فصل
تجب أثم به لأجل الصوم ، وفي الضابط قيود . الكفارة على من أفسد صوم يوم من رمضان بجماع تام
منها : الإفساد ، فمن ، لا يفطر على المذهب ، فلا كفارة . وإن قلنا : يفطر ، ففي لزوم الكفارة وجهان . أصحهما : لا تلزم ، لعدم الإثم . جامع ناسيا
ومنها : كونه من رمضان ، فلا كفارة بإفساد التطوع ، والنذر ، والقضاء ، والكفارة . وأما المرأة الموطوءة ، فإن كانت مفطرة بحيض أو غيره ، أو صائمة ، ولم يبطل صومها ، لكونها نائمة مثلا ، فلا كفارة عليها ، وإن كانت طائعة صائمة ، فقولان .
أحدهما : يلزمها كفارة ، كما يلزم الزوج ، لأنها عقوبة ، فاشتركا فيها كحد الزنا .
وأظهرهما : لا يلزمها ، بل تجب على الزوج . فعلى الأول : لو لم تجب الكفارة على الزوج لكونه مفطرا ، أو لم يبطل صومه لكونه ناسيا ، أو ، لزمتها الكفارة ، ويعتبر في كل واحد منهما حاله في اليسار والإعسار . استدخلت ذكره نائما
وإذا قلنا بالأظهر ، فهل الكفارة التي يخرجها عنه خاصة ، ولا يلاقيها الوجوب ، أو هي عنه وعنها ويتحملها عنها فيه قولان مستنبطان من كلام - رضي الله عنه - ، وربما قيل : وجهان . أصحهما : الأول . الشافعي
ويتفرع عليهما صور .
إحداها : إذا ، فإن قلنا بالأول ، فلا شيء عليها ، وإلا ، فعليها الكفارة ، لأن التحمل بالزوجية . وقيل : تلزمها قطعا . [ ص: 375 ] الثانية : إذا أفطرت بزنا ، أو وطء شبهة ، فعلى الأول : لا شيء عليها ، وعلى الثاني : وجهان . كان الزوج مجنونا
أصحهما : تلزمها ، لأنه ليس أهلا للتحمل ، كما لا يكفر عن نفسه ، والثاني : يجب في ماله الكفارة عنها ، لأن ماله صالح للتحمل .
وإن كان مراهقا ، فكالمجنون . وقيل : هو كالبالغ تخريجا من قولنا : عمده عمد ، وإن كان ناسيا أو نائما ، فاستدخلت ذكره ، فكالمجنون .
الثالثة : إذا ، فلا كفارة عليه . وكذا إن لم يقصد الترخص على الأصح . كان مسافرا والزوجة حاضرة ، فإن أفطر بالجماع بنية الترخص
وكذا حكم . المريض الذي يباح له الفطر إذا أصبح صائما ثم جامع
وكذا الصحيح ، إذا ، فحيث قلنا بوجوب الكفارة ، فهو كغيره . وحكم التحمل ، كما سبق . وحيث قلنا : لا كفارة ، فهو كالمجنون . مرض في أثناء النهار ثم جامع
وذكر أصحابنا العراقيون : فيما لو ، أن الكفارة عليها ، إذا قلنا : الوجوب يلاقيها ، لأنها غرته ، وهو معذور ، ويشبه أن يكون هذا تفريعا على قولنا : لا يتحمل المجنون ، وإلا ، فليس العذر هنا أوضح منه في المجنون . قدم المسافر مفطرا ، فأخبرته بفطرها وكانت صائمة
قلت : قال صاحب " المعاياة " : فيمن ثلاثة أقوال . وطئ زوجته
أحدها : تلزمه الكفارة دونها ، والثاني : تلزمه كفارة عنهما ، والثالث : تلزم كل واحد كفارة ، ويتحمل الزوج ما دخله التحمل من العتق والإطعام .
فإذا ، لزمه على القول الأول كفارة فقط عن الوطء الأول ، ولا يلزمه شيء بسبب باقي الوطآت ، ويلزمه على الثاني ، أربع كفارات ، كفارة عن وطئه الأول عنه وعنها ، وثلاث عنهن لا تتبعض ، إلا في موضع يوجد تحمل الباقي ، ويلزمه على الثالث خمس كفارات ، كفارتان عنه وعنها بالوطء الأول ، وثلاث عنهن . وطئ أربع زوجات في يوم
قال : ولو ، فعلى الأول : عليه كفارة واحدة بكل حال . كان له زوجتان ، مسلمة وذمية ، فوطئهما في يوم
وعلى الثاني : إن قدم وطء المسلمة ، [ ص: 376 ] فعليه كفارة ، وإلا ، فكفارتان ، وعلى الثالث : كفارتان بكل حال ، لأنه إن قدم المسلمة ، لزمه كفارتان عنه وعنها ، ولا يلزمه للذمية شيء . وإن قدم الذمية ، لزمه لنفسه كفارة ، ثم للمسلمة أخرى . هذا كلامه ، وفيه نظر . والله أعلم .
الرابعة : إذا قلنا : الوجوب يلاقيها ، اعتبرنا حالهما جميعا ، وقد تتفق ، وقد تختلف . فإن اتفق ، نظر ، إن كانا من أهل الإعتاق أو الإطعام ، أجزأ المخرج عنها ، وإن كان من أهل الصيام لكونهما معسرين أو مملوكين ، لزم كل واحد صوم شهرين ، لأن العبادة البدنية لا تتحمل .
