الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
221 [ ص: 132 ] 86 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16475عبد الله بن يوسف ، قال : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن أم قيس بنت محصن nindex.php?page=hadith&LINKID=650216أنها nindex.php?page=treesubj&link=540_30984_25645_18000_539أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره ، فبال على ثوبه ، فدعا بماء ، فنضحه ، ولم يغسله .
( بيان رجاله ) : وهم خمسة تقدموا كلهم ، nindex.php?page=showalam&ids=12300وابن شهاب محمد بن مسلم الزهري ، وأم قيس بفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف ، ومحصن بكسر الميم وسكون الحاء المهملة وفتح الصاد المهملة وفي آخره نون وهي أخت nindex.php?page=showalam&ids=5735عكاشة بن محصن ، أسلمت بمكة قديما وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم ، وهاجرت إلى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم روي لها أربعة وعشرون حديثا في الصحيحين منها اثنان ، وهي من المعمرات ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر اسمها جذامة بالجيم والذال المعجمة ، وقال السهيلي اسمها آمنة ، وذكرها الحافظ الذهبي في ( تجريد الصحابة ) في الكنى ، ولم يذكر لها اسما .
( بيان لطائف إسناده ) : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع ، والإخبار بصيغة الجمع في موضع ، والعنعنة في ثلاث مواضع ، ورواته ما بين تنيسي ومدني .
( بيان من أخرجه غيره ) : أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هنا فقط ، وأخرجه بقية الجماعة ، فمسلم في الطب عن ابن أبي عمر ، وفيه : وفي الطهارة عن nindex.php?page=showalam&ids=17342يحيى بن يحيى ، nindex.php?page=showalam&ids=12508وأبي بكر بن أبي شيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=16696وعمرو الناقد ، وأبي خيثمة زهير بن حرب خمستهم عن nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، وفي الطهارة أيضا عن محمد بن رمح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=15708حرملة بن يحيى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، عن يونس ثلاثتهم عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري به ، وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في الطهارة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك به ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=12289وأحمد بن منيع كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة به ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه عن nindex.php?page=showalam&ids=12508أبي بكر بن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=16914ومحمد بن الصباح كلاهما عن سفيان به .
( بيان لغته وإعرابه ) : قوله : " بابن لها " ، الابن لا يطلق إلا على الذكر بخلاف الولد ، قوله : " صغير " ، هو ضد الكبير ، ولكن المراد منه الرضيع لأنه فسره بقوله : " لم يأكل الطعام " ، فإذا أكل يسمى فطيما ، وغلاما أيضا إلى سبع سنين ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : الغلام هو الصغير إلى حد الالتحاء ، وقال بعضهم من أهل اللغة : ما دام الولد في بطن أمه فهو جنين ، فإذا ولدته يسمى صبيا ما دام رضيعا ، فإذا فطم يسمى غلاما إلى سبع سنين ، فمن هذا عرفت أن الصغير يطلق إلى حد الالتحاء من حين يولد ، فلذلك قيد في الحديث بقوله : " لم يأكل الطعام " ، والطعام في اللغة ما يؤكل ، وربما خص الطعام بالبر ، وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد : " nindex.php?page=hadith&LINKID=692341كنا نخرج صدقة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام أو صاعا من شعير " ، والطعم بالفتح ما يؤديه الذوق ، يقال : طعمه مر ، والطعم بالضم الطعام ، وقد طعم يطعم طعما فهو طاعم إذا أكل وذاق ، مثل : غنم يغنم غنما فهو غانم ، قال تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53فإذا طعمتم فانتشروا وقال تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=249ومن لم يطعمه فإنه مني أي من لم يذقه ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14038الجوهري ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أيضا : ومن لم يطعمه : ومن لم يذقه من طعم الشيء إذا ذاقه ، ومنه طعم الشيء لمذاقه قال : (
وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا
) .
ألا ترى كيف عطف عليه البرد وهو النوم ، قلت : أول البيت : (
وإن شئت حرمت النساء سواكم
) .
