الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            القول في الليل والنهار ، أيهما خلق قبل صاحبه ؟

            قد ذكرنا ما خلق الله تعالى من الأشياء قبل خلق الأوقات ، وأن الأزمنة والأوقات إنما هي ساعات الليل والنهار ، وأن ذلك إنما هو قطع الشمس ، والقمر درجات الفلك .

            فلنذكر الآن بأي ذلك كان الابتداء ، أبالليل أم بالنهار ؟ فإن العلماء اختلفوا في ذلك ، فإن بعضهم يقول : إن الليل خلق قبل النهار ، ويستدل على ذلك بأن النهار من نور الشمس ، فإذا غابت الشمس جاء الليل فبان بذلك أن النهار - وهو النور - وارد على الظلمة التي هي الليل . وإذا لم يرد نور الشمس كان الليل ثابتا ، فدل ذلك على أن الليل هو الأول ، وهذا قول ابن عباس .

            وقال آخرون : كان النهار قبل الليل . واستدلوا بأن الله تعالى كان ولا شيء معه ، ولا ليل ولا نهار ، وأن نوره كان يضيء به كل شيء خلقه حتى خلق الليل . قال ابن مسعود : إن ربكم ليس عنده ليل ، ولا نهار . نور السماوات من نور وجهه .

            قال أبو جعفر : والأول أولى بالصواب للعلة المذكورة أولا ، ولقوله تعالى : أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها فبدأ بالليل قبل النهار .

            قال عبيد بن عمير الحارثي : كنت عند علي فسأله ابن الكواء عن السواد الذي في القمر ، فقال : ذلك آية محيت ، وقال ابن عباس مثله ، وكذلك قال مجاهد ، وقتادة ، وغيرهما ، لذلك خلقهما الله تعالى الشمس أنور من القمر .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية