الشرط الرابع : ، قال صاحب المقدمات : هو شرط في الوجوب ، والصحة على رأي من يشترط فيه البنيان ، وأما على رأي من لا يشترطه بل يكتفي بالفضاء إذا حبس وعين للصلاة ، وحكم له بالمسجد ، يكون شرطا في الصحة فقط ، فإن مثل هذا لا يتعذر ، وأفتى المسجد الباجي إذا انهدم سقف المسجد ، لا تقام فيه الجمعة ، قال : وهو يعيد بل تقام فيه ; لأنه يسمى مسجدا حينئذ ، وحكمه في التعظيم الشرعي حكم المسجد ، وقال الباجي : لا تقام إلا في الجامع ; فلو منع مانع لم تقم في المساجد حتى يحكم الإمام لواحد منهما بكونه جامعا ، قال وهو بعيد بل تقام فيه من غير نقل حكم إليه ، قال : فإن قيل لو جاز ذلك ; لجاز للراعف أن يتم بقية الجمعة في بعض المساجد ، قال : قلت : قد جوزه بعض الأصحاب وإن منعنا ; فلأنه التزم الصلاة في الجامع ابتداء . وفي الجواهر : يشترط في ذلك البنيان المعتاد للمساجد ، وأن يتفق على الاجتماع فيه على التأبيد ; فكل جامع مسجد ، وليس كل مسجد جامعا ، [ ص: 336 ] واستقرأ الصالحي عدم وجوبه - استقراء باطلا ، ودليل وجوبه قوله تعالى : ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) ، والنداء إنما يكون عادة في المساجد للعمل ، قال سند : ولا يكون عند مالك إلا داخل المصر ، وجوز ( ح ) مصلى العيد لشبه الجمعة بالعيد ; لنا أنه مكان تقصر فيه الصلاة فيكون منافيا لوجوب الجمعة .
قاعدة :
; لأن البيان مراد للمتكلم حالة التخاطب ، فهو موجود في الكلام الأول ، وآية الجمعة مجملة لم تدل على خصوص صلاة ، فيحتمل الصبح ، والظهر ، والعصر ، والسر ، والجهر ، وغير ذلك ، فبين - عليه السلام - جميع ذلك ; فجميع بيانه يكون واجبا إلا ما دل الدليل على خلافه . فبهذه القاعدة يستدل على وجوب المسجد والخطبة وسائر الفروض . متى كان فعله - عليه السلام - بيانا لمجمل ، كان حكمه حكم ذلك المجمل إن واجبا فواجب ، وإن مباحا فمباح
فروع ثلاثة :
الأول في الكتاب : - وإن أذن أهلها في ذلك ، قال لا يصلى في المواضع المحجور عليها حول المسجد سند : قال ابن القاسم : ويعيدون وإن ذهب الوقت ; [ ص: 337 ] لأن عدم الحجر من خواص المسجد ; فإذا عدم فقد الشرط ، ولأن السعي واجب ، وتجوز ذلك يبطله بخلاف الطرق فإنها لا تبطل السعي ، وقال ابن نافع : يكره فإن اتصلت الصفوف صح اعتبارا بحجر أزواجه - عليه السلام - ، وأجيب بأن الحجر كن في المسجد من جريد ، ومسوح الشعر - ولم يفت الشرط ، أو بأنها كانت تدخل بغير إذن ، وقال مالك : ليست من المسجد بل أبوابها شارعة في المسجد ، وكان المسجد يضيق على أهله فيتسع الناس بها ، وهذا هو الذي يتجه ; لأنها لو كانت في المسجد لامتنع الوطء ، واللبث في زمن الحيض والجنابة .
الثاني في الجلاب : لا يصلى في بيت القناديل ، ولا على ، وفي الكتاب يعيد بعد الوقت أربعا ، قال سطح المسجد سند : وروى مطرف ، وعبد الملك الجواز ، وقاله أشهب ، وأصبغ ; لأنه أولى من الأفنية فإن أهوية الأوقاف أوقاف .
سؤال : قد حنثه مالك إذا حلف لا يدخل المسجد فصعد السطح
جوابه : أنه احتياط في الصورتين ، والحنث لا يتوقف على الصلاة ، بدليل التحنيث بأكل اللبابة من الرغيف المحلوف عليه ، وهي ليست رغيفا عرفا ولا لغة .
الثالث جوز في الكتاب : الصلاة في الأفنية المباحة ، وإن لم تتصل بها الصفوف [ ص: 338 ] إذا ضاق المسجد ; لأن المسجد لما تعذر لم يعتبر الصف ، وفي الطرق ذات الأرواث إذا ضاق المسجد ، وحكى اللخمي عن منعه . سحنون
القسم الثاني : دون الصحة ، وهي ستة : الشرط الأول : والثاني ، والثالث ، والرابع ، في الجواهر : البلوغ ، والإقامة ، والحرية ، والذكورية ، ونقل شروط الوجوب عن ابن شعبان مالك الوجوب في العبد . لنا قوله - عليه السلام - في أبي داود : ، الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة : عبد مملوك ، وامرأة ، أو صبي ، أو مريض وأنه - عليه السلام - كان مسافرا في حجة الوداع فلم يصل الجمعة ، قال سند : وفي الكتاب يغتسل من حضر منهم ، ويكره للشابة الحضور ، ويستحب للعبد إن أذن له السيد ، وفي الجلاب يستحب للمكاتب بخلاف المدبر .
تمهيد :
الواجب عليهم إحدى الصلاتين : إما الظهر أو الجمعة ، فمتعلق الوجوب القدر المشترك الذي هو مفهوم إحداهما ، ولا تخيير فيه والخصوص متعلق التخيير ، ولا إيجاب فيهما كما قلنا في خصال الكفارة ، فكما يتصف كل واحد من خصال الكفارة بالوجوب وتبرأ الذمة به فكذلك هاهنا ، وليست ذلك من باب إجزاء ما ليس بواجب عن الواجب ، وكذلك المسافر يجب عليه أحد الشهرين رمضان أو شهر القضاء ، وإحدى الصلاتين القصر أو الإتمام .