والنقاخ بضم النون وبالقاف والخاء المعجمة الماء العذب ، وقال بعضهم : وقد أخذه من كلام النووي المراد من الطعام ما عدا اللبن الذي يرتضعه ، والتمر الذي يحنك به ، والعسل الذي يلعقه للمداواة ، وغيرها ، قلت : لا يحتاج إلى هذه التقديرات ; لأن المراد من قوله : " لم يأكل الطعام " لم يقدر على مضغ الطعام ، ولا على دفعه إلى باطنه لأنه رضيع لا يقدر على ذلك ، أما اللبن فإنه مشروب غير مأكول ، فلا يحتاج إلى استثنائه ، لأنه لم يدخل في قوله : " لم يأكل الطعام " ، حتى يستثنى منه ، وأما التمر الذي يحنك به أو العسل الذي يلعقه ، فليس باختياره بل بعنف من فاعله قصدا للتبرك أو المداواة ، فلا حاجة أيضا لاستثنائهما ، فعلم مما ذكرنا أن المراد من قوله : " لم يأكل الطعام " أي قصدا أو استقلالا أو تقويا ، فهذا شأن الصغير الرضيع ، وقد علمت من هذا أن الذي نقله القائل المذكور من النووي ، ومن نكت التنبيه صادر من غير روية ، ولا تحقيق ، وكذلك لا يحتاج إلى سؤال الكرماني وجوابه ها هنا بقوله : فإن قلت اللبن طعام ، فهل يخص الطعام بغير اللبن أم لا ؟ قلت : الطعام هو ما يؤكل ، واللبن مشروب لا مأكول ، فلا يخصص قوله : " فأجلسه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم " الضمير المنصوب فيه يرجع إلى الابن .
[ ص: 133 ] قال بعضهم : أي وضعه إن قلنا : إنه كان كما ولد ، ويحتمل أن يكون الجلوس حصل منه على العادة ، إن قلنا : إنه كان في سن من يحبو ، قلت : ليس المعنى كذلك ; لأن الجلوس يكون عن نوم أو اضطجاع ، وإذا كان قائما كانت الحال التي يخالفها القعود ، والمعنى ها هنا أقامه عن مضجعه ; لأن الظاهر أن أم قيس أتت به وهو في قماطه مضطجع ، فأجلسه النبي صلى الله عليه وسلم أي أقام في حجره ، وإن كانت أتت به وهو في يدها بأن كان عمره مقدار سنة أو جاوزها قليلا ، والحال أنه رضيع يكون المعنى : تناوله منها وأجلسه في حجره ، وهو يمسكه لعدم مسكته ; لأن أصل تركيب هذه المادة يدل على ارتفاع في الشيء ، والحجر بكسر الحاء وفتحها وسكون الجيم لغتان مشهورتان ، قوله : " فبال على ثوبه " ، الظاهر أن الضمير في ثوبه يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قيل : إنه يرجع إلى الابن ، أي بال الابن على ثوب نفسه وهو في حجره صلى الله عليه وسلم ، فنضح عليه الماء خوفا أن يكون طار على ثوبه منه شيء ، قلت : هذا مما يؤيد قول الحنفية ، وقد نسب هذا القول إلى nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان ، قوله : " فنضحه " قد ذكرنا أن النضح هو الرش ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده : نضح الماء عليه ينضحه نضحا إذا ضربه بشيء ، فأصابه منه رشاش ، ونضح عليه الماء رش ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : النضح ما كان على اعتماد ، والنضخ ما كان على غير اعتماد ، وقيل : هما لغتان بمعنى ، وكله رش ، قلت : الأول بالحاء المهملة ، والثاني بالخاء المعجمة ، وفي ( الواعي ) لأبي محمد ، ( والصحاح ) لأبي نصر ، ( والمجمل ) لابن فارس ، ( والجمهرة ) لابن دريد ، وابن القوطية ، وابن القطاع ، وابن طريف في ( الأفعال ) ، والفارابي في ( ديوان الأدب ) ، وكراع في ( المنتخب ) ، وغيرهم : النضح : الرش ، وقد استقصينا الكلام به في الحديث السابق مستقصى ، قوله : " ولم يغسله " ، ولمسلم من طريق الليث عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب : " فلم يزد على أن نضح بالماء " ، وله من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب : فرشه ، وقال بعضهم : ولا تخالف بين الروايتين بين نضح ورش ; لأن المراد به : أن الابتداء كان بالرش ، وهو بتنقيط الماء ، فانتهى إلى النضح ، وهو صب الماء ، ويؤيده رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة من طريق nindex.php?page=showalam&ids=15628جرير ، عن هشام : " فدعا بماء فصبه عليه " ، nindex.php?page=showalam&ids=12119ولأبي عوانة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=883715فصبه على البول يتبعه إياه " ، قلت : عدم التخالف بين الروايتين ليس من الوجه الذي ذكره بل باعتبار أن النضح والرش بمعنى كما ذكرنا عن الكتب المذكورة ، والوجه الذي ذكره ليس بوجه على ما لا يخفى ، وأما رواية مسلم فإنها تثبت أن النضح بمعنى الصب ; لأن الأحاديث المذكورة في هذا الباب باختلاف ألفاظها تنتهي إلى معنى واحد دفعا للتضاد ، ألا ترى أن nindex.php?page=showalam&ids=11696أم الفضل لبابة بنت الحارث قد روي عنها حديثان أحدهما فيه النضح ، والثاني فيه الصب ، فحمل النضح على الصب دفعا للتضاد ، وعملا بالحديثين على أن الأحاديث الواردة في حكم واحد باختلاف ألفاظها يفسر بعضها بعضا ، ومن الدليل على أن النضح هو صب الماء والغسل من غير عرك قول العرب : غسلني السماء ، وإنما يقولون ذلك عند انصباب المطر عليهم ، وكذلك يقال : غسلني التراب إذا انصب عليه ، فإن قلت : يعكر على هذا قوله : " فنضحه ولم يغسله " ، قلت : قد مر جوابه في تفسير الحديث السابق على أن nindex.php?page=showalam&ids=13722الأصيلي ادعى أن قوله : " ولم يغسله " من كلام nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب راوي الحديث ، وأن المرفوع انتهى عند قوله : " فنضحه " ، قال : وكذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب ، وكذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة قال : فرشه ولم يزد على ذلك .
( وأما الإعراب ) : فقوله : " لها " جملة في محل الجر ، لأنها صفة لابن ، وكذلك قوله : " صغير " بالجر صفة ابن ، وكذلك قوله : " لم يأكل الطعام " ، وقوله : " إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، كلمة : " إلى " تتعلق بقوله : " أتت " ، والفاءات الأربعة للعطف بين الكلام بمعنى التعقيب .
( بيان استنباط الأحكام ) : منها nindex.php?page=treesubj&link=540حكم بول الغلام الرضيع ، وقد مر الكلام فيه مستقصى ، ومنها nindex.php?page=treesubj&link=20062الرفق بالصغار والشفقة عليهم ، ألا ترى أن سيد الأولين والآخرين كيف كان يأخذهم في حجره ويتلطف بهم حتى إن منهم من يبول على ثوبه فلا يؤثر فيه ذلك ، ولا يتغير ، ولهذا كان يخفف الصلاة عند سماعه بكاء الصبي وأمه وراءه ، وروي عنه أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=84253من لم يرحم صغيرنا فليس منا ، ومنها nindex.php?page=treesubj&link=33301حمل الأطفال إلى أهل الفضل والصلاح ليدعوا لهم سواء كان عقيب الولادة أو بعدها ، وقال بعضهم : حمل الأطفال حال الولادة ، قلت : حملهم حال الولادة غير متصور ، فهذا كلام صادر عن غير ترو ، وأيضا قال هذا القائل : في هذا الحديث من الفوائد كذا وكذا ، وعد منها nindex.php?page=treesubj&link=24258تحنيك المولود ، وليس في الحديث ما يدل على ذلك صريحا ، وإن كان جاء هذا في أحاديث أخر ; لأن ظاهر الحديث يدل على أن أم قيس إنما أتت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأجل التبرك ، ولدعائه له ; لأن من [ ص: 134 ] دعا له هذا النبي الكريم يسعد في الدنيا والآخرة ، وإن كان فيه احتمال التحنيك .
