الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1298 ) مسألة : قال : ( فإذا فرغوا من الأذان خطبهم قائما ) وجملة ذلك أن الخطبة شرط في الجمعة ، لا تصح بدونها كذلك قال عطاء ، والنخعي ، وقتادة ، والثوري ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي . ولا نعلم فيه مخالفا ، إلا الحسن ، قال : تجزئهم جميعهم ، خطب الإمام أو لم يخطب ; لأنها صلاة عيد ، فلم تشترط لها الخطبة ، كصلاة الأضحى .

                                                                                                                                            ولنا ، قول الله تعالى : { فاسعوا إلى ذكر الله } والذكر هو الخطبة ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ما ترك الخطبة للجمعة في حال ; وقد قال : { صلوا كما رأيتموني أصلي } وعن عمر رضي الله عنه أنه قال : قصرت الصلاة لأجل الخطبة . وقول عائشة نحو من هذا . وقال سعيد بن جبير : كانت الجمعة أربعا فجعلت الخطبة مكان الركعتين .

                                                                                                                                            وقوله : " خطبهم قائما " . يحتمل أنه أراد اشتراط القيام في الخطبة ، وأنه متى خطب قاعدا لغير عذر ، لم تصح . ويحتمله كلام أحمد ، رحمه الله .

                                                                                                                                            قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل عن الخطبة قاعدا ، أو يقعد في إحدى الخطبتين ؟ فلم يعجبه ، وقال : قال الله تعالى : { وتركوك قائما } وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائما . فقال له الهيثم بن خارجة : كان عمر بن عبد العزيز يجلس في خطبته فظهر منه إنكار .

                                                                                                                                            وهذا مذهب الشافعي . وقال القاضي : يجزئه الخطبة قاعدا . وقد نص عليه أحمد وهو مذهب أبي حنيفة ; لأنه ذكر ليس من شرطه الاستقبال ، فلم [ ص: 75 ] يجب له القيام كالأذان . ووجه الأول ما روى ابن عمر ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين وهو قائم ، يفصل بينهما بجلوس } . متفق عليه . وقال جابر بن سمرة : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم { كان يخطب قائما ، ثم يجلس ، ثم يقوم فيخطب قائما ، فمن نبأك أنه يخطب جالسا فقد كذب ، فقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة . } أخرجه مسلم ، وأبو داود ، والنسائي .

                                                                                                                                            فأما إن قعد لعذر ، من مرض ، أو عجز عن القيام ، فلا بأس ، فإن الصلاة تصح من القاعد العاجز عن القيام ، فالخطبة أولى . ويستحب أن يشرع في الخطبة عند فراغ المؤذن من أذانه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية