[ ص: 427 ] الباب الثامن عشر في صلاة الكسوف .
الأجود كسفت الشمس ، وخسف القمر ، وقيل بالعكس ، وقيل : هما في ذلك سواء ، وقيل : الكسوف تغير لونهما ، والخسوف مغيبهما في السواد ، وقيل : الخسوف في الكل ، والكسوف في البعض ، ويقال : خسف بالفتح وبالضم على ما لم يسم فاعله ، وانكسفت الشمس ، وأنكره بعضهم بالألف ، وأصل الكسوف التغير ، ومنه كاسف البال أي متغير الحال ، والخسف : الذهاب بالكلية ، ومنه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=81فخسفنا به وبداره الأرض ) . والخسف : النقص ، ومنه رضي بخطة خسف ، ولما كان القمر يذهب جملة ضوءه كان أولى بالخسوف من الكسوف ، وفي الجواهر
nindex.php?page=treesubj&link=1174صلاة الكسوف سنة على الرجال والنساء والعبيد ومن عقل الصلاة من الصبيان ، وتصليها المرأة في بيتها ، وقال ( ح ) : واجبة . وفي الجلاب روى
ابن القاسم :
nindex.php?page=treesubj&link=1178وقتها وقت العيدين قياسا عليهما وعلى الاستسقاء بجامع أن هذا وقت ليس بشيء من الفرائض ، فجعل السنن المستقلة تمييزا لها عن النوافل التابعة . وروي إلى غروب الشمس ، وقاله ( ش ) ; لعموم قوله - عليه السلام - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348758فإذا [ ص: 428 ] رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة " ، وقياسا على الجنازة ، وروي إلى العصر ; لقوله - عليه السلام - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348759لا صلاة بعد العصر " . قال
سند : فإن طلعت مكسوفة لم يصل حتى تحل النافلة خلافا ( ش ) ، للنهي عن الصلاة حينئذ ،
ولمالك في كونهم يقفون ويذكرون قولان ، فلو كسفت عند الغروب وغربت الشمس ، كذلك لم تصل إجماعا ، والفرق ذهاب رجاء نقصها لذهاب النهار ، وحكمة الصلاة أن يعود إليها ضوءها ومنفعتها ، وفي الجواهر تفعل في المسجد دون المصلى وقاله ( ش ) ، وخير
أصبغ بينه وبين صحته وبين القضاء وقاله ( ح ) . لنا ما رواه
ابن وهب : قالت
عائشة - رضي الله عنها - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348760خسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرج إلى المسجد فقام وكبر ، وصف الناس خلفه - " الحديث . والفرق بينها ، وبين العيدين والاستسقاء : أن وقتها ضيق لا يجتمع له أهل القرى والمصر ; فلا يضيق المسجد عليهم ، ولأن الخروج إلى المصلى قد يفوتها بتجلي الشمس . وفي الكتاب لا يجهر بقراءتها ، وقاله ( ش ) و ( ح ) خلافا
لابن حنبل . لنا ما في الموطأ قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348761خسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى والناس معه ; فقام قياما طويلا نحوا من سورة البقرة ، ثم ركع ركوعا طويلا ، ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ، ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ، ثم سجد ، ثم انصرف وقد تجلت الشمس ، فقال : " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله " . فقوله نحوا من سورة البقرة يدل على السر ، وإلا فلا حاجة
[ ص: 429 ] إلى التقدير ، وفي الجلاب : يقرأ في الركوع الأول بسورة نحوا من البقرة ، وفي الثاني بنحو آل عمران ، وفي الثالث بنحو النساء ، وفي الرابع بنحو المائدة ، وفي الجواهر :
nindex.php?page=treesubj&link=1177هي ركعتان ، في كل ركعة ركوعان وقيامان ، يقرأ في كل ركوع الفاتحة ، وقاله ( ش ) ، وقال ( ح ) : ركعتان طويلتان كصلاة الصبح ، وهو مروي في
أبي داود . وجه الجمع بينه وبين حديث الموطأ ; أنه يحتمل أنه فعل ذلك بعد انقضاء الصلاة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13521ابن مسلمة : لا تكون الفاتحة في الركوع الثاني ، ولا في الرابع ; لأن الركعتين ركعة واحدة . لنا القياس على كل قراءة بعد ركوع ، قال : فإن تجلت الشمس في أضعاف الصلاة ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : يتمون مثل سائر النوافل لزوال السبب ، وقال
أصبغ : كما ابتدأوا نظرا للشروع .
