الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
30 - قوله: (ع): "لأن عبيد الله بن عدي ولد في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم ينقل أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - .

قلت: عدي بن الخيار مات قبل فتح مكة بمدة وابنه عبيد الله كان بمكة لما دخلها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد وجد في منقولات كثيرة أن الصحابة من النساء والرجال كانوا يحضرون أولادهم إلى النبي - صلى الله عليه [ ص: 541 ] وسلم - يتبركون بذلك وهذا منهم ، لكن هل يلزم من ثبوت الرؤية له الموجبة لبلوغه شريف الرتبة بدخوله في حد الصحبة ، أن يكون ما يرويه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعد مرسلا؟

هذا محل نظر وتأمل. والحق الذي جزم به أبو حاتم الرازي وغيره من الأئمة أن مرسله كمرسل غيره، وأن قولهم: مراسيل الصحابة - رضي الله عنهم - مقبولة بالاتفاق إلا عند بعض من شذ، إنما يعنون بذلك من أمكنه التحمل والسماع، أما من لا يمكنه ذلك فحكم حديثه حكم غيره من المخضرمين الذين لم يسمعوا من النبي - صلى الله عليه وسلم - والله أعلم - .

وبالجملة فتمثيل ابن الصلاح بعبيد الله بن عدي معترض، لأنه كان يمكنه أن يحفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو تابع في ذلك لابن عبد البر فإنه قال - لما ذكر المرسل - : "هذا الاسم واقع بالإجماع على حديث التابعي الكبير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل أن يقول عبيد الله بن عدي بن الخيار أو أبو أمامة بن سهل ومن كان مثلهما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وكذلك من دون هؤلاء كسعيد بن المسيب ... إلى آخر كلامه.

قلت: ولو مثل بمحمد بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما - الذي [ ص: 542 ] ما أدرك من حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ثلاثة أشهر لكان أولى وقول شيخنا: "لكونهم عاصروه على القول الضعيف في حد الصحابة - رضي الله تعالى عنهم –". سيأتي لنا إن شاء الله تعالى في معرفة الصحابة - رضي الله عنهم - قدح في ثبوت هذا القول عن أحد من الأئمة مطلقا - إن شاء الله تعالى - .

التالي السابق


الخدمات العلمية