فصل
في كيفية الاستنجاء
إذا استنجى بجامد ، وجب الإنقاء ، واستيفاء بثلاث مسحات بأحرف حجر ، أو ما في معناه ، أو بأحجار . ولو حصل الإنقاء بدون الثلاث ، وجب ثلاث . وفي وجه : يكفي الإنقاء ، وهو شاذ ، أو غلط . وإذا لم يحصل الإنقاء بثلاث ، وجبت الزيادة . فإن حصل برابع ، استحب الإتيان بخامس ولا يجب . وفي كيفية الاستنجاء أوجه ، أصحها : يمسح بكل حجر جميع المحل ، فيضعه على مقدم الصفحة اليمنى ، ويديره على الصفحتين إلى أن يصل موضع ابتدائه ، ويضع الثاني على مقدم الصفحة اليسرى ، ويفعل مثل ذلك ، ويمسح بالثالث الصفحتين والمسربة . والوجه الثاني : يمسح بحجر الصفحة اليمنى ، وبالثاني اليسرى ، وبالثالث الوسط . والوجه الثالث أن يمسح بالأول من مقدم المسربة إلى آخرها .
[ ص: 70 ] وبالثاني من آخرها إلى أولها ، ويحلق بالثالث ، وهذا الخلاف في الأفضل على الصحيح . فيجوز عند كل قائل العدول إلى الكيفية الأخرى ، وقيل : لا يجوز .
قلت : وقيل : يجوز العدول من الكيفية الثانية إلى الأولى دون عكسه . والله أعلم .
وينبغي أن يضع الحجر على موضع طاهر بقرب النجاسة ، ثم يمره على المحل ، ويديره قليلا قليلا . فإن أمره ونقل النجاسة من موضع إلى موضع ، تعين الماء ، فإن أمر ولم يدره ولم ينقل ، فالصحيح : أنه يجزئه . والثاني : لا بد من الإدارة .
فرع
المستحب أن يستنجي باليسار . فإن استنجى بماء ، صبه باليمنى ، ومسح باليسرى . وإن استنجت امرأة من بول ، أو غائط ، أو رجل من غائط بالحجر ، مسح بيساره ، ولم يستعن بيمينه في شيء . وإذا استنجى الرجل من البول بجدار أو صخرة عظيمة ونحو ذلك ، أمسك الذكر بيساره ومسحه على ثلاث مواضع . وإذا استنجى بحجر صغير ، أمسكه بين عقبيه ، أو إبهامي رجليه ، أو تحامل عليه إن أمكنه ، والذكر في يساره . فإن لم يتمكن واضطر إلى إمساك الحجر بيده ، أمسكه باليمنى ، وأخذ الذكر باليسرى ، وحرك اليسار وحدها . فإن حرك اليمنى ، أو حركهما جميعا ، كان مستنجيا باليمين . وقيل : يأخذ الذكر باليمين ، والحجر باليسار ويحركها ، وليس بشيء .
[ ص: 71 ] فرع
الأفضل : أن ، ويقدم الجامد . فإن اقتصر ، فالماء أفضل . يجمع في الاستنجاء بين الماء والجامد
فرع
الخنثى المشكل في الاستنجاء من الغائط ، كغيره ، وليس له الاقتصار على الحجر في البول ، إلا إذا قلنا : من انفتح له دون المعدة مخرج ، مع انفتاح الأصلي ، ينتقض وضوءه بالخارج منه ، ويجوز له الاقتصار على الحجر . أما الرجل ، فمخير في فرجيه ، بين الماء والحجر ، وكذا المرأة البكر ، وكذا الثيب . فإن مخرج بولها ، فوق مدخل الذكر . والغالب أنها إذا بالت ، نزل البول إلى مدخل الذكر . فإن تحققت ذلك ، تعين الماء ، وإلا جاز الحجر على الصحيح . والواجب على المرأة غسل ما يظهر إذا جلست على القدمين . وفي وجه ضعيف : يجب على الثيب غسل باطن فرجها .
قلت : ينبغي أن ، فإن قدمهما على الاستنجاء ; صح الوضوء ، دون التيمم ، على أظهر الأقوال . والثاني : يصحان . والثالث : لا يصحان . ولو تيمم وعلى يديه نجاسة ، فهو كالتيمم قبل الاستنجاء ، وقيل : يصح قطعا ، كما لو تيمم مكشوف العورة . وإذا أوجبناه في الدودة ، والحصاة ، والبعرة ، أجزأه الحجر على المذهب . وقيل : فيه القولان في الدم وغيره من النادر ، وهذا أشهر ، وقول الجمهور ، ولكن الصواب : الأول . ولو وقع الخارج من الإنسان على الأرض ، ثم ترشش منه شيء فارتفع إلى المحل ، أو أصابته نجاسة أخرى ، تعين الماء ، لخروجه عما يعم به البلوى . ويستحب أن يبدأ المستنجي بالماء بقبله ، ويدلك يده بعد غسل الدبر ، وينضح فرجه ، أو سراويله [ ص: 72 ] بعد الاستنجاء دفعا للوسواس . ويعتمد في غسل الدبر على أصبعه الوسطى ، ويستعمل من الماء ما يغلب على الظن زوال النجاسة به ، ولا يتعرض للباطن ، ولو غلب على ظنه زوال النجاسة ، ثم شم من يده ريحها ، فهل يدل على بقاء النجاسة في المحل كما هي في اليد ، أم لا ؟ فيه وجهان ، أصحهما : لا . والله أعلم . يستنجي قبل الوضوء والتيمم