[ ص: 494 ] الباب الثاني في شروطه .
وهي تسعة ، وهي كلها للوجوب إلا النية .
، وسيأتي صوم الصبيان في باب التطوع - إن شاء الله تعالى - . الشرط الأول : البلوغ
، وفي الجواهر : الجنون يمنع الصحة بخلاف استتاره بالنوم مطلقا أو . . . بالإغماء على تفصيل يأتي ، وفي الكتاب : إن الشرط الثاني : العقل ، وإن مضى أكثره قبل الإغماء أو أغمي عليه جملة النهار أو أكثره لم يجزه صومه ، قال أغمي عليه بعد الفجر إلى نصفه أو نام جميعه أجزأه سند : إن ، فالمشهور عدم الإجزاء ، قال أغمي عليه قبل الفجر حتى طلع ابن حبيب : ولا يلزمه الكف ، وقال أشهب : يجزئه ، وقال ( ح ) : يجزئه مطلقا ولو أغمي عليه جملة الشهر ; لأن ما لا يبطل الصوم قليله لا يبطله كثيره كالسفر ، والنوم عكسه الحيض ، وقال القاضي إسماعيل : يسيره يفسده ولو في وسط النهار كالحيض ، وقال ( ش ) : تكفي إفاقته في جزء من النهار لتحصل النية . وابن حنبل
تمهيد :
الإغماء يشبه النوم من جهة عدم العقل ، ويشبه الحيض ; لأن كلا منهما مناف للصلاة ، فمن غلب شبه النوم لم يبطل مطلقا ، أو شبه الحيض أبطل [ ص: 495 ] مطلقا ، ومن سوى رجح بأمر خارج وهو أكثرية النهار وأن لا يصادف أول أجزاء العبادة ; فإن عدمه شرط ، وشأن الشرط التقدم على أول الأجزاء ، ومنهم من لاحظ وجود النية فقط مع تجويز إيقاعها عنده في النهار . قال اللخمي : والحكم في الجنون قبل الفجر أو بعده أيسر النهار أو أكثره مثل الإغماء وفاقا وخلافا ، وهذا خلاف ما في الجواهر والجلاب والتنبيه لأبي الطاهر ، فإنهم قسموا الإغماء ولم يقسموا الجنون ، ووافقهما صاحب التلقين فقال : الجنون والإغماء يمنعان من ابتداء الصوم ، وقد يمنعان من استصحابه على وجهه ، قال ابن القاسم : لا يعتبر في الإغماء المرض ، وقال : إن كان مرض أجزأه ولو طلع الفجر عليه كذلك ، قال ابن الماجشون اللخمي : ، ولا يجوز له فطر بقيته ، وفي الكتاب : لو بلغ مطبقا سنين قضى الصوم دون الصلاة ، ولا يقضي عند ( ح ) و ( ش ) كالصبا . لنا أنه مرض فيندرج في قوله تعالى : ( ولو طلع الفجر على من أذهب عقله السكر لم يجزه صوم ذلك اليوم فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) . قال سند : وكذلك لو بلغ عاقلا ثم جن ، وفي الجلاب قال عبد الملك فيما أظنه : لاستقرار عدم التكليف عليه ، وإذا قلنا بالقضاء ، قال إن بلغ مجنونا فلا قضاء عليه مالك : إنما يقضي مثل الخمس سنين ، فأما العشرة فلا لكثرة المشقة ، قال أبو الطاهر : إن بلغ غير مطبق وقلت السنون ، وجب القضاء بلا خلاف ، وإن كثرت السنون ، ففي المذهب ثلاثة أقوال : القضاء مطلقا وهو المشهور ، ونفيه مطلقا ، ونفيه مع كثرة السنين نحو العشرة .
