[ ص: 484 ] المسألة الحادية عشرة
إذا كان أحدهما راجعا إلى الجملة والآخر راجعا إلى بعض تفاصيلها ، أو إلى بعض أوصافها ، أو إلى بعض جزئياتها فاجتماعهما جائز حسبما ثبت في الأصول . الأمران يتواردان على الشيء الواحد باعتبارين
والذي يذكر هنا أن أحدهما تابع والآخر متبوع ، وهو الأمر الراجع إلى الجملة ، وما سواه تابع ; لأن ما يرجع إلى التفاصيل ، أو الأوصاف ، أو الجزئيات كالتكملة للجملة والتتمة لها ، وما كان هذا شأنه فطلبه إنما هو من تلك الجهة لا مطلقا ، وهذا معنى كونه تابعا .
وأيضا فإن هذا الطلب لا يستقل بنفسه بحيث يتصور وقوع مقتضاه دون مقتضى الأمر بالجملة ، بل إن فرض فقد الأمر بالجملة لم يمكن إيقاع التفاصيل ; لأن التفاصيل لا تتصور إلا في مفصل والأوصاف لا تتصور إلا في موصوف والجزئي لا يتصور إلا من حيث الكلي ، وإذا كان كذلك فطلبه إنما هو على جهة التبعية لطلب الجملة .
ولذلك أمثلة كالصلاة بالنسبة إلى طلب الطهارة الحدثية والخبثية ، وأخذ الزينة والخشوع والذكر والقراءة والدعاء واستقبال القبلة ، وأشباه [ ص: 485 ] ذلك ، ومثل الزكاة مع انتقاء أطيب الكسب فيها وإخراجها في وقتها ، وتنويع المخرج ، ومقداره ، وكذلك الصيام مع تعجيل الإفطار ، وتأخير السحور ، وترك الرفث ، وعدم التغرير ، وكالحج مع مطلوباته التي هي له كالتفاصيل والجزئيات والأوصاف التكميليات ، وكذلك القصاص مع العدل واعتبار الكفاءة والبيع مع توفية المكيال والميزان ، وحسن القضاء والاقتضاء والنصيحة ، وأشباه ذلك فهذه الأمور مبنية في الطلب على طلب ما رجعت [ ص: 486 ] إليه وانبنت عليه ، فلا يمكن أن تفرض إلا وهي مستندة إلى الأمور المطلوبة الجمل ، وكذلك سائر التوابع مع المتبوعات .
بخلاف كالشجرة المثمرة قبل الطيب ، فإن النهي لم يرد على بيع الثمرة إلا على حكم الاستقلال فلو فرضنا عدم الاستقلال فيها فذلك راجع إلى صيرورة الثمرة كالجزء التابع للشجرة ، وذلك يستلزم قصد الاجتماع في الجملة ، وهو معنى القصد إلى العقد عليهما معا فارتفع النهي بإطلاق على ما تقدم ، وحصل من ذلك اتحاد [ ص: 487 ] الأمر ; إذ ذاك بمعنى توارد الأمرين على الجملة الواحدة باعتبارها في نفسها واعتبار تفاصيلها وجزئياتها ، وأوصافها . الأمر والنهي إذا تواردا على التابع والمتبوع
وعلى هذا الترتيب جرت الضروريات مع الحاجيات والتحسينيات ، فإن التوسعة ورفع الحرج يقتضي شيئا يمكن فيه التضييق والحرج ، وهو الضروريات بلا شك والتحسينات مكملات ومتممات ، فلا بد أن تستلزم أمورا تكون مكملات لها ; لأن التحسين والتكميل والتوسيع لا بد له من موضوع إذا فقد فيه ذلك عد غير حسن ولا كامل ولا موسع ، بل قبيحا مثلا ، أو ناقصا ، أو ضيقا ، أو حرجا ، فلا بد من رجوعها إلى أمر آخر مطلوب فالمطلوب أن يكون تحسينا وتوسيعا ، تابع في الطلب للمحسن والموسع ، وهو معنى ما تقدم من طلب التبعية وطلب المتبوعية ، وإذا ثبت هذا تصور في الموضع قسم آخر ، وهى .