فروع ستة :
الأول في الكتاب : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=23837فرغ منها والشمس على حالها لا تعاد ، ولكن الذكر والتنفل ; لأن الكسوف سبب له سبب واحد وقد فعل فيسقط حكمه ، وفي
أبي داود :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348762أنه - عليه السلام - جلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى انجلت الشمس ، ولا خطبة لها عندنا خلافا ل ( ش ) . لنا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المتقدم ولم يذكر الخطبة .
[ ص: 430 ] الثاني في الكتاب : لا تفوت الركعة بفوات ركوعها الأول : خلافا ( ش ) ، ومن
nindex.php?page=treesubj&link=23838فاتته ركعة قضاها بركوعين وسجدتين ; احتج ( ش ) بأن الإمام إنما يحمل القراءة دون الركوع . جوابه : أن الركوع الثاني هو الركن لتوسطه بين القراءة والسجود ، وتوسط الأول بين القراءة فله حكمها ، أو الركوعان كالركوع الواحد والمدرك لبعض الركوع مدرك إجماعا ، قال
سند : فإن سها عن الركوع الأول وركع الثاني بنية الثاني سجد قبل السلام ، وإن ركعه بنية الأول وترك الثاني ; فإن ذكر قبل عقد الثانية رجع إلى الأولى ، وإلا بنى وجعل الثانية أولى وسجد بعد السلام .
الثالث : قال
ابن القاسم في الكتاب : أحب إلي أن يطول السجود وقاله ( ش ) ، قياسا على الركوع ، قال
سند : قال
مالك : لا يطول ; لأن الحديث السابق لم يذكر فيه التطويل بل قال فسجد ; ولأنه لم يكرر فلا يطول ، وإذا قلنا بالطول فلم يفعل ، سجد قبل السلام لترك سنة .
الرابع في الكتاب :
nindex.php?page=treesubj&link=1180صلاة خسوف القمر كسائر النوافل ويدعون ولا يجتمعون ، وقاله ( ح ) ، وقال ( ش ) : يستحب لها الجمع
nindex.php?page=treesubj&link=1182والخطبة مثل صلاة الكسوف . لنا عمل
المدينة ، وقد خسف القمر مرات على عهده صلى الله عليه وسلم ، ولم ينقل عنه الجمع ، وحكى
اللخمي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون : أنها كصلاة الخسوف وتصلى أفذاذا ، والمشهور أنها تصلى في البيوت ، وروي عن
مالك : أنها تصلى في المسجد أفذاذا ، قال
سند :
nindex.php?page=treesubj&link=1178ووقتها الليل كله فإن طلع مكسوفا بدأ بالمغرب ، وظاهر قول
[ ص: 431 ] مالك عدم افتقارها إلى نية تخصها ، بخلاف الكسوف فإن انكشفت عن الفجر لم يصلوا خلافا ( ش ) ; لقوله - عليه السلام - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348763إذا طلع الفجر فلا صلاة إلا ركعتي الفجر " ، ولأن المقصود من الصلاة رد ضوئه ليلا ; لتحصل مصلحته وقد فات ذلك ، ولو كسف فلم يصلوا حتى غاب بليل لم يصلوا خلافا ( ش ) ; لأن منفعته لا تعود .
الخامس في الجواهر :
nindex.php?page=treesubj&link=1175لا يصلى للزلازل وغيرها من الآيات ، وحكى
اللخمي عن
أشهب الصلاة واختاره .
