الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
أن يضرب أدغمه خلف عن حمزة بغير غنة ، والباقون مع الغنة ، ومثله كثيرا ويهدي به كثيرا وما إلخ . . .

كثيرا معا رقق راءهما ورش .

به إلا هو منفصل وإن لم يكن حرف المد ثابتا رسما فيكفي ثبوته في اللفظ .

يوصل فخم ورش لامه وصلا ، وله عند الوقف وجهان : الترقيق ، والتفخيم ، والثاني أرجح نظرا لعروض السكون ، وللدلالة على حكم الوصل .

الخاسرون رقق راءه ورش .

ثم إليه ترجعون وصل ابن كثير هاء الضمير وصلا . وقرأ يعقوب : ( ترجعون ) بفتح التاء وكسر الجيم على البناء للفاعل ، والباقون بضم التاء وفتح الجيم على البناء للمفعول .

فسواهن وقف يعقوب عليه بهاء السكت ، وغيره بحذفها .

وهو قرأ قالون وأبو جعفر والبصري وعلي بسكون الهاء والباقون بالضم ، ووقف عليه يعقوب بهاء السكت .

إني جاعل لا خلاف بين القراء في إسكان يائه . [ ص: 28 ]

إني أعلم هذه أول ياء إضافة وقعت في القرآن الكريم ، وقد قرأ بفتحها وصلا نافع والمكي والبصري وأبو جعفر وإذا وقفوا أسكنوها كما هو ظاهر ، وقد فرق العلماء بين ياءات الزوائد وياءات الإضافة بفروق ثلاثة : الأول : أن ياءات الإضافة ثابتة في رسم المصاحف بخلاف ياءات الزوائد . الثاني : أن ياءات الإضافة زائدة على الكلمة فلا تكون لاما لها أبدا فهي كهاء الضمير وكافه . وياءات الزوائد تكون أصلية وزائدة فتجيء لاما للكلمة نحو يسر و يوم يأت و الداع و المناد .

الثالث : أن الخلاف في ياء الإضافة دائر بين الفتح والإسكان ; وفي الزوائد دائر بين الحذف والإثبات .

آدم لا يخفى ما فيه لورش من البدل وكذا ما في أنبئوني وكذا ما في الأسماء لورش وحمزة وصلا ووقفا .

أنبئوني فيه لحمزة عند الوقف ثلاثة أوجه : التسهيل بين بين ، والإبدال ياء خالصة .

والحذف ولأبي جعفر الحذف في الحالين .

هؤلاء إن فيه همزتان متفقتان من كلمتين ، وقد اختلف فيهما مذاهب القراء ، وإليك بيانها مفصلة .

قرأ قالون والبزي بتسهيل الأولى مع المد والقصر ، ووجه المد النظر للأصل ووجه القصر الاعتداد بعارض التسهيل . ومن القواعد المقررة أن كل حرف مد وقع قبل همز مغير بأي نوع من أنواع التغيير يجوز مده على الأصل وقصره رعاية للتغيير العارض ، ولقالون في هاء التنبيه القصر والتوسط لأنه مد منفصل ، فعلى القصر يجوز مد أولاء وقصره لما ذكر ، وعلى المد يتعين مد أولاء لأن مده من قبيل المتصل ومدها من قبيل المنفصل ، وسبب المتصل ولو كان متغيرا أقوى من سبب المنفصل فلا يصح قصر الأقوى مع مد الأضعف وعلى هذا يصير لقالون ثلاثة أوجه فإذا ضربت في وجهي الصلة والسكون في ميم الجمع تصير الأوجه ستة فإذا ضربت هذه في ثلاثة صادقين تصير الأوجه ثمانية عشر وجها وكلها صحيحة مقروء بها ، وللبزي وجهان : تسهيل الأولى مع المد والقصر وعلى كل ثلاثة صادقين فتصير أوجهه ستة ، وهى صحيحة أيضا .

وقرأ ورش وقنبل وأبو جعفر ورويس بتسهيل الثانية بين بين ، ولورش وقنبل وجه آخر : وهو إبدالها حرف مد من جنس حركة ما قبلها ، أي إبدالها ياء ساكنة فيمد للساكن طويلا ولورش وحده وجه ثالث وهو إبدالها ياء مكسورة خالصة فيكون لورش ثلاثة أوجه فإذا ضربت في ثلاثة البدل آدم و أنبئوني تصير الأوجه تسعة ، فإذا نظرت إلى صادقين تصير الأوجه ثمانية عشر وجها قصر البدل وعليه ثلاثة هؤلاء وعلى كل منها ثلاثة صادقين فتصير [ ص: 29 ]

الأوجه على قصر البدل تسعة ثم توسط البدل وعليه ثلاثة هؤلاء وعلى كل منها التوسط والمد في صادقين فتصير أوجه التوسط في البدل ستة ثم مد البدل وعليه ثلاثة هؤلاء مع مد صادقين فتصير أوجه مد البدل ثلاثة فقط فمجموع الأوجه ثمانية عشر وجها ، هذا هو الصحيح .

