أحد غالبا ، ومن لم يعلم ظل الزوال فقد قال من علم وقت الظهر علم وقت العصر ابن أبي زيد : من غلق يده ، وجعلها بين نحره على ترقوته وبين حنكه وخنصره مما يلي [ ص: 15 ] الترقوة واستقبل الشمس قائما لا يرفع حاجبيه ، فإن رأى قرص الشمس فقد دخل العصر ، وإن كان قرصها على حاجبيه لم يدخل ، ويعرف الظهر بأن تضرب وتدا في حائط تكون الشمس عليه عند الزوال ، فإذا زالت الشمس انظر طرف ظل الوتد ، واجعل في يدك خيطا فيه حجر مدلى من أعلى الظل فإذا جاء الخيط على طرف الظل فخط مع الخيط خطا طويلا ، فإنه يكون خطا للزوال أبد الدهر ، فمتى وصل ظل ذلك الوتد إليه فقد زالت الشمس ، ففي الشتاء يصل إليه أسفل وفي الصيف يصل إليه فوق .