السادس في الجواهر : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=1185اجتمع عيد وكسوف قدم الكسوف ، وفيه سؤالان : الأول : أن اجتماعهما محال عادة ، فإن كسوف الشمس إنما يكسف بالقمر إذا حال بيننا وبينها في درجتها يوم تسع وعشرين ، وعيد الفطر يكون بينهما نحو ثلاثة عشرة درجة منزلة ، والأضحى يكون بينهما نحو مائة وثلاثين درجة وعشر منازل ، نعم يمكن عقلا أن يذهب ضوء الشمس بغير سبب أو بسبب غير القمر ، كحياة إنسان بعد قطع رأسه أو إخلاء جوفه ، الكلام على مثل هذا منكر بين الفقهاء مع أن الشافعي وجماعة من العلماء تحدثوا فيه . السؤال الثاني : أنه ذكر في باب التطوع أن العيدين آكد من الكسوف ، وهو مناقض لتقديمه ، وجوابه : أن الكسوف يخشى ذهاب سببه بخلاف العيدين ، كما نقدم جواب الأذان على قراءة القرآن خشية الفوات ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=1186اجتمع كسوف وجمعة ; قدمت الجمعة عند خوف فواتها ، وإن أمن قدم الكسوف ، وتقدم الجنازة على الكسوف والجمعة ، إلا أن يضيق وقتها . قال أبو الطاهر : ويقدم العيدان على الاستسقاء ; لأن وقتهما يفوت والمطلوب فيهما الزينة وفيه الخمول ، والجمع بينهما متناقض .
[ ص: 427 ] الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ .
الْأَجْوَدُ كَسَفَتِ الشَّمْسُ ، وَخَسَفَ الْقَمَرُ ، وَقِيلَ بِالْعَكْسِ ، وَقِيلَ : هُمَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ ، وَقِيلَ : الْكُسُوفُ تَغَيُّرُ لَوْنِهِمَا ، وَالْخُسُوفُ مَغِيبُهُمَا فِي السَّوَادِ ، وَقِيلَ : الْخُسُوفُ فِي الْكُلِّ ، وَالْكُسُوفُ فِي الْبَعْضِ ، وَيُقَالُ : خَسَفَ بِالْفَتْحِ وَبِالضَّمِّ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ ، وَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ ، وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ بِالْأَلِفِ ، وَأَصْلُ الْكُسُوفِ التَّغَيُّرُ ، وَمِنْهُ كَاسِفُ الْبَالِ أَيْ مُتَغَيِّرُ الْحَالِ ، وَالْخَسْفُ : الذَّهَابُ بِالْكُلِّيَّةِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=81فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ ) . وَالْخَسْفُ : النَّقْصُ ، وَمِنْهُ رَضِيَ بِخُطَّةِ خَسْفٍ ، وَلَمَّا كَانَ الْقَمَرُ يَذْهَبُ جُمْلَةً ضَوْءُهُ كَانَ أَوْلَى بِالْخُسُوفِ مِنَ الْكُسُوفِ ، وَفِي الْجَوَاهِرِ
nindex.php?page=treesubj&link=1174صَلَاةُ الْكُسُوفِ سُنَّةٌ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَمَنْ عَقَلَ الصَّلَاةَ مِنَ الصِّبْيَانِ ، وَتُصَلِّيهَا الْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا ، وَقَالَ ( ح ) : وَاجِبَةٌ . وَفِي الْجُلَّابِ رَوَى
ابْنُ الْقَاسِمِ :
nindex.php?page=treesubj&link=1178وَقْتُهَا وَقْتُ الْعِيدَيْنِ قِيَاسًا عَلَيْهِمَا وَعَلَى الِاسْتِسْقَاءِ بِجَامِعِ أَنَّ هَذَا وَقْتٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ مِنَ الْفَرَائِضِ ، فَجَعَلَ السُّنَنَ الْمُسْتَقِلَّةَ تَمْيِيزًا لَهَا عَنِ النَّوَافِلِ التَّابِعَةِ . وَرُوِيَ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ ، وَقَالَهُ ( ش ) ; لِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348758فَإِذَا [ ص: 428 ] رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ " ، وَقِيَاسًا عَلَى الْجِنَازَةِ ، وَرُوِيَ إِلَى الْعَصْرِ ; لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348759لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ " . قَالَ
سَنَدٌ : فَإِنْ طَلَعَتْ مَكْسُوفَةً لَمْ يُصَلَّ حَتَّى تَحِلَّ النَّافِلَةُ خِلَافًا ( ش ) ، لِلنَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ ،
وَلِمَالِكٍ فِي كَوْنِهِمْ يَقِفُونَ وَيَذْكُرُونَ قَوْلَانِ ، فَلَوْ كُسِفَتْ عِنْدَ الْغُرُوبِ وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ ، كَذَلِكَ لَمْ تُصَلَّ إِجْمَاعًا ، وَالْفَرْقُ ذَهَابُ رَجَاءِ نَقْصِهَا لِذَهَابِ النَّهَارِ ، وَحِكْمَةُ الصَّلَاةِ أَنْ يَعُودَ إِلَيْهَا ضَوْءُهَا وَمَنْفَعَتُهَا ، وَفِي الْجَوَاهِرِ تُفْعَلُ فِي الْمَسْجِدِ دُونَ الْمُصَلَّى وَقَالَهُ ( ش ) ، وَخَيَّرَ
أَصْبَغُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صِحَّتِهِ وَبَيْنَ الْقَضَاءِ وَقَالَهُ ( ح ) . لَنَا مَا رَوَاهُ
ابْنُ وَهْبٍ : قَالَتْ
عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348760خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَامَ وَكَبَّرَ ، وَصَفَّ النَّاسَ خَلْفَهُ - " الْحَدِيثَ . وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا ، وَبَيْنَ الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ : أَنَّ وَقْتَهَا ضَيِّقٌ لَا يَجْتَمِعُ لَهُ أَهْلُ الْقُرَى وَالْمُصُرِ ; فَلَا يَضِيقُ الْمَسْجِدُ عَلَيْهِمْ ، وَلِأَنَّ الْخُرُوجَ إِلَى الْمُصَلَّى قَدْ يُفَوِّتُهَا بِتَجَلِّي الشَّمْسِ . وَفِي الْكِتَابِ لَا يُجْهَرُ بِقِرَاءَتِهَا ، وَقَالَهُ ( ش ) وَ ( ح ) خِلَافًا
لِابْنِ حَنْبَلٍ . لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348761خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى وَالنَّاسُ مَعَهُ ; فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا ، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ سَجَدَ ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ ، فَقَالَ : " إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ " . فَقَوْلُهُ نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ يَدُلُّ عَلَى السِّرِّ ، وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ
[ ص: 429 ] إِلَى التَّقْدِيرِ ، وَفِي الْجُلَّابِ : يُقْرَأُ فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ بِسُورَةٍ نَحْوًا مِنَ الْبَقَرَةِ ، وَفِي الثَّانِي بِنَحْوِ آلِ عِمْرَانَ ، وَفِي الثَّالِثِ بِنَحْوِ النِّسَاءِ ، وَفِي الرَّابِعِ بِنَحْوِ الْمَائِدَةِ ، وَفِي الْجَوَاهِرِ :
nindex.php?page=treesubj&link=1177هِيَ رَكْعَتَانِ ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ وَقِيَامَانِ ، يُقْرَأُ فِي كُلِّ رُكُوعٍ الْفَاتِحَةُ ، وَقَالَهُ ( ش ) ، وَقَالَ ( ح ) : رَكْعَتَانِ طَوِيلَتَانِ كَصَلَاةِ الصُّبْحِ ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ فِي
أَبِي دَاوُدَ . وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ الْمُوَطَّأِ ; أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13521ابْنُ مَسْلَمَةَ : لَا تَكُونُ الْفَاتِحَةُ فِي الرُّكُوعِ الثَّانِي ، وَلَا فِي الرَّابِعِ ; لِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ . لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى كُلِّ قِرَاءَةٍ بَعْدَ رُكُوعٍ ، قَالَ : فَإِنْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ فِي أَضْعَافِ الصَّلَاةِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ : يُتِمُّونَ مِثْلَ سَائِرِ النَّوَافِلِ لِزَوَالِ السَّبَبِ ، وَقَالَ
أَصْبَغُ : كَمَا ابْتَدَأُوا نَظَرًا لِلشُّرُوعِ .
فُرُوعٌ سِتَّةٌ :
الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=23837فُرِغَ مِنْهَا وَالشَّمْسُ عَلَى حَالِهَا لَا تُعَادُ ، وَلَكِنِ الذِّكْرُ وَالتَّنَفُّلُ ; لِأَنَّ الْكُسُوفَ سَبَبٌ لَهُ سَبَبٌ وَاحِدٌ وَقَدْ فُعِلَ فَيَسْقُطُ حُكْمُهُ ، وَفِي
أَبِي دَاوُدَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348762أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - جَلَسَ كَمَا هُوَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ يَدْعُو حَتَّى انْجَلَتِ الشَّمْسُ ، وَلَا خُطْبَةَ لَهَا عِنْدَنَا خِلَافًا لِ ( ش ) . لَنَا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْخُطْبَةَ .
[ ص: 430 ] الثَّانِي فِي الْكِتَابِ : لَا تَفُوتُ الرَّكْعَةُ بِفَوَاتِ رُكُوعِهَا الْأَوَّلِ : خِلَافًا ( ش ) ، وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=23838فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ قَضَاهَا بِرُكُوعَيْنِ وَسَجْدَتَيْنِ ; احْتَجَّ ( ش ) بِأَنَّ الْإِمَامَ إِنَّمَا يَحْمِلُ الْقِرَاءَةَ دُونَ الرُّكُوعِ . جَوَابُهُ : أَنَّ الرُّكُوعَ الثَّانِيَ هُوَ الرُّكْنُ لِتَوَسُّطِهِ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالسُّجُودِ ، وَتَوَسُّطِ الْأَوَّلِ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ فَلَهُ حُكْمُهَا ، أَوِ الرُّكُوعَانِ كَالرُّكُوعِ الْوَاحِدِ وَالْمُدْرِكُ لِبَعْضِ الرُّكُوعِ مُدْرِكٌ إِجْمَاعًا ، قَالَ
سَنَدٌ : فَإِنْ سَهَا عَنِ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ وَرَكَعَ الثَّانِيَ بِنِيَّةِ الثَّانِي سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ ، وَإِنْ رَكَعَهُ بِنِيَّةِ الْأَوَّلِ وَتَرَكَ الثَّانِيَ ; فَإِنْ ذَكَرَ قَبْلَ عَقْدِ الثَّانِيَةِ رَجَعَ إِلَى الْأُولَى ، وَإِلَّا بَنَى وَجَعَلَ الثَّانِيَةَ أُولَى وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ .
الثَّالِثُ : قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ : أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَطُولَ السُّجُودُ وَقَالَهُ ( ش ) ، قِيَاسًا عَلَى الرُّكُوعِ ، قَالَ
سَنَدٌ : قَالَ
مَالِكٌ : لَا يَطُولُ ; لِأَنَّ الْحَدِيثَ السَّابِقَ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ التَّطْوِيلُ بَلْ قَالَ فَسَجَدَ ; وَلِأَنَّهُ لَمْ يُكَرَّرْ فَلَا يَطُولُ ، وَإِذَا قُلْنَا بِالطُّولِ فَلَمْ يَفْعَلْ ، سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِتَرْكِ سُنَّةٍ .
الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ :
nindex.php?page=treesubj&link=1180صَلَاةُ خُسُوفِ الْقَمَرِ كَسَائِرِ النَّوَافِلِ وَيُدْعَوْنَ وَلَا يَجْتَمِعُونَ ، وَقَالَهُ ( ح ) ، وَقَالَ ( ش ) : يُسْتَحَبُّ لَهَا الْجَمْعُ
nindex.php?page=treesubj&link=1182وَالْخُطْبَةُ مِثْلَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ . لَنَا عَمَلُ
الْمَدِينَةِ ، وَقَدْ خَسَفَ الْقَمَرُ مَرَّاتٍ عَلَى عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ الْجَمْعُ ، وَحَكَى
اللَّخْمِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابْنِ الْمَاجِشُونِ : أَنَّهَا كَصَلَاةِ الْخُسُوفِ وَتُصَلَّى أَفْذَاذًا ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تُصَلَّى فِي الْبُيُوتِ ، وَرُوِيَ عَنْ
مَالِكٍ : أَنَّهَا تُصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ أَفْذَاذًا ، قَالَ
سَنَدٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=1178وَوَقْتُهَا اللَّيْلُ كُلُّهُ فَإِنْ طَلَعَ مَكْسُوفًا بَدَأَ بِالْمَغْرِبِ ، وَظَاهِرُ قَوْلِ
[ ص: 431 ] مَالِكٍ عَدَمُ افْتِقَارِهَا إِلَى نِيَّةٍ تَخُصُّهَا ، بِخِلَافِ الْكُسُوفِ فَإِنِ انْكَشَفَتْ عَنِ الْفَجْرِ لَمْ يُصَلُّوا خِلَافًا ( ش ) ; لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348763إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ " ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الصَّلَاةِ رَدُّ ضَوْئِهِ لَيْلًا ; لِتَحْصُلَ مَصْلَحَتُهُ وَقَدْ فَاتَ ذَلِكَ ، وَلَوْ كُسِفَ فَلَمْ يُصَلُّوا حَتَّى غَابَ بِلَيْلٍ لَمْ يُصَلُّوا خِلَافًا ( ش ) ; لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ لَا تَعُودُ .