ولقنبل في الآية ستة أوجه : تسهيل الثانية أو إبدالها حرف مد وعلى كل ثلاثة صادقين .

ولأبي جعفر ورويس في الآية ثلاثة أوجه وهى أوجه صادقين على تسهيل الهمزة الثانية .

وقرأ أبو عمرو بإسقاط إحدى الهمزتين ، والجمهور على أن الساقطة الأولى ، وذهب البعض إلى أنها الثانية ، وعلى قول الجمهور يكون لأبي عمرو في أولاء القصر والمد عملا بقاعدة . . .

" وإن حرف مد قبل همز مغير ..... إلخ" .

وعلى هذا يكون للسوسي وجهان فقط : التغيير بالإسقاط مع القصر والمد لأنه يقصر المنفصل قولا واحدا فإذا ضرب هذان الوجهان في ثلاثة صادقين تكون أوجهه ستة ويشترك معه الدوري في هذه الأوجه إذا قصر المنفصل . وأما إذا مده فلا يكون له في أولاء إلا المد لأننا إذا جرينا على مذهب الجمهور وهو أن الساقطة الأولى يكون مد أولاء من قبيل المنفصل فحينئذ يجب تسويته بالمنفصل قبله . وإذا جرينا على أن الساقطة الثانية على مذهب البعض يكون المد من قبيل المتصل وحينئذ لا يسوغ قصره بحال . والخلاصة أن مد أولاء مختلف في كونه منفصلا أو متصلا ، وعلى كلتا الحالتين لا يجوز قصره مع مد المنفصل قبله لأنه إن قدر منفصلا وجبت تسويته بما قبله وإن قدر متصلا وجب مده في ذاته ولو قصر ما قبله فما بالك إذا مد ، وقرأ الباقون بتحقيقهما .

واعلم أن محل اختلاف القراء في الهمزتين من كلمتين في تغيير الأولى أو الثانية إنما هو في حال وصل إحداهما بالأخرى أما عند الوقف على الأولى فيتعين تحقيقهما للجميع كما يتعين تحقيق الثانية حين الابتداء بها . واعلم أن لحمزة عند الوقف على هؤلاء خمسة عشر وجها ، وبيانها أن الهمزة الأولى فيها التحقيق مع المد والتسهيل مع المد والقصر ، وعلى كل من هذه الأوجه الثلاثة تجري الأوجه الخمسة في الهمزة الأخيرة وقد سبق بيانها فتكون الأوجه خمسة عشر وجها ، وقد منع العلماء منها وجهين : الأول تسهيل الأولى مع المد مع تسهيل الثانية بالروم مع القصر . الثاني تسهيل الأولى مع القصر مع تسهيل الثانية بالروم مع المد . ولهشام حالة الوقف خمسة الثانية ولا شيء له في الأولى .

يا آدم لا يخفى ما فيه لورش ، وفيه لحمزة وقفا تحقيق الهمزة مع المد وتسهيلها مع المد والقصر .

أنبئهم أجمع القراء العشرة على تحقيق همزه وصلا ووقفا إلا حمزة فأبدله في الوقف مع ضم الهاء وكسرها والوجهان صحيحان .

بأسمائهم فيه لحمزة وقفا أربعة أوجه تحقيق الأولى وإبدالها ياء خالصة وعلى كل تسهيل الثانية مع المد والقصر .

أنبأهم فيه لحمزة وقفا التسهيل في الهمزة الثانية فقط .

إني أعلم حكمها حكم الأولى وقد سبق بيانه . [ ص: 30 ]

والأرض لا يخفى ما فيه لورش وحمزة في الحالين .

للملائكة اسجدوا قرأ أبو جعفر بضم تاء الملائكة وصلا والباقون بكسرها ، وفيه لحمزة وقفا التسهيل مع المد والقصر .

لآدم فيه لحمزة وقفا تحقيق الهمزة وإبدالها ياء محضة ، ولا يخفى ما فيه لورش وقد اجتمع في هذه الآية بدل وذات ياء، وهي أبي . ولورش فيهما أربعة أوجه قصر البدل وعليه فتح ذات الياء وتوسط البدل مع تقليل ذات الياء والمد مع الفتح والتقليل وهكذا الحكم في كل موضع اجتمع فيه بدل وذات ياء وتقدم البدل على ذات الياء كما هنا ، فإن تأخر البدل كما في قوله تعالى فتلقى آدم فعلى فتح ذات الياء قصر البدل ومده ، وعلى التقليل التوسط والمد .

شئتما أبدل همزه وصلا ووقفا السوسي وأبو جعفر وعند الوقف حمزة . وحققه الباقون .