، وكونه شرطا في الوجوب يتخرج على كونهم مخاطبين بالفروع . وفي الكتاب : الشرط الثالث : الإسلام ، والأحسن قضاء يوم إسلامه ; لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " من أسلم في رمضان فليس عليه قضاء ما مضى منه " . الإسلام يجب ما قبله
[ ص: 496 ] بخلاف الجنابة ; لقوله تعالى : ( الشرط الرابع : الطهارة من الحيض فالآن باشروهن ) إلى قوله تعالى ( حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) . ، ولولا ذلك لوجب الإمساك قبل الفجر للغسل ، وفي الموطأ : " " . وفي الكتاب : إن كان - صلى الله عليه وسلم - ليصبح جنبا من جماع غير احتلام في رمضان ثم يصوم اغتسلت بعده وأجزأها الصوم ، وإلا أكلت ذلك اليوم . قال رأت الطهر قبل الفجر سند : قال : إن أخرته بتفريط لم يجزها ، وقيل : لا يجزيها بحال تسوية بين الصلاة والصوم . وقال ابن مسلمة مالك أيضا : إن أمكنها الغسل فلم تفعل . . . ، وإن كان الوقت ضيقا لا يسع فلا ; لأن التمكن من الطهارة شرط في الصلاة ; فيكون شرطا في الصوم ، وقيل : تصوم وتقضي احتياطا . وفي الكتاب : إن صامت وقضت . قال : قال شكت في تقدم الطهر قبل الفجر الباجي : من الأصحاب من قال : هذه رواية بأن الحيض لا تقطع النية السابقة ، ومنهم من قال : بل رواية في جواز الصوم بنية من النهار ، قال سند : وليس كذلك ، فإن مالكا لم يعين ذلك وسط الشهر فيصح الأول ، ولا قال يجزيها الصوم فيصح الثاني ، بل يحتمل أن يريد بالصوم الإمساك فلم يخالف أصله .
الشرط الخامس : القدرة ، قال اللخمي : المرض أربعة أقسام : خفيف لا يشق معه الصوم ، وشاق لا يتزيد بالصوم ، وشاق يتزيد أو تنزل علة أخرى ، وشاق يخشى طوله بالصوم ; فحكم الأول كالصحيح ، والثاني التخيير بين الصوم والفطر ، والثالث والرابع ليس لهما الصوم ، فإن صاما أجزأهما . والضعيف البنية إن لم يجهده الصوم لزمه ، وإن أجهده فقط كان مخيرا ، أو خاف حدوث علة لم يكن له الصوم ، ولا قضاء إن أفطر ما دام كذلك ، فإن تغيرت حالته قضى ، وكذلك الشيخ الكبير . قال صاحب المقدمات : إن ، فقال قدر على الصيام من غير جهد إلا أنه يخشى التزيد بالصوم ابن القاسم : يجوز له [ ص: 497 ] الفطر ، وقيل : لا يجوز لقدرته على الصوم ، قال والأول أصح .
، قال الشرط السادس : الزمن القابل للصوم اللخمي : ثمانية : الفطر ، والنحر ، وأيام منى ، وأيام الشك ، والجمعة ، والسبت : أن يخص أحدهما بصيام . أما العيدان فبالإجماع ، وأما أيام منى فيجوز الأيام المنهي عن صيامها مالك صيامها ; لما في الصحيحين : " " . ومفهومه جواز ما عداهما ، ولإجماع المذهب على صومهما للمتمتع ، بخلاف يوم [ العيد ] . وأجاز في المدونة الرابع فقط ; لأن للمتعجل أن يسقطه ، وقال نهى - صلى الله عليه وسلم - عن صيام يوم الفطر والأضحى أشهب : يفطر جميعها وإن . . . ، وفي الترمذي : " " ، وفي الصحيح النهي عن لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم . تخصيص الجمعة بصيام
تنبيه
الصوم يوم العيد لا ينعقد قربة ، والصلاة تنعقد قربة في الدار المغصوبة ، والجميع محرم ومنهي عنه ، فالفرق أن المنهي عنه تارة تكون العبادة الموصوفة بكونها في المكان أو الزمان أو في حالة من الحالات فيفسد ; لأن النهي يقتضي فساد المنهي عنه ، وتارة يكون المنهي عنه هو الصفة المقارنة للعبادة فلا يفسد ، والعبادة يتعلق النهي بوصف خارج عن العبادة ، والمباشر بالنهي في صوم العيد هو الصوم الموصوف بكونه في اليوم ، ولفظ الحديث يشهد لذلك ، والمباشر للنهي في الصلاة في الدار المغصوبة إنما هو الغاصب ، ولم يرد نهي في الصلاة المقارنة للوصف بل في الغصب فقط ، والقضاء على الصفة لا ينتقل للموصوف ولا بالعكس ، كما يصح أن يقال : شرب الخمر مفسدة ، ولا يصح أن يقال : شارب الخمر مفسدة ، كما لا يصح أن يقال : شارب الخمر ساقط العدالة ، فظهر أن أحكام الصفات لا تنتقل إلى الموصوفات ، وظهر أن النهي في الصوم عن الموصوف ، وفي الصلاة عن الصفة ، وظهر الفرق ، وهذه قاعدة يتجه [ بها ] كثير [ ص: 498 ] من الفروع في أبواب الفقه وموارد الشرع .
، وفي الجواهر : يشترط فيها أن تكون معينة لخصوص الصوم الذي شرع فيه مبيتة من الليل ، جازمة من غير تردد ، وفي هذه القيود فروع ستة : الشرط السابع : النية
الأول : في الكتاب : إن اعتقد أول رمضان من شعبان يكف ويقضي ، وإن أكل بعد علمه لم يكفر إلا أن يفعله منتهكا وهو يعلم ما يلزم المنتهك ، أما الإمساك فلقوله : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) . فإنه يدل على وجوب الإمساك صوما شرعيا ، [ ولما ] بطل كونه شرعيا أيضا بقي الأصل الإمساك ، وفي أبي داود : " أسلم أتوه - صلى الله عليه وسلم - فقال : أصمتم يومكم هذا ؟ فقالوا : لا ، فقال : أتموا بقية يومكم واقضوا " . أن
وأما القضاء فعليه إن أكل أو لم يأكل ، قال عبد الملك في المبسوط و ( ح ) : يكف ويجزئه ; لأن ولم يتأت له فيجب عليه قضاؤه توقيتا بالسبب . شهود الهلال سبب الصوم الواجب
الثاني : أن ، ويمنع . . . إذا تعين الصوم وكان مقيما صحيحا . لنا قوله - صلى الله عليه وسلم - في النية واجبة لرمضان : " النسائي " . وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل " . . . المسافر ، والمريض ، والقاضي . قال الأعمال بالنيات سند : ولا تصح عند مالك و ( ش ) إلا من ليلته ، لا قبلها ولا بعدها ، وقال ( ح ) : تجزئ قبل الزوال في كل معين كرمضان والنذر وشبهه ، وقال : وابن . . . . . : إذا لم يأكل ولم يشرب بعد الصباح ثم تحقق رمضان أمسك وأجزأه ولا يقضي ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - ابن الماجشون " . وجوابه منع وجوب [ ص: 499 ] اليوم ، وليس فيه عدم تقدم النية . لنا أن النية شرط لما تقدم ، وتقدم بعض المشروط على الشرط محال ، وقال ( ح ) : يكفي مطلق النية في رمضان في الحضر ، وفي كل صوم معين حتى لو نوى التطوع وقع فرضا لحصول التعيين بالزمن ، وقياسا على طواف الإفاضة . وجوابه : أن الحج صعب . . . صح فيه ، ولذلك لم يشرع في العمر إلا مرة ، والمعارضة بالقياس على الصلاة . بعث إلى أهل العوالي يوم عاشوراء أن من أكل منكم فيمسك بقية نهاره ، ومن لم يأكل فليصم
تمهيد :
قد تقدمت في الطهارة مباحث ، وأنها إنما شرعت لتمييز العبادات عن العادات ، أو لتميز مراتب العبادات في نفسها ، فمتى حصل التمييز استغني عنها ، وهذا الشرط هو الذي لاحظ . . . التمييز حاصل لهذه العبادة بزمانها ولا تقع إلا على وجه واحد . . . يتعين زمانه ; فلذلك حصل الاتفاق على تعيين النية ، والأظهر استمرار إبقاء زمانها إلى الفجر ; لأن الأصل مقارنة النية لأول أجزاء المنوي ، وقيل : تتقدم قبل الفجر وتجزئ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " " . ولا تعاد بالنوم والأكل بعدها خلافا لبعض الشافعية ; لقوله تعالى : ( لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) . ويكفي في رمضان نية واحدة عند مالك خلافا ل ( ح ) و ( ش ) ; لأن قوله تعالى ( وابن حنبل فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) ، يقتضي صومه ليلا ونهارا وأنه عبادة واحدة تجزي بنية واحدة ، خصص الليل ، وبقي ما عداه على الأصل ; ولقوله : " " . ومقتضاه إجزاء رمضان . . . بنية واحدة لعموم الألف واللام خصص ما عدا الشهر بالإجماع ، فيبقى الشهر . لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل
[ ص: 500 ] تمهيد :
المنوي ثلاثة : عبادة متحدة لا يتخللها شيء تكفي فيها نية واحدة إجماعا ، وعبادة يمكن أن يتخللها غيرها من جنسها وغير جنسها . . . فتتعدد نياتها اتفاقا ، وعبادة يمكن أن يتخللها غير جنسها فقط كأيام رمضان فإنه يتخللها الصلاة . . . والذكر دون الصوم ، فأشبهت العبادة الواحدة من جهة عدم تخلل الجنس ، والعبادات من جهة تخلل غير الجنس ، فالشبهان منشأ الخلاف بين العلماء ، وألحق مالك الصوم المتتابع برمضان بجامع التتابع . وفي الجواهر : وكذلك من شأنه سرد الصوم ، قال الأبهري : ذلك استحسان ، والقياس التجديد .
وقال اللخمي فيما لا تجب متابعته كصوم المسافر ، وما لا تجب متابعته كصوم الاثنين والخميس ثلاثة أقوال : ثالثها : يجزئ في الأول دون الثاني ، قال سند : وإذا قولان ، وفي التلقين : لا تنقطع نيته بطرو السفر ; لأنها وقعت وقت التحتم ، وتنقطع إذا وقعت في السفر وطرأت الإقامة لوقوعها حالة عدم التحتم ، وإذا سافر في رمضان ففي احتياجه لتبييت النية في كل ليلة ، قال سها عن الصوم المتتابع وأصبح ينوي الفطر : صح ، وقال ابن الماجشون أشهب : لا تجزيه ، كمن خرج من فرض الصلاة إلى نفلها ، والحيض يوجب تجديد النية ; لأنها تبطل الفعلية فأولى الحكمية .
الثالث : في الكتاب : قال ابن القاسم : إذا أجزأه وعليه قضاء الآخر ، وقاله ( ح ) و ( ش ) . ولو نوى برمضان أداء الحاضر وقضاء الخارج أجزأه لنذره وقضاء فرضه ; لأنه أوجبها عند الله تعالى . قال صاحب النكت : اختلف في كسر الخاء من الآخر وفتحها ، والفتح الصواب ، والفرق أن رمضان شهر . . . ، وقد عينه الشرع للحاضر فيكون القصد للآخر قصدا للمحال المستحيل ، . . . والحج على التراخي ، ويكون عليه الإطعام لتأخير القضاء ، وعلى القول الآخر لا إطعام عليه ; لأنه لم يحل بينه وبين القضاء صوم ، وإذا صام رمضان وشعبان عن ظهاره لا يجزئه رمضان ; لفرضه ولا لظهاره . نوى بحجته نذره وفرضه
[ ص: 501 ] والفرق أنه هاهنا صامه عن جنسه وأجزأه لتقاربهما ، بخلاف الظهار ، قال سند : حجة الإجزاء عن الخارج أن الصومين في الذمة ، والمكلف هو المعين كالديون إلا أن أحدهما عين له الزمان ، ومع ذلك فهو قابل لهما ، كوقت الصلاة إذا ضاق فإنه يتعين لها ويصح فيه غيرها من الصلاة ، وإذا قبلهما فأولاهما بالقضاء أوجبهما ، وقال أشهب : لا يجزئ عن واحد منها ; لأنه لا يجزئ عليهما إجماعا ، وليس أحدهما أولى من الآخر ، فقياسا على ما إذا أحرم لحاضرة وفائتة . . . عن نذره ، وفرضه لم يجزه عن واحد منهما ; لأن رمضان لا يقبل غيره ، وهو لم يبق وقاله ( ش ) ; وحيث قلنا لا يجزيه عن فرضه ، فالظاهر أنه لا كفارة عليه في فرضه ، وقال : يكفر كفارة المتعمد . ابن المواز
الرابع : قال صاحب النكت : من رفض صيامه أو صلاته كان رافضا ، بخلاف رفض الإحرام والوضوء بعد كماله أو في خلاله ، والفرق أن النية مرادة للتمييز ، والحج والوضوء مميزان بمكانيهما المتعبد بهما ، والصلاة والصيام لم يعين لهما مكان ، فكان احتياجهما إلى النية أقوى وأثر الرفض فيهما .
الخامس : في الكتاب : النهي عن أول رمضان ، وقاله ( ح ) و ( ش ) خلافا صوم يوم الشك لابن حنبل للتردد في النية ، وكان يصومه احتياطا . لنا قوله - صلى الله عليه وسلم - : " ابن عمر " . فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين يوما
إشكالان .
