فصل
وإذا نظرنا إلى العموم والخصوص في اعتبار حظوظ المكلف بالنسبة إلى قسم الكفاية ; وجدنا : الأعمال ثلاثة أقسام
وذلك الولايات العامة والمناصب العامة للمصالح العامة . قسم لم يعتبر فيه حظ المكلف بالقصد الأول على حال ،
ذلك ، وهو كل عمل كان فيه مصلحة الغير في طريق مصلحة الإنسان في نفسه ; كالصناعات والحرف العادية كلها ، وهذا القسم في الحقيقة راجع إلى مصلحة الإنسان واستجلابه حظه في خاصة نفسه ، وإنما كان استجلاب المصلحة العامة فيه بالعرض . وقسم اعتبر فيه
; فيتجاذبه قصد الحظ ولحظ الأمر الذي لا حظ [ ص: 313 ] فيه ، وهذا ظاهر في الأمور التي لم تتمخض في العموم وليست خاصة ، ويدخل تحت هذا ولاية أموال الأيتام ، والأحباس ، والصدقات ، والأذان ، وما أشبه ذلك ، فإنها من حيث العموم يصح فيها التجرد من الحظ ، ومن حيث الخصوص وأنها كسائر الصنائع الخاصة بالإنسان في الاكتساب يدخلها الحظ ، ولا تناقض في هذا ، فإن جهة الأمر بلا حظ غير وجه الحظ ; فيؤمر انتدابا أن يقوم به لحظ ، ثم يبذل له الحظ في موطن ضرورة أو غير ضرورة ، حين لا يكون ثم قائم بالانتداب ، وأصل ذلك في والي مال اليتيم قوله تعالى : وقسم يتوسط بينهما ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف [ النساء : 6 ] .
وانظر ما قاله العلماء في أجرة القسام والناظر في الأحباس والصدقات الجارية ، وتعليم العلوم على تنوعها ; ففي ذلك ما يوضح هذا القسم .