[ ص: 161 ] الباب الرابع
في أركان الصلاة
وهي عشرة :
، وفي الجواهر يجب الإحرام والقراءة على وجه الاستقلال ; لقوله تعالى : ( الأول : القيام وقوموا لله قانتين ) ، فإن استند مع القدرة وكان بحيث لو أزيل المستند إليه سقط بطلت ; لأنه في حكم التارك للقيام ، وإلا لم تبطل مع الكراهة لتنقيص كمال القيام ، قال صاحب الطراز : الظاهر عندي في الأول الإجزاء ; لأنه قيام في العادة ولو حلف لا يقوم فقام متكئا حنث ، وأما قوله في الكتاب لا يعجبني فمحمول على الكراهة ، ففرضه التوكؤ ، فإن عجز انتقل إلى الجلوس مستقلا ، فإن عجز ففرضه الجلوس مستندا ، وعلى التقديرين فيتربع ، وفي الكتاب : إن عجز عن التربع صلى على قدر وسعه قاعدا أو على جنبه أو ظهره - ورجلاه إلى فإن عجز عن الاستقلال الكعبة ويومئ برأسه ، قال صاحب الطراز : يريد إن قدر أن يثني رجليه ثناهما ، وإلا أقامهما وإلا أمدهما ; لأنها كلها هيئات الجلوس ، فلا يجوز [ ص: 162 ] له الإخلال بها ، وكلامه في الكتاب محمول على الترتيب بين الهيئات المذكورات وهو قول ( ش ) و ( ح ) ولم يقل بالتخيير أحد ، ويوضحه أن الاستقبال مأمور به ، وعلى الجنب يستقبل بوجهه الكعبة ، وعلى الظهر إنما يستقبل السماء وكذلك ، قال ابن القاسم : إن فعلى الأيسر ، فإن عجز فعلى الظهر ، وقال ( ش ) : إن عجز عن الأيمن فعلى الظهر ، والتربع مروي عن عجز عن الجنب الأيمن ابن عباس وابن عمر وأنس ، ولأنه أليق بالأدب وتمييز بين البدل والمبدل ، وقال ( ش ) ( ح ) : يجلس مثل جلوس التشهد ; لأنه أصل في الصلاة حالة السعة فيكون أفضل حالة الرفاهية ، ولأنه من شأن الأكفاء والافتراش أولى بالعبيد ، قال أبو الطاهر : روي ذلك عن ، واستحبه المتأخرون ، وروي عن الشافعية قولان آخران : ضم الركبتين إلى الصدر كالاحتباء ، وضم ركبته اليمنى ثانيا لركبته اليسرى كالجالس أمام المعلم . ابن عبد الحكم
فائدة :
قال بعض العلماء : ، ولا تشترط الضرورة ولا العجز عن إيقاع صورة القيام إجماعا ، ويشترط في ينتقل القائم إلى القعود بالقدر الذي لا يشوش عليه الخشوع والأذكار عذر أشق من الأول ; لأن الاضطجاع مناف للتعظيم أكثر من القعود ، قال الانتقال من الجلوس إلى الاضطجاع أبو الطاهر : فلو قدر على القيام دون القراءة اقتصر على أم القرآن ، فإن عجز عن كمال أم القرآن انتقل إلى الجلوس على مقتضى الروايات ، وهو ظاهر ، إن قلنا إنها فرض في كل ركعة ، وعلى القول بأنها فرض في ركعة واحدة يكفي أن يقوم مقدار [ ص: 163 ] وسعه إلا في ركعة واحدة فإنه يجلس ; ليأتي بأم القرآن ، وهكذا يجري الكلام على القول بأنها فرض في الأكثر .
فروع تسعة :
الأول : كره في الكتاب ، قال لقادح الماء من عينيه : أن يصلي إيماء مستلقيا ابن القاسم : فإن فعل أعاد أبدا ، قال ابن يونس : روى ابن وهب عنه التسهيل في ذلك ، وجوزه أشهب و ( ح ) ، وقال ابن حبيب : كره ذلك مالك أربعين يوما ولو كان اليوم ونحوه لم أر بذلك بأسا ، ولو كان يصلي جالسا ويومئ في الأربعين لم أكرهه ، ومنشأ الخلاف هل هذا الاستلقاء يحصل البرء غالبا أم لا ؟ والصحيح أنه يحصل ، والتجربة تشهد لذلك ، وكما جاز له الانتقال من الغسل إلى المسح بسبب الفصاد ، قال التونسي : فكذلك هاهنا ، قال غيره : وكما جاز التعرض للتيمم بالأسفار بسبب الأرباح المباحة فهاهنا أولى .
الثاني : قال في الكتاب : ; لأنه خروج من جلوس إلى جلوس مباين له فلا يتميز إلا بالنية ، قال صاحب الطراز : والفرق بين الجلوس الأول في كونه لا يحتاج إلى نية بخلاف الثاني أن الأول أصل فتتناوله النية الأولى عند الإحرام ، والثاني عارض فيحتاج إلى نية ، ولما كان التكبير للثالثة يكون حالة القيام فتكون هاهنا حالة التربع وينوي بجلوسه القيام . إذا تشهد من اثنتين فيكبر وينوي بذلك القيام قبل أن يقرأ
[ ص: 164 ] الثالث : قال ابن القاسم في الكتاب : قام ، أو قادرا فعجز جلس ; لقوله تعالى : ( إذا افتتح عاجزا عن القيام فقدر في أثنائها فاتقوا الله ما استطعتم ) .