الأول : من شك في الفجر لا يأكل ، ومن شك في رمضان لا يصوم ; فما الفرق ؟
الثاني أن القاعدة أن ، كما أنه الفعل إذا دار بين الوجوب والندب فعل ، وهذا دار بين الوجوب والندب ; لأنه إن كان من رمضان فواجب ، أو إن كان من شعبان فمندوب . إذا [ ص: 502 ] دار بين التحريم والكراهة ترك
والجواب عن الأول : أن رمضان عبادة واحدة ، وإنما الأكل بالليل رخصة ; لقوله تعالى : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) . والضمير عائد على الجميع ، والأصل في الليل الصوم وفي شعبان الفطر . وعن الثاني أنه دائر بين التحريم والندب . فيتعين الترك إجماعا ; لأن النية الجازمة شرط وهي هاهنا متعذرة ، وكل قربة بدون شرطها ففعلها حرام ; فإن كان صومه من رمضان فهو حرام لعدم شرطه ، أو من شعبان فهو مندوب ، قال سند : الظاهر أنه لا يكره الأكل فيه ، وكرهه عبد الوهاب مع الغيم ، . . . وإن صامه احتياطا ووافق رمضان لم يجزه عند مالك لعدم تعيين النية ، خلافا ل ( ح ) على أصله في النية ، ولا يكره صومه إذا وافق عادته ، خلافا لبعض الشافعية ; لقوله في أبي داود : " " ، ولا يكره صومه تطوعا ، خلافا لا تقدموا شهر رمضان بيوم ولا بيومين ، إلا أن يكون صوما يصومه رجل فليصم ذلك لجزم النية ، والنهي إنما ورد أن يكون من رمضان لعدم الجزم ، وقال لمحمد بن مسلمة أبو الطاهر : صومه تطوعا مكروه لموافقة أهل البدع ، وصومه احتياطا منهي عنه على نصوص المذهب ، واستقرأ اللخمي وجوبه من أحد القولين في وجوب الإمساك على من شك في طلوع الفجر ، وفي أحد الأقوال في الحائض تتجاوز عادتها تصوم وتقضي ، قال : وفيه نظر .
السادس : في الكتاب : إذا إن صادف قبله لم يجزه ; لكونه قبل سبب الوجوب كالظهر قبل الزوال ، أو بعده أجزأه ; لكونه قضاء كالظهر بعد الغروب ، قال التبست الشهور على الأسير فصام شهرا يظنه رمضان سند : قال الباجي : يتخرج الصوم بعده على القولين في إجزاء الأداء عن القضاء ، كما لو مضت له شهور فكان صومه في شعبان ، قال : يقضي شهرا واحدا ، وقيل : الشهور كلها ; لاختلاف الأئمة ، قال : والتخريج باطل ، ولا يعرف خلاف في إجزاء الأداء عن [ ص: 503 ] القضاء ، وإنما منع الإجزاء أنه لم ينو بالثاني قضاء الأول ولا أداءه ، فلم ترتبط به النية فلا يجزئ ، كما لو صلى الأعمى الظهر قبل الزوال أياما لم يكن الثاني قضاء عن الأول ; لعدم ارتباطه به قضاء ولا أداء ، وإنما قيل . . . لمشقة الصوم . وفي الجواهر : سحنون ، قضى الجميع على المشهور ، قال لو استمر الأسير سنين متوالية يصوم قبل سند : فلو صادف شوالا أو ذا الحجة فإن كان رمضان ثلاثين وشوال ثلاثين قضى يوما ، أو تسعة وعشرين قضى يومين ، وإن كان رمضان تسعة وعشرين وشوال ثلاثين لم يقض شيئا ، ولا يعيد في النحر ليوم النحر وأيام التشريق ، ويعمل على ما تقدم ، وألزمه بعض الشافعية قضاء يومين من شوال إن كان قضاء ، أو يوما إن كان أداء ، ولم يعتبر رمضان ، وكذلك في النحر ، وروي عن مالك : من أفطر رمضان كله لعذر ; قضى شهرا تاما ، والشهر الأول ; لقوله تعالى : ( فعدة من أيام أخر ) . بخلاف من عليه نذر مطلق تناول لفظ الشهر من الهلال إلى الهلال ، ولو لم يترجح عند الأسير شيء ، قيل : يصوم السنة ، كمن نذر يوما ونسيه ، فقيل : يصوم الجمعة ، وقيل : ومن خفي عليه جهة القبلة صلى أربع صلوات ، والحق ألا يلزمه شيء لعدم تحقق السبب ، والفرق أن رمضان يجوز فطره للعذر ، وهذا معذور حتى يطلع ، والنذر لا يجوز فطره مع القدرة ، وكذلك التوجه للبيت ، ولو تحرى شهرا فلما قدم نسيه ، قال ابن القاسم : يعيد كل . . . حتى يتيقن . قال : لا شيء عليه ; لأنه فعل ما يقدر عليه . ابن الماجشون