النوع الثالث : الهدايا ، وفي ( الكتاب ) : القائل : علي هدي ، فما نوى ، وإلا فبدنة ، فإن لم يجد فبقرة ، فإن لم يجد فشاة ، ولو قال : بدنة فلم يجدها فبقرة ، فإن لم يجدها فسبع من الغنم ، فإن لم يجد فلا يجب صوم ، فإن أحب فعشرة أيام ; لأنها بدل في دماء الحج ، فإن أيسر فعل ما نذر ، وإن فعليه هدي . قال قال لحر : إن فعلت هذا أهديتك إلى بيت الله ، فيحنث علي ، رضي الله عنه : شاة . تصحيحا لتصرف المكلف بأقرب وجوه الإمكان ، فإن قال : عبد فلان أو داره ، أو شيء من ماله هدي ، فحنث ، فلا شيء عليه لقوله ، عليه السلام : ( ولا فيما لا يملك ابن آدم لا نذر في معصية الله ) . قال اللخمي : قال مالك في الحج : القائل : علي هدي . يجزئه شاة . والمدرك : هل ينظر إلى أعلى مراتب الهدي احتياطا ، أو لأقله لأن الأصل براءة الذمة كمن نذر شهرا ، فقيل : يصوم ثلاثين ، وقال : تسعة وعشرين ، وهي قاعدة أصولية إذا علق الحكم على اسم هل يقتصر على أدناه أو يرتفع لأعلاه ، وقال ابن عبد الحكم ابن نافع : لا تجزئه البقرة عند العجز ; لأن الناس لا يعرفون البدن إلا من الإبل ، وإن صدقت على البقر لغة . قاله الخليل ، ودليل الغنم حديث جابر : . نحرنا مع النبي - عليه السلام - البدنة عن سبع ، والبقرة عن سبع
وقال مالك أيضا : إذا أعسر صام عشرة أيام إن قال : علي هدي ، وإن قال : علي بدنة صام سبعين يوما ، وقال أشهب : إن أحب صام تسعين يوما ، وقال أشهب : [ ص: 87 ] إن أحب صام سبعين ، أو أطعم سبعين مسكينا ; لأن الكفارات لكل يوم مسكين ، وفي ( الكتاب ) : القائل : لله علي نحر جزور ينحرها مكانه ، وكذلك إذا قال : بالبصرة ، وسوق البدن إلى غير مكة من الضلال ، وقال أيضا : ينحره حيث نوى لتعلق حق تلك المساكين بها . قال ابن حبيب : والحالف بصدقة ماله على بلد يتصدق به على مساكين تلك البلد ، والبحث هاهنا كالبحث في إتيان غير المساجد الثلاث ، وقد تقدم ، والناذر هديا معينا يوفي به إن كان يبلغ سالما من العيوب ، وفي ( سنن الهدي ) : ويبعث الإبل وإن بعد الموضع ، وإن لم يبلغ بيع واشتري بثمنه من الإبل إن بلغ ، أو من البقر وإلا فمن الغنم ، وإلا تصدق بالثمن عند ابن القاسم حيث شاء ، وقال مالك : يجعله فيما تحتاج إليه الكعبة قال : والرأي أن يتصدق به بمكة ، ولو شرك به في هدي لكان له وجه ، ويشتري بموضع يرى أنه يبلغ أصلح ، ولا يؤخر إلى موضع أعلى إلا أن يتعذر سائقه ، فيؤخر الشراء إلى مكة ، ثم يخرج به إلى الحل ; لأنه شرط الهدي ، وإن وجد شراء الأقل ببعض الطريق ، وشراؤه بمكة يوجد أفضل ، اشتري الآن وسيق إلى مكة ، وإن كان الأول خمسا أو ستا من الغنم ، ووجد بثمنها بقرة اشتراها ، وإن كانت ثماني فأكثر ، فشراؤها أفضل من شراء البدن إن كفاها الثمن ; لأن البدنة جعلت عن سبع ، فالسبعة أفضل .
وإن نذر عبدا أو دارا ، بيعت واشترى من موضع هو أصلح . قال أشهب : إن أهداها ، أو غير معينة أهدى سليمة . قال : وأرى المعين ، وغيره سواء إذا قصد القربة ، وإلا فهو نذر معصية ، وفي ( الكتاب ) : القائل : نذر بدنة عوراء ، أو عرجاء معينة بمكة ، وإن قال : جزور . نحر بموضعه ; لأنه لفظ لا يختص لله علي نحر بدنة أو هدي ينحر بمكة ، وإن نوى موضعا أو سماه لا يخرجها إليه ، كانت معينة أو غير معينة ، وناذر مال غيره لا شيء عليه ، أو ماله يشتري بثمنه هديا ، فإن بعث به اشترى بثمنه هناك ، فإن لم يبلغ هديا ، فأقله شاة ، أو فضل عنه ما لا يبلغ هديا دفع [ ص: 88 ] لخزنة الكعبة ينفق عليها . قال ابن القاسم : إن أحب تصدق به حيث شاء ، وأعظم مالك أن يشرك مع الحجبة غيرهم ; لأنها ولاية منه - عليه السلام - لدفعه المفاتح إلى ، وإن خاف على المنذور هديا عدم الوصول للبعد باعه واشترى بثمن الغنم غنما ، وبثمن الإبل إبلا ، وبثمن البقر بقرا ، ويجوز أن يشتري بثمن البقر إبلا ; لأنها لما بيعت صارت كالعين ، وأكره شراء الغنم بثمنها حتى يعجز عن البدن والبقر من عثمان بن طلحة مكة أو من موضع تصل . وإن ابتاعها من مكة أخرجها للحل ثم أدخلها الحرم ; لأنه شرط الهدي ، وفي ( الجواهر ) : ، وقال القائل : علي هدي . إن نوى شيئا فعله ، وإلا فبدنة ، فإن لم يجد فبقرة ، فإن لم يجد فشاة أشهب : أدنى ما يجزئه شاة إلا أن ينوي أفضل منها .
فرع : في ( الكتاب ) : القائل : إن فعلت كذا فإني أنحر ولدي . فعليه كفارة يمين . قاله نظرا لفداء ابن عباس إسحاق - عليه السلام - أو لأنه نذر لا مخرج له لتعذر هذا المخرج شرعا ، ثم رجع مالك ، فقال : لا شيء عليه إلا أن يريد التقرب بالهدي فيهدي ، والقائل : أنحر ولدي بين الصفا والمروة أو بمنى فعليه الهدي ; لأن طرق مكة وفجاجها كلها منحر ، فصار للفظ دلالة على التقرب بالهدي لكن بما لا يجوز التقرب به ، فيسقط الخصوص لتعذره شرعا ، ويبقى العموم سالما عن المعارض ، وهو مفهوم الهدي ، فيوفي به ، ويلزمه في أبويه ما يلزمه بالولد . قال ابن يونس : قال ابن القاسم : وكذلك الأجنبي ، وقال بعض فقهائنا : إنما يهدي في الولد إذا ذكر فعلا نحو قوله : إن فعلت ، وأما قوله : علي نحر ولدي لله ، فلا شيء عليه ; لأنه نذر معصية . قال : والكل عندي سواء ، والصواب أن لا شيء عليه إلا أن ينوي وجه الهدي ، وفي ( الجواهر ) : لو كان للحالف عدة أولاد أهدى عن كل واحد منهم هديا ، وقيل : يكفي هدي لجميعهم .