الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 411 ] ( ولا يجب في العمر إلا مرة واحدة ) لأنه عليه الصلاة والسلام قيل له { الحج في كل عام أو مرة واحدة ؟ فقال لا بل مرة واحدة فما زاد فهو تطوع } ولأن سببه البيت وأنه لا يتعدد فلا يتكرر الوجوب .

التالي السابق


( قوله لأنه عليه الصلاة والسلام إلخ ) كان يكفي لنفي التكرر كون الدليل المذكور وهو الآية الكريمة لا يفيده فلا موجب للتكرر ، لكن حاصله نفي الحكم الذي هو وجوب التكرر لنفي الدليل ، وهو وإن كفى في نفي الحكم الشرعي لكن إثبات النفي مقتضى النفي أقوى فلذا أثبته بالدليل المقتضي له ، وهو قوله لأنه عليه الصلاة والسلام قيل له { الحج في كل عام } إلخ .

روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه { خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا ، فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ، ثم قال : ذروني ما تركتكم ، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه } فقوله { لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم } يستلزم نفي وجوب التكرر من وجهين لإفادة لو هنا امتناع نعم ، فيلزمه ثبوت نقيضه وهو لا ، والتصريح بنفي الاستطاعة أيضا .

وقد روي مفسرا ومبينا فيه الرجل المبهم . أخرج أحمد في مسنده والدارقطني في سننه والحاكم في المستدرك وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين من حديث سليمان بن كثير عن الزهري عن أبي سنان يزيد بن أمية عن ابن عباس ولفظه قال { خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أيها الناس إن الله قد كتب عليكم الحج ، فقام الأقرع بن حابس فقال : أفي كل عام يا رسول الله ؟ قال : لو قلتها لوجبت ولم تستطيعوا أن تعملوا بها ، الحج مرة فمن زاد فتطوع } ورواه من حديث سفيان بن حسين عن الزهري به وصححه ( قوله وأنه لا يتعدد فلا يتكرر الوجوب ) وأما تكرر وجوب الزكاة مع اتحاد المال فلأن السبب هو النامي تقديرا وتقدير النماء دائر مع حولان الحول إذا كان المال معدا للاستنماء في الزمان المستقبل ، وتقدير النماء الثابت في هذا الحول غير تقدير نماء في حول آخر ، فالمال مع هذا النماء غير المجموع منه ومن النماء الآخر فيتعدد حكما فيتعدد الوجوب لتعدد النصاب .




الخدمات العلمية