فصل
ويتصدى النظر هنا فيما يصير من الأفعال المختلفة وصفا لصاحبه حتى يجري فيه النظران ، وما لا يصير كذلك ، فلا يجريان فيه .
[ ص: 225 ] وبيان ذلك أن الأفعال المتلازمة إما أن يصير أحدها وصفا للآخر ، أو لا ، فإن كان الثاني ، فلا تلازم كترك الصلاة مع ترك الزنى ، أو السرقة ، فإن أحد التركين لا يصير كالوصف للآخر لعدم التزاحم في العمل; إذ كان يمكن المكلف الترك لكل فعل مشروع ، أو غير مشروع ، وما ذاك إلا لأنهما ليسا متزاحمين على المكلف ، وسبب ذلك أنهما راجعان إلى أمر سلبي ، والسلبيات اعتباريات لا حقيقية ، وإن كان الأول فإما أن يكون وصفا سلبيا ، أو وجوديا ، فإن كان سلبيا فإما أن يثبت اعتباره فيه شرعا على الخصوص أو لا ، فإن كان الأول فلا إشكال في اعتبار الصورة الخارجية كترك الطهارة في الصلاة وترك الاستقبال ، وإن كان الثاني ، فلا اعتداد بالوصف السلبي كترك قضاء الدين مع فعل الصلاة فيمن فر من قضائه إلى الصلاة ، فإن الصلاة ، وإن وصفت بأنها فرار من واجب فليس ذلك بوصف لها إلا اعتباريا تقديريا لا حقيقة له في الخارج ، وإن كان الوصف وجوديا فهذا هو محل النظر كالصلاة في الدار المغصوبة والذبح بالسكين المغصوبة والبيوع الفاسدة لأوصاف فيها خارجة عن حقائقها ، وما أشبه ذلك .
فالحاصل أن التروك من حيث هي تروك لا تتلازم في الخارج ، وكذلك [ ص: 226 ] الأفعال مع التروك إلا أن يثبت تلازمها شرعا ، ويرجع ذلك في الحقيقة إلى أن الترك إنما اعتبر من جهة فقد وصف وجودي للفعل الوجودي كالطهارة للصلاة ، وأما الأفعال مع الأفعال ، فهي التي تتلازم إذا قرنت في الخارج فيحدث منها فعل واحد موصوف فينظر فيه ، وفي وصفه كما تقدم والله أعلم .
ولهذه المسألة تعلق بباب الأوامر والنواهي .