مطابقته للترجمة ظاهرة .
( بيان رجاله ) : وهم خمسة تقدموا كلهم ، nindex.php?page=showalam&ids=12300وابن شهاب محمد بن مسلم الزهري ، وأم قيس بفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف ، ومحصن بكسر الميم وسكون الحاء المهملة وفتح الصاد المهملة وفي آخره نون وهي أخت nindex.php?page=showalam&ids=5735عكاشة بن محصن ، أسلمت بمكة قديما وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم ، وهاجرت إلى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم روي لها أربعة وعشرون حديثا في الصحيحين منها اثنان ، وهي من المعمرات ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر اسمها جذامة بالجيم والذال المعجمة ، وقال السهيلي اسمها آمنة ، وذكرها الحافظ الذهبي في ( تجريد الصحابة ) في الكنى ، ولم يذكر لها اسما .
( بيان لطائف إسناده ) : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع ، والإخبار بصيغة الجمع في موضع ، والعنعنة في ثلاث مواضع ، ورواته ما بين تنيسي ومدني .
( بيان من أخرجه غيره ) : أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هنا فقط ، وأخرجه بقية الجماعة ، فمسلم في الطب عن ابن أبي عمر ، وفيه : وفي الطهارة عن nindex.php?page=showalam&ids=17342يحيى بن يحيى ، nindex.php?page=showalam&ids=12508وأبي بكر بن أبي شيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=16696وعمرو الناقد ، وأبي خيثمة زهير بن حرب خمستهم عن nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، وفي الطهارة أيضا عن محمد بن رمح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=15708حرملة بن يحيى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، عن يونس ثلاثتهم عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري به ، وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في الطهارة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك به ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=12289وأحمد بن منيع كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة به ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه عن nindex.php?page=showalam&ids=12508أبي بكر بن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=16914ومحمد بن الصباح كلاهما عن سفيان به .
( بيان لغته وإعرابه ) : قوله : " بابن لها " ، الابن لا يطلق إلا على الذكر بخلاف الولد ، قوله : " صغير " ، هو ضد الكبير ، ولكن المراد منه الرضيع لأنه فسره بقوله : " لم يأكل الطعام " ، فإذا أكل يسمى فطيما ، وغلاما أيضا إلى سبع سنين ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : الغلام هو الصغير إلى حد الالتحاء ، وقال بعضهم من أهل اللغة : ما دام الولد في بطن أمه فهو جنين ، فإذا ولدته يسمى صبيا ما دام رضيعا ، فإذا فطم يسمى غلاما إلى سبع سنين ، فمن هذا عرفت أن الصغير يطلق إلى حد الالتحاء من حين يولد ، فلذلك قيد في الحديث بقوله : " لم يأكل الطعام " ، والطعام في اللغة ما يؤكل ، وربما خص الطعام بالبر ، وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد : " nindex.php?page=hadith&LINKID=692341كنا نخرج صدقة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام أو صاعا من شعير " ، والطعم بالفتح ما يؤديه الذوق ، يقال : طعمه مر ، والطعم بالضم الطعام ، وقد طعم يطعم طعما فهو طاعم إذا أكل وذاق ، مثل : غنم يغنم غنما فهو غانم ، قال تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53فإذا طعمتم فانتشروا وقال تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=249ومن لم يطعمه فإنه مني أي من لم يذقه ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14038الجوهري ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أيضا : ومن لم يطعمه : ومن لم يذقه من طعم الشيء إذا ذاقه ، ومنه طعم الشيء لمذاقه قال : (
وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا
) .
ألا ترى كيف عطف عليه البرد وهو النوم ، قلت : أول البيت : (
وإن شئت حرمت النساء سواكم
) .
