[ ص: 124 ] فصل
في كيفية الصلاة
أما أقلها ، فأركانها سبعة .
الأول : ، ووقتها ما سبق في سائر الصلوات . وفي اشتراط الفرضية الخلاف المتقدم ، وهل يشترط التعرض لكونها فرض كفاية ، أم يكفي مطلق الفرض ؟ وجهان . أصحهما الثاني . ثم إن كان الميت واحدا ، نوى الصلاة عليه ، وإن حضر موتى ، نوى الصلاة عليهم ، ولا حاجة إلى تعيين الميت ومعرفته ، بل لو نوى الصلاة على من يصلي عليه الإمام ، جاز ، ولو عين الميت وأخطأ ، لم تصح . النية
قلت : هذا إذا لم يشر إلى الميت المعين ، فإن أشار ، صح في الأصح . - والله أعلم - .
ويجب على المقتدي نية الاقتداء .
ولا يجزئ عنه القعود مع القدرة على المذهب ، كما سبق في التيمم . الركن الثاني : القيام ،
الثالث : ، ولو كبر خمسا ساهيا ، لم تبطل صلاته ، التكبيرات الأربع . وإن كان عامدا لم تبطل أيضا على الأصح الذي قاله الأكثرون . وقال ابن سريج : الأحاديث الواردة في تكبير الجنازة أربعا ، وخمسا هي من الاختلاف المباح ، والجميع سائغ . ولو كبر إمامه خمسا ، فإن قلنا : الزيادة مبطلة ، فارقه ، وإلا فلا ، ولكن لا يتابعه فيها على الأظهر ، وهل يسلم في الحال ، أم له انتظاره ليسلم معه ؟ وجهان . أصحهما الثاني . ولا مدخل لسجود السهو في هذه الصلاة
[ ص: 125 ] وفي وجوب نية الخروج معه ، ما سبق في سائر الصلوات ، ولا يكفي : السلام عليك ، على المذهب ، وفيه تردد جواب عن الشيخ الرابع : السلام ، أبي علي . الخامس : ، فظاهر كلام قراءة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى ، أنه ينبغي أن تكون الفاتحة عقب الأولى متقدمة على الثانية ، لكن حكى الغزالي الروياني وغيره عن نصه : أنه لو أخر قراءتها إلى التكبيرة الثانية ، جاز .
السادس : - بعد الثانية ، وفي وجوب الصلاة على الآل ، قولان أو وجهان كسائر الصلوات ، وهذه أولى بالمنع . الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم
السابع : ، وفيه وجه : أنه لا يجب تخصيص الميت بالدعاء ، بل يكفي إرساله للمؤمنين وقدر الواجب من الدعاء ، ما ينطلق عليه الاسم . وأما الأفضل ، فسيأتي - إن شاء الله تعالى - . الدعاء للميت بعد التكبيرة الثالثة
وأما أكمل هذه الصلاة ، فلها سنن . منها ، ويجمع يديه عقب كل تكبيرة ، ويضعهما تحت صدره كباقي الصلوات ، ويؤمن عقب الفاتحة ، ولا يقرأ السورة على المذهب ، ولا دعاء الاستفتاح على الصحيح ، ويتعوذ على الأصح ، رفع اليدين في تكبيراتها الأربع قطعا ، وكذا في الليل على الصحيح . ونقل ويسر بالقراءة في النهار المزني في ( المختصر ) : أنه والمؤمنات ، فهذه ثلاثة أشياء ، أوسطها الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهي ركن كما تقدم . وأولها ، الحمد ولا خلاف أنه لا يجب ، وفي استحبابه وجهان . أحدهما وهو مقتضى كلام الأكثرين : لا يستحب . والثاني : يستحب ، وجزم به صاحبا ( التتمة ) و ( التهذيب ) . عقب التكبيرة الثانية يحمد الله تعالى ، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ويدعو للمؤمنين
قلت : نقل اتفاق الأصحاب على الأول ، وأن ما نقله إمام الحرمين المزني غير سديد ، وكذا قال جمهور أصحابنا المصنفين ، ولكن جزم جماعة بالاستحباب ، وهو الأرجح . - والله أعلم - .
[ ص: 126 ] وأما ثالثها ، وهو الدعاء للمؤمنين والمؤمنات ، فمستحب عند الجمهور ، وحكى فيه ترددا للأئمة . إمام الحرمين
قلت : ولا يشترط ترتيب هذه الثلاثة ، لكنه أولى . - والله أعلم - .