فأزلهما قرأ حمزة بزيادة ألف بعد الزاي وتخفيف اللام والباقون بحذف الألف وتشديد اللام ولحمزة وقفا تحقيق الهمزة وتسهيلها .

فتلقى آدم من ربه كلمات

قرأ ابن كثير بنصب آدم ورفع كلمات ، والباقون برفع آدم ونصب كلمات بالكسرة الظاهرة لأنه جمع مؤنث سالم ، وقد تقدم ما فيه لورش من حيث البدل وذات الياء .

يأتينكم أبدله ورش والسوسي وأبو جعفر في الحالين وحمزة عند الوقف .

فلا خوف عليهم

قرأ يعقوب بفتح الفاء بلا تنوين ، والباقون بالرفع والتنوين . وضم حمزة ويعقوب هاء عليهم وصلا ووقفا .

بآياتنا فيه لحمزة وقفا تحقيق الهمزة وإبدالها ياء خالصة ، وفيه البدل لورش بأوجهه الثلاثة.

إسرائيل لا تمد فيه الياء لورش لأنه مستثنى من البدل . ولا ترقق راؤه لأنه اسم أعجمي وفيه لأبي جعفر التسهيل مع المد والقصر وصلا ووقفا . ولحمزة الوجهان عند الوقف فقط .

نعمتي التي أجمع العشرة على فتح يائه .

بعهدي أوف بعهدكم أجمعوا على إسكان يائه .

فارهبون و فاتقون .

قرأ يعقوب بإثبات ياء زائدة فيهما في الحالين ، والباقون بالحذف كذلك .

الصلاة فخم اللام ورش .

الراكعين آخر الربع . [ ص: 31 ]

الممال

استوى ، فسواهن ، أبي ، فتلقى ، هدى ، عند الوقف ، أمال الجميع الأصحاب ، وقللها ورش بخلف عنه ، فأحياكم ، أمالها علي وقللها ورش بخلف عنه ، هداي ، أمالها دوري علي وقللها ورش بخلفه ، النار أمالها أبو عمرو والدوري ، وقللها ورش بلا خلاف ، الكافرين أمالها أبو عمرو والدوري ورويس وقللها ورش بلا خلاف ، خليفة فيها الإمالة للكسائي قولا واحدا ، ولا تقليل ولا إمالة لأحد في : أول كافر به .

المدغم

الكبير : قال ربك ، ونحن نسبح بحمدك ، لك قال ; أعلم ما معا . حيث شئتما ، آدم من ، إنه هو .

تنبيهات : الأول : كل ما يمال وصلا فهو وقفا كذلك ، فإذا وقفت على نحو النار و الأبرار و الناس و المحراب وما إلى ذلك مما أميل من أجل الكسرة المتطرفة فأمله لمن مذهبه الإمالة وصلا وقلله لمن مذهبه التقليل وصلا . ولا تعتبر السكون مانعا من الإمالة أو التقليل لأنه عارض .

الثاني : إذا وقع قبل الحرف المدغم ساكن صحيح نحو ونحن نسبح بحمدك ، في المهد صبيا ، خذ العفو وأمر ، من العلم ما لك ، ففيه مذهبان : الأول مذهب المتقدمين وهو : إلحاقه بما ليس قبله ساكن صحيح فيجوز فيه الإدغام المحض ، كما يجوز فيه الإشارة بالروم والإشمام إن كان مرفوعا أو مضموما . وبالروم فقط إن كان مجرورا أو مكسورا ، والثاني مذهب كثير من متأخري أهل الأداء : وهو اختلاس حركته وعدم إدغامه إدغاما محضا ، وحجتهم في ذلك أن في إدغامه إدغاما خالصا جمعا بين الساكنين على غير حده وذلك أنه لا يجوز الجمع بين الساكنين إلا إذا كان الأول منهما حرف علة سواء كان حرف مد ولين أم حرف لين فقط ، أما إذا كان الأول ساكنا صحيحا فلا يجوز إلا حالة الوقف فقط نظرا لعروض السكون .

وهؤلاء محجوجون بما ثبت من القراءات المتواترة التي فيها الجمع بين الساكنين وصلا كقراءة أبي جعفر في فنعما هي يخصمون أمن لا يهدي وقد صحح المحقق ابن الجزري المذهبين .

الثالث : ذكرنا ضمن المدغم : إنه هو ، وهذا هو الصحيح المقروء به لوجود شرط الإدغام وهو التقاء المدغم بالمدغم فيه خطا . ولأن الصلة عبارة عن إشباع حركة الهاء تقوية لها فلم يكن لها استقلال ، ولهذا تحذف للساكن فلم يعتد بها . وقد تقدم أن السوسي له في مثل حيث شئتما سبعة أوجه : القصر والتوسط والمد مع السكون المحض ومثلها مع الإشمام والروم مع القصر فلا تغفل .

التالي السابق


الخدمات العلمية