وإن اختلف حالهما ، فإن كان أعلى حالا منها ، نظر ، إن كان من أهل العتق وهي من أهل الصيام أو الإطعام ، فوجهان .
الصحيح وبه قطع العراقيون : أنه يجزئ الإعتاق عنهما ، لأن من فرضه الصوم أو الإطعام ، يجزئه العتق ، إلا أن تكون أمة ، فعليها الصوم ، لأن العتق لا يجزئ عنها .
قال في " المهذب " : إلا إذا قلنا : العبد يملك بالتمليك ، فإن الأمة كالحرة المعسرة .
قلت : هذا الذي قاله في " المهذب " غريب ، والمعروف ، أنه لا يجزئ العتق عن الأمة . وقد قال في المهذب في باب العبد المأذون : لا يصح إعتاق العبد ، سواء قلنا : يملك ، أم لا ، لأنه يتضمن الولاء ، وليس هو من أهله . والله أعلم .
والوجه الثاني : لا يجزئ عنها ، لاختلاف الجنس . فعلى هذا ، يلزمها الصوم إن كانت من أهله . وفيمن يلزمه الإطعام إن كانت من أهله ، وجهان .
أصحهما : على الزوج . فإن عجز ، ثبت في ذمته إلى أن يقدر ، لأن الكفارة على هذا القول معدودة من مؤن الزوجة الواجبة على الزوج ، والثاني : يلزمها وإن كان من أهل الصيام وهي من أهل الإطعام .
قال الأصحاب : يصوم عن نفسه ويطعم عنها .
ومقتضى قول من قال في الصورة السابقة : يجزئ العتق عن الصيام ، أن يجزئ هنا الصيام عن الإطعام . أما إذا كانت أعلى حالا منه ، [ ص: 377 ] فينظر ، إن كانت من أهل الإعتاق ، وهو من أهل الصيام ، صام عن نفسه وأعتق عنها إذا قدر ، وإن كانت من أهل الصيام ، وهو من أهل الإطعام ، صامت عن نفسها وأطعم عن نفسه .
واعلم أن جماع المرأة إذا قلنا : لا شيء عليها والوجوب لا يلاقيها ، مستثنى عن الضابط .
فرع
تجب ، وفي البهيمة والإتيان في الدبر وجه ، وهو شاذ منكر . الكفارة بالزنا ، وجماع أمته ، واللواط ، وإتيان البهيمة ، وسواء أنزل أم لا
ولو ، فلا كفارة ، لأن النص ورد في الجماع ، وما عداه ليس في معناه ، هذا هو المذهب الصحيح المعروف . أفسد صومه بغير الجماع ، كالأكل ، والشرب ، والاستمناء ، والمباشرات المفضية إلى الإنزال
وفي وجه قاله أبو خلف الطبري وهو من تلامذة القفال : تجب الكفارة بكل ما يأثم بالإفطار به .
وفي وجه حكاه في " الحاوي " عن : أنه يجب بالأكل والشرب كفارة فوق كفارة الحامل والمرضع ، ودون كفارة المجامع . ابن أبي هريرة
وهذان الوجهان غلط . وذكر الحناطي ، أن ، روي عنه وجوب الكفارة فيما إذا ابن عبد الحكم ، وهذا شاذ . جامع فيما دون الفرج وأنزل
فرع
إذا ، فحكم الإفطار سبق ، ولا كفارة لعدم الإثم . ظن أن الصبح لم يطلع ، فجامع ، ثم بان خلافه
قال الإمام : ومن أوجب الكفارة على الناسي بالجماع ، يقول مثله هنا لتقصيره في البحث . ولو ، [ ص: 378 ] ففي " التهذيب " وغيره : أنه لا كفارة ، لأنها تسقط بالشبهة . وهذا ينبغي أن يكون مفرعا على تجويز الإفطار والحالة هذه ، وإلا فتجب الكفارة وفاء بالضابط المذكور لوجوب الكفارة . ظن غروب الشمس ، فجامع ، فبان خلافه
ولو ، فهل يفطر ؟ وجهان . أحدهما : لا ، كما لو سلم من الظهر ناسيا وتكلم عامدا ، لا تبطل صلاته . أكل الصائم ناسيا ، فظن بطلان صومه ، فجامع
وأصحهما وبه قطع الجمهور : يفطر ، كما لو . وعلى هذا ، لا كفارة لأنه جامع وهو يظن أن الفجر لم يطلع فبان خلافه ، وعن وطئ وهو يعتقد أنه غير صائم : أنه يحتمل وجوبها ، لأنه ظن لا يبيح الوطء . ولو القاضي أبي الطيب ، فلا كفارة ، لأنه وإن أثم بهذا الوطء ، لكنه لم يأثم به بسبب الصوم ، فإن الإفطار جائز له . أفطر المسافر بالزنا مترخصا
ولو ، وقلنا : الصوم يفسد بالجماع ناسيا ، فلا كفارة على الأصح ، لأنه لم يأثم بسبب الصوم ، لأنه ناس له . زنا المقيم ناسيا للصوم