الرابع : قال صاحب الطراز : لو ، قال كانت داره بمقربة من المسجد فيأتيه ماشيا ويصلي فيه جالسا مالك : لا يعجبني ، قال : وهذا فيه تفصيل فقد رأينا فيصلي هذا جالسا ، فإن كان يطيقه إلا أن الإمام يطول صلى وحده ; لأن القيام فرض والجماعة سنة ، وقاله ( ش ) ، قال صاحب البيان : يلزمه أن يقف ما أطاق ، فإذا ضعف جلس يفعل ذلك في كل ركعة . من يطيق المشي ولا يطيق القيام
الخامس : قال : لو صلى إيماء عند خاف من القيام انقطاع العرق ودوام العلة مطرف وعبد الملك وإن خرج الوقت ، فإن خرج الوقت قبل زوال العرق لم يعد ولو لم يعرق إلا أنه يخاف معاودة علته ، فكذلك عند . ابن عبد الحكم
السادس قال : لو ، قال خاف خروج الريح إن قام محمد : يصلي جالسا ، قال : وهو مشكل ; فإنه على هذا التقدير لا يوجب وضوءا كالسلس فكيف تترك أركان الصلاة لوسيلتها ؟ ولذلك أن العريان يصلي قائما .
[ ص: 165 ] السابع قال : لو فإن أدركته الصلاة قائما أحرم قائما لقدرته عليه ، ثم يركع إن قدر وإلا أومأ ، ثم يسجد ويجلس ويتم صلاته جالسا ، وإن أدركته جالسا أحرم جالسا وأتم جالسا للمشقة ، وفي الجواهر الإيماء قائما بالرأس والظهر ويحسر عن جبهته في الإيماء للسجود ، ولو قدر على القيام والسجود ، وإن قام شق عليه الجلوس ، وإذا جلس شق عليه القيام على النهوض ، قال قدر على القيام والركوع والسجود لكن لو سجد لم يقدر التونسي : يركع ويسجد في الأولى ، ثم يتم جالسا ; لأن السجود أعظم من القيام لمزيد الإجلال والاتفاق على وجوبه ، ولذلك قال عليه السلام : . وقال غيره : يصلي جملة صلاته إيماء إلا الأخيرة يركع ويسجد فيها ، إذ لا بدل عن القيام ، والركوع والسجود لهما بدل وهو الإيماء ويرد عليه أن الجلوس بدل من القيام ، قال : وجلوسه في التشهد وغيره سواء كجلوس القائم ، ولو أقرب ما يكون العبد من ربه إذا كان ساجدا ، قال في البيان : يسجد ويجلس على الطين والخضخاض من الماء الذي لا يغمره ، وقاله حضرت الصلاة في الأرض ذات الطين ، ولا يمنعه من ذلك تلويث يديه ، ولو صلى إيماء أعاد أبدا ، وروى ابن عبد الحكم زياد عن مالك وحكاه ابن حبيب عن مالك وعمن لقي من أصحابه أنه يصلي إيماء كالمريض العاجز عن الجلوس والسجود ، قال : وأرى لذي الثياب الرثة لو أتى لا يفسدها الطين ، ولا يتضرر به في جسمه لا يجوز له الإيماء وإلا جاز قياسا على مسألة الكتاب في الذي لا يجد الماء إلا بثمن ; لأنه في الموضعين انتقل عما وجب عليه لحياطة ماله .
[ ص: 166 ] الثامن : قال في الكتاب : إذا ، قال صاحب الطراز : هذا يدل على أن الإيماء بدل لا بعض المعجوز عنه ، فإن الإيماء بالرأس ليس من السجود ، وعلى هذا لا يجب فيه استيفاء القدرة ولو صح أعاد في الوقت عند صلى مضطجعا أومأ برأسه تحصيلا للأكمل ، وقيل لا إعادة عليه ; لأنه أتى بما أمر فإن ابن سحنون أومأ بعينيه وقلبه ، وقال ( ح ) : تسقط عنه الصلاة . وفي الجواهر إذا لم تبق إلا النية فينوي عندنا ، وعند عجز عن الإيماء برأسه احتياطا وهو الذي اقتضته المذاكرة وعند ( ح ) تسقط ; لأن الأصل البراءة ، ولأن النية وسيلة تسقط عنده بسقوط مقصدها ويجب الشافعي ، فإن عجز عن النطق فبقلبه ويحرك لسانه ما استطاع ، وهذا واجب عند ( ش ) على المضطجع الإحرام والقراءة وأشهب ، والظاهر من المذهب السقوط ; لأن القراءة كلام عربي فلا يأتي إلا بلسان ووجوب غيره يحتاج إلى نص من جهة الشرع .
التاسع : كره في الكتاب للقائم في الصلاة تنكيس الرأس ولم يعين لبصره جهة معينة ، وقال ابن القاسم فيه : وبلغني عنه أنه يضعه في جهة قبلته ومذهب ( ش ) و ( ح ) يستحب له وضعه موضع سجوده ، وفي جلوسه إلى حجره . لنا أن عدم الدليل دليل على عدم المشروعية ، ولم يرد دليل في ذلك ، وفي مسلم قال عليه السلام : . ووجه استقبال القبلة أنه أمر باستقبال القبلة بجملته ومنها [ ص: 167 ] بصره ، وأما تنكيس الرأس فليس فيه استقبال بالوجه ، وقد قال لينتهين أقوام عن رفع أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم عمر رضي الله عنه : ارفع برأسك ; فإن الخشوع في القلب .