والنقاخ بضم النون وبالقاف والخاء المعجمة الماء العذب ، وقال بعضهم : وقد أخذه من كلام النووي المراد من الطعام ما عدا اللبن الذي يرتضعه ، والتمر الذي يحنك به ، والعسل الذي يلعقه للمداواة ، وغيرها ، قلت : لا يحتاج إلى هذه التقديرات ; لأن المراد من قوله : " لم يأكل الطعام " لم يقدر على مضغ الطعام ، ولا على دفعه إلى باطنه لأنه رضيع لا يقدر على ذلك ، أما اللبن فإنه مشروب غير مأكول ، فلا يحتاج إلى استثنائه ، لأنه لم يدخل في قوله : " لم يأكل الطعام " ، حتى يستثنى منه ، وأما التمر الذي يحنك به أو العسل الذي يلعقه ، فليس باختياره بل بعنف من فاعله قصدا للتبرك أو المداواة ، فلا حاجة أيضا لاستثنائهما ، فعلم مما ذكرنا أن المراد من قوله : " لم يأكل الطعام " أي قصدا أو استقلالا أو تقويا ، فهذا شأن الصغير الرضيع ، وقد علمت من هذا أن الذي نقله القائل المذكور من النووي ، ومن نكت التنبيه صادر من غير روية ، ولا تحقيق ، وكذلك لا يحتاج إلى سؤال الكرماني وجوابه ها هنا بقوله : فإن قلت اللبن طعام ، فهل يخص الطعام بغير اللبن أم لا ؟ قلت : الطعام هو ما يؤكل ، واللبن مشروب لا مأكول ، فلا يخصص قوله : " فأجلسه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم " الضمير المنصوب فيه يرجع إلى الابن .
[ ص: 133 ] قال بعضهم : أي وضعه إن قلنا : إنه كان كما ولد ، ويحتمل أن يكون الجلوس حصل منه على العادة ، إن قلنا : إنه كان في سن من يحبو ، قلت : ليس المعنى كذلك ; لأن الجلوس يكون عن نوم أو اضطجاع ، وإذا كان قائما كانت الحال التي يخالفها القعود ، والمعنى ها هنا أقامه عن مضجعه ; لأن الظاهر أن أم قيس أتت به وهو في قماطه مضطجع ، فأجلسه النبي صلى الله عليه وسلم أي أقام في حجره ، وإن كانت أتت به وهو في يدها بأن كان عمره مقدار سنة أو جاوزها قليلا ، والحال أنه رضيع يكون المعنى : تناوله منها وأجلسه في حجره ، وهو يمسكه لعدم مسكته ; لأن أصل تركيب هذه المادة يدل على ارتفاع في الشيء ، والحجر بكسر الحاء وفتحها وسكون الجيم لغتان مشهورتان ، قوله : " فبال على ثوبه " ، الظاهر أن الضمير في ثوبه يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قيل : إنه يرجع إلى الابن ، أي بال الابن على ثوب نفسه وهو في حجره صلى الله عليه وسلم ، فنضح عليه الماء خوفا أن يكون طار على ثوبه منه شيء ، قلت : هذا مما يؤيد قول الحنفية ، وقد نسب هذا القول إلى nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان ، قوله : " فنضحه " قد ذكرنا أن النضح هو الرش ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده : نضح الماء عليه ينضحه نضحا إذا ضربه بشيء ، فأصابه منه رشاش ، ونضح عليه الماء رش ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : النضح ما كان على اعتماد ، والنضخ ما كان على غير اعتماد ، وقيل : هما لغتان بمعنى ، وكله رش ، قلت : الأول بالحاء المهملة ، والثاني بالخاء المعجمة ، وفي ( الواعي ) لأبي محمد ، ( والصحاح ) لأبي نصر ، ( والمجمل ) لابن فارس ، ( والجمهرة ) لابن دريد ، وابن القوطية ، وابن القطاع ، وابن طريف في ( الأفعال ) ، والفارابي في ( ديوان الأدب ) ، وكراع في ( المنتخب ) ، وغيرهم : النضح : الرش ، وقد استقصينا الكلام به في الحديث السابق مستقصى ، قوله : " ولم يغسله " ، ولمسلم من طريق الليث عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب : " فلم يزد على أن نضح بالماء " ، وله من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب : فرشه ، وقال بعضهم : ولا تخالف بين الروايتين بين نضح ورش ; لأن المراد به : أن الابتداء كان بالرش ، وهو بتنقيط الماء ، فانتهى إلى النضح ، وهو صب الماء ، ويؤيده رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة من طريق nindex.php?page=showalam&ids=15628جرير ، عن هشام : " فدعا بماء فصبه عليه " ، nindex.php?page=showalam&ids=12119ولأبي عوانة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=883715فصبه على البول يتبعه إياه " ، قلت : عدم التخالف بين الروايتين ليس من الوجه الذي ذكره بل باعتبار أن النضح والرش بمعنى كما ذكرنا عن الكتب المذكورة ، والوجه الذي ذكره ليس بوجه على ما لا يخفى ، وأما رواية مسلم فإنها تثبت أن النضح بمعنى الصب ; لأن الأحاديث المذكورة في هذا الباب باختلاف ألفاظها تنتهي إلى معنى واحد دفعا للتضاد ، ألا ترى أن nindex.php?page=showalam&ids=11696أم الفضل لبابة بنت الحارث قد روي عنها حديثان أحدهما فيه النضح ، والثاني فيه الصب ، فحمل النضح على الصب دفعا للتضاد ، وعملا بالحديثين على أن الأحاديث الواردة في حكم واحد باختلاف ألفاظها يفسر بعضها بعضا ، ومن الدليل على أن النضح هو صب الماء والغسل من غير عرك قول العرب : غسلني السماء ، وإنما يقولون ذلك عند انصباب المطر عليهم ، وكذلك يقال : غسلني التراب إذا انصب عليه ، فإن قلت : يعكر على هذا قوله : " فنضحه ولم يغسله " ، قلت : قد مر جوابه في تفسير الحديث السابق على أن nindex.php?page=showalam&ids=13722الأصيلي ادعى أن قوله : " ولم يغسله " من كلام nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب راوي الحديث ، وأن المرفوع انتهى عند قوله : " فنضحه " ، قال : وكذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب ، وكذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة قال : فرشه ولم يزد على ذلك .
( وأما الإعراب ) : فقوله : " لها " جملة في محل الجر ، لأنها صفة لابن ، وكذلك قوله : " صغير " بالجر صفة ابن ، وكذلك قوله : " لم يأكل الطعام " ، وقوله : " إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، كلمة : " إلى " تتعلق بقوله : " أتت " ، والفاءات الأربعة للعطف بين الكلام بمعنى التعقيب .
( بيان استنباط الأحكام ) : منها nindex.php?page=treesubj&link=540حكم بول الغلام الرضيع ، وقد مر الكلام فيه مستقصى ، ومنها nindex.php?page=treesubj&link=20062الرفق بالصغار والشفقة عليهم ، ألا ترى أن سيد الأولين والآخرين كيف كان يأخذهم في حجره ويتلطف بهم حتى إن منهم من يبول على ثوبه فلا يؤثر فيه ذلك ، ولا يتغير ، ولهذا كان يخفف الصلاة عند سماعه بكاء الصبي وأمه وراءه ، وروي عنه أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=84253من لم يرحم صغيرنا فليس منا ، ومنها nindex.php?page=treesubj&link=33301حمل الأطفال إلى أهل الفضل والصلاح ليدعوا لهم سواء كان عقيب الولادة أو بعدها ، وقال بعضهم : حمل الأطفال حال الولادة ، قلت : حملهم حال الولادة غير متصور ، فهذا كلام صادر عن غير ترو ، وأيضا قال هذا القائل : في هذا الحديث من الفوائد كذا وكذا ، وعد منها nindex.php?page=treesubj&link=24258تحنيك المولود ، وليس في الحديث ما يدل على ذلك صريحا ، وإن كان جاء هذا في أحاديث أخر ; لأن ظاهر الحديث يدل على أن أم قيس إنما أتت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأجل التبرك ، ولدعائه له ; لأن من [ ص: 134 ] دعا له هذا النبي الكريم يسعد في الدنيا والآخرة ، وإن كان فيه احتمال التحنيك .