الْخَامِسُ فِي الْجَوَاهِرِ :
nindex.php?page=treesubj&link=1175لَا يُصَلَّى لِلزَّلَازِلِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْآيَاتِ ، وَحَكَى
اللَّخْمِيُّ عَنْ
أَشْهَبَ الصَّلَاةَ وَاخْتَارَهُ .
السَّادِسُ فِي الْجَوَاهِرِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=1185اجْتَمَعَ عِيدٌ وَكُسُوفٌ قُدِّمَ الْكُسُوفُ ، وَفِيهِ سُؤَالَانِ : الْأَوَّلُ : أَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا مُحَالٌ عَادَةً ، فَإِنَّ كُسُوفَ الشَّمْسِ إِنَّمَا يُكْسَفُ بِالْقَمَرِ إِذَا حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا فِي دَرَجَتِهَا يَوْمَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ ، وَعِيدُ الْفِطْرِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نَحْوُ ثَلَاثَةَ عَشْرَةَ دَرَجَةً مُنَزَّلَةً ، وَالْأَضْحَى يَكُونُ بَيْنَهُمَا نَحْوُ مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ دَرَجَةً وَعَشْرُ مَنَازِلَ ، نَعَمْ يُمْكِنُ عَقْلًا أَنْ يَذْهَبَ ضَوْءُ الشَّمْسِ بِغَيْرِ سَبَبٍ أَوْ بِسَبَبٍ غَيْرِ الْقَمَرِ ، كَحَيَاةِ إِنْسَانٍ بَعْدَ قَطْعِ رَأْسِهِ أَوْ إِخْلَاءِ جَوْفِهِ ، الْكَلَامُ عَلَى مِثْلِ هَذَا مُنْكَرٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ مَعَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَجَمَاعَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ تَحَدَّثُوا فِيهِ . السُّؤَالُ الثَّانِي : أَنَّهُ ذَكَرَ فِي بَابِ التَّطَوُّعِ أَنَّ الْعِيدَيْنِ آكَدُ مِنَ الْكُسُوفِ ، وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِتَقْدِيمِهِ ، وَجَوَابُهُ : أَنَّ الْكُسُوفَ يُخْشَى ذَهَابُ سَبَبِهِ بِخِلَافِ الْعِيدَيْنِ ، كَمَا نُقَدِّمُ جَوَابَ الْأَذَانِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ خَشْيَةَ الْفَوَاتِ ، فَإِنِ
nindex.php?page=treesubj&link=1186اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَجُمُعَةٌ ; قُدِّمَتِ الْجُمُعَةُ عِنْدَ خَوْفِ فَوَاتِهَا ، وَإِنْ أُمِنَ قُدِّمَ الْكُسُوفُ ، وَتُقَدَّمُ الْجِنَازَةُ عَلَى الْكُسُوفِ وَالْجُمُعَةِ ، إِلَّا أَنْ يَضِيقَ وَقْتُهَا . قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ : وَيُقَدَّمُ الْعِيدَانِ عَلَى الِاسْتِسْقَاءِ ; لِأَنَّ وَقْتَهُمَا يَفُوتُ وَالْمَطْلُوبُ فِيهِمَا الزِّينَةُ وَفِيهِ الْخُمُولُ ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُتَنَاقِضٌ .