الطريق الثالث : ما يجب لتأخير القضاء ، فمن ، نظر ، إن كان مسافرا أو مريضا ، فلا شيء عليه ، فإن تأخير الأداء بهذا العذر جائز فتأخير القضاء أولى . عليه قضاء رمضان ، وأخره حتى دخل رمضان السنة القابلة
وإن لم يكن ، فعليه مع القضاء لكل يوم مد . وقال المزني : لا تجب الفدية . ولو ؟ وجهان . أخر حتى مضى رمضانان فصاعدا ، فهل تكرر الفدية
قال في " النهاية " : الأصح ، التكرر . ولو فعليه لكل يوم فديتان ، واحدة للإفطار ، وأخرى للتأخير . أفطر عدوانا ، وألزمناه الفدية ، فأخر القضاء
هذا هو المذهب . وقال إبراهيم المروذي : إن عددنا الفدية بتعدد رمضان ، فهنا أولى ، وإلا فوجهان . وإذا وقلنا : الميت يطعم عنه ، فوجهان . أصحهما : يخرج لكل يوم من تركته مدان . والثاني قاله أخر القضاء مع الإمكان ، [ ص: 385 ] فمات قبل أن يقضي ابن سريج : يكفي مد واحد .
وأما إذا قلنا : يصام عنه ، فصام الولي ، فيحصل تدارك أصل الصوم ، ويفدي للتأخير .
وإذا قلنا بالأصح وهو التكرر ، فكان عليه عشرة أيام ، فمات ، ولم يبق من شعبان إلا خمسة أيام ، أخرج من تركته خمسة عشر مدا ، عشرة لأصل الصوم ، وخمسة للتأخير ، لأنه لو عاش لم يمكنه إلا قضاء خمسة .
ولو ، فالمذهب وجوب ثلاثة أمداد . فإن تكررت السنون ، زادت الأمداد . أفطر بلا عذر ، وأوجبنا به الفدية فأخر حتى دخل رمضان آخر ، ومات قبل القضاء
وإذا لم يبق بينه وبين رمضان السنة الثانية ما يتأتى فيه قضاء جميع الفائت ، فهل يلزمه في الحال الفدية عما لا يسعه الوقت ، أم لا يلزمه إلا بعد دخول رمضان ؟ فيه وجهان كالوجهين فيمن حلف ليأكلن هذا الرغيف غدا ، فتلف قبل الغد ، هل يحنث في الحال ، أم بعد مجيء الغد ؟ ولو أراد تعجيل فدية التأخير قبل مجيء رمضان الثاني ليؤخر القضاء مع الإمكان ، ففي جوازه وجهان كالوجهين في تعجيل الكفارة عن الحنث المحرم .
قلت : إذا أخر الشيخ الهرم المد عن السنة الأولى ، فالمذهب أنه لا شيء عليه . وقال في " الوسيط " : في تكرر مد آخر للتأخير وجهان . الغزالي
وهذا شاذ ضعيف . وإذا ، لم يجز ، وإن أخرجها بعد طلوع الفجر من يوم من رمضان ، أجزأه عن ذلك اليوم . أراد الشيخ الهرم إخراج الفدية قبل دخول رمضان
وإن أداها قبل الفجر ، ففيه احتمالان حكاهما في " البحر " عن والده ، وقطع الدارمي بالجواز ، وهو الصواب .
قال الإمام الزيادي : ويجوز ، ولا يقدم إلا فدية يوم واحد . وقد تقدم بعض هذه المسائل في باب تعجيل الزكاة . والله أعلم . للحامل تقديم الفدية على الفطر