ومن : إكثار الدعاء للميت في الثالثة ، ويقول : ( اللهم هذا عبدك ، وابن عبديك ، خرج من روح الدنيا وسعتها ومحبوبه وأحبائه فيها ، إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه ، كان يشهد أن لا إله إلا أنت ، وأن محمدا عبدك ورسولك ، وأنت أعلم به ، اللهم نزل بك وأنت خير منزول به ، وأصبح فقيرا إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه ، وقد جئناك راغبين إليك ، شفعاء له ، اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه ، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه ، ولقه برحمتك رضاك ، وقه فتنة القبر وعذابه ، وأفسح له في قبره ، وجاف الأرض عن جنبيه ، ولقه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين ) . هذا نص المسنونات في ( المختصر ) . وفيها دعاء آخر ، وعليه أكثر الشافعي أهل خراسان ، عن - رضي الله عنه - قال : أبي هريرة ) فإن كان الميت امرأة ، قال : ( اللهم هذه أمتك وبنت عبديك ) ويؤنث الكنايات . كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى على جنازة قال : ( اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأنثانا ، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان
قلت : ولو ذكرها على إرادة الشخص ، لم يضر . قال ، وسائر الحفاظ : أصح دعاء الجنازة ، حديث البخاري في ( صحيح عوف بن مالك مسلم ) وهو ) . - والله أعلم - . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على جنازة فقال : ( اللهم اغفر له ، وارحمه ، وعافه ، واعف عنه ، وأكرم نزله ، ووسع مدخله ، واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله دارا خيرا من داره ، وأهلا خيرا من أهله ، وزوجا خيرا من زوجه ، وأدخله الجنة ، وأعذه من عذاب القبر وفتنته ، ومن عذاب النار
[ ص: 127 ] وإن كان طفلا ، اقتصر على رواية - رضي الله عنه - ، ويضم إليه : ( اللهم اجعله فرطا لأبويه ، وسلفا ، وذخرا ، وعظة ، واعتبارا ، وشفيعا ، وثقل به موازينهما ، وأفرغ الصبر على قلوبهما ، ولا تفتنهما بعده ، ولا تحرمهما أجره ) . وأما التكبيرة الرابعة ، فلم يتعرض أبي هريرة في معظم كتبه لذكر عقبها ، ونقل الشافعي عنه أنه يقول بعدها : اللهم لا تحرمنا أجره ، ولا تفتنا بعده ) كذا نقل الجمهور عنه ، وهذا الذكر ليس بواجب قطعا ، وهو مستحب على المذهب . وقيل : في استحبابه وجهان . أحدهما : لا يستحب ، بل إن شاء قاله ، وإن شاء تركه . البويطي
قلت : يسن تطويل الدعاء عقب الرابعة ، وصح ذلك عن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - . - والله أعلم - .
وأما السلام ، فالأظهر أنه يستحب تسليمتان . وقال في ( الإملاء ) : تسليمة يبدأ بها إلى يمينه ، ويختمها ملتفتا إلى يساره ، فيدير وجهه وهو فيها ، هذا نصه . وقيل : يأتي بها تلقاء وجهه بغير التفات . قال : ولا شك أن هذا الخلاف في صفة الالتفات يجري في سائر الصلوات إذا قلنا : يقتصر على تسليمة . إمام الحرمين
ثم قيل : القولان هنا في الاقتصار على تسليمة ، هما القولان في الاقتصار في سائر الصلوات . والأصح : أنهما مرتبان عليهما ، إن قلنا هناك بالاقتصار ، فهنا أولى ، وإلا فقولان ، فإن الاقتصار هناك قول قديم ، وهنا هو قوله في ( الإملاء ) ، وهو جديد . وإذا اقتصر على تسليمة ، فهل يقتصر على ( السلام عليكم ) أم يزيد ( ورحمة الله ؟ ) فيه تردد حكاه أبو علي .
[ ص: 128 ] فرع
، كبر ولم ينتظر تكبيرة الإمام المستقبلة ، ثم يشتغل عقب تكبيره بالفاتحة ، ثم يراعي في الأذكار ترتيب نفسه ، فلو كبر المسبوق ، فكبر الإمام الثانية مع فراغه من الأولى ، كبر مع الثانية ، وسقطت عنه القراءة ، كما لو ركع الإمام في سائر الصلوات عقب تكبيره . ولو كبر الإمام الثانية والمسبوق في أثناء الفاتحة ، فهل يقطع القراءة ويوافقه ، أم يتمها ؟ وجهان كالوجهين فيما إذا ركع الإمام والمسبوق في أثناء الفاتحة ، أصحهما عند الأكثرين : يقطع ويتابعه . وعلى هذا ، هل يتم القراءة بعد التكبيرة لأنه محل القراءة بخلاف الركوع ، أم لا يتم ؟ فيه احتمالان لصاحب ( الشامل ) . أصحهما : الثاني . ومن فاته بعض التكبيرات ، تداركها بعد سلام الإمام ، وهل يقتصر على التكبيرات نسقا بلا ذكر ، أم يأتي بالذكر والدعاء ؟ قولان . أظهرهما : الثاني . المسبوق إذا أدرك الإمام في أثناء هذه الصلاة
قلت : القولان في الوجوب وعدمه ، صرح به صاحب ( البيان ) وهو ظاهر . - والله أعلم - .
ويستحب أن لا ترفع الجنازة ، حتى يتم المسبوقون ما عليهم ، فلو رفعت ، لم تبطل صلاتهم وإن حولت عن القبلة ، بخلاف ابتداء عقد الصلاة ، لا يحتمل فيه ذلك والجنازة حاضرة .
فرع
لو تخلف المقتدي فلم يكبر مع الإمام الثانية أو الثالثة حتى كبر الإمام التكبيرة المستقبلة من غير عذر ، بطلت صلاته كتخلفه بركعة .