أليس ورائي إن تراخت منيتي لزوم عصا تحني عليها الأصابع أخبر أخبار القرون التي مضت
أدب كأني كلما قمت راكع
الأول قال في الكتاب : إذا يومئ قائما للركوع طاقته ويمد يديه إلى ركبتيه ، وإذا قدر على الجلوس أومأ للسجود ويتشهد تشهديه جالسا ، وإلا صلى صلاته كلها قائما يومئ للسجود أخفض من الركوع ، قال صاحب الطراز : واختلف هل يشترط في الإيماء الطاقة أو يأتي بالحركات بدلا عن الركوع والسجود ؟ وهو مذهب الكتاب والأول عجز عن الركوع والسجود دون القيام لمالك أيضا و ( ش ) . وجه المذهب القياس على المسايفة وصلاة النافلة ، وهما مجمع عليهما ، وأما الزيادة للسجود فقياسا على المبدل منه .
الثاني قال صاحب المنتقى : منهي عنها ، وكره القراءة في الركوع مالك الدعاء لما في الموطأ ، وروى أنه - عليه السلام - نهى عن لبس القسي ، وعن التختم بالذهب ، وعن قراءة القرآن في الركوع عنه - عليه السلام - أنه قال : ابن عباس . نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم
[ ص: 189 ] قاعدة :
لكنه أمرنا سبحانه وتعالى أن نظهر الذل والانقياد لجلاله في حالات جرت العادات بأنها موضوعة لذلك ، كالركوع والسجود والمبادرة إلى الأوامر ، والمباعدة عن النواهي ، وأن نتأدب معه في الحالات التي تقتضي الأدب عادة ولذلك قال عليه السلام : الله سبحانه وتعالى غني عن خلقه على الإطلاق لا تنفعه الطاعة ، ولا تضره معصية . ولما كانت العادة جارية عند الأماثل والملوك بتقديم الثناء عليهم قبل طلب الحوائج منهم ; لتنبسط نفوسهم لإنالتها أمرنا الله سبحانه وتعالى بتقديم الثناء على الدعاء ، كقول استحي من الله كما تستحيي من شيخ من صالحي قومك : أمية بن أبي الصلت
أأذكر حاجتي أم قد كفاني حياؤك إن شيمتك الحياء
إذا أثنى عليك المرء يوما كفاه من تعرضك الثناء
كريم لا يغيره صباح عن الخلق الجميل ولا مساء
فيكون لوجهين ، أحدهما : لهذا المعنى ، والثاني : أنه غاية حالات الذل والخضوع بوضع أشرف ما في الإنسان الذي هو رأسه في التراب فيوشك أن لا يرد عن مقصده وأن يصل إلى مطلبه . الدعاء في السجود
فائدة :
معنى قوله فقمن أي : أولى ومثله قمين وحر وحري وجدير ، ومعناها [ ص: 190 ] كلها : أولى .
الثالث : يضع كفيه على ركبتيه ، وكان - رضي الله عنه - يطبق يديه ويضعهما بين فخذيه . لنا ما في ابن مسعود البخاري مصعب بن سعيد : صليت إلى جنب أبي فطبقت بين كفي ، ثم وضعتهما بين فخذي فنهاني ، وقال : كنا نفعله فنهينا عنه ، وأمرنا أن نضع أيدينا على الركب ، وهذا دليل على نسخ الأول ومشروعية الثاني ، قال صاحب الطراز : فلو كان بيديه علة تثور عليه فوضعهما على ركبتيه ، أو قصر كثير لم يزد في الانحناء على تسوية ظهره ، أو قطعت إحداهما وضع الثانية على ركبته . وقال بعض الشافعية : على الركبتين . قال