الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          ( إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم ) أي إنه تعالى سريع العقاب لمن كفر به أو بنعمه وخالف شرعه وتنكب سننه ، وسرعة العقاب تصدق في الدنيا والآخرة ، فإن العقاب العام عبارة عما يترتب على ارتكاب الذنوب من سوء التأثير ، وهو في الدنيا ما حرمت لأجله من الضرر في النفس أو العقل أو العرض أو المال أو غير ذلك من الشئون الاجتماعية ، فإن الذنوب ما حرمت إلا لضررها ، وهو واقع مطرد في الدنيا في ذنوب الأمم وأكثري في ذنوب الأفراد ، ولكنه يطرد في الآخرة بتدنيسها النفس وتدسيتها كما وضحناه مرارا ، وقد يستبطئ الناس العقاب قبل وقوعه ; لأن ما في الغيب مجهول لديهم فيستبعدونه وهو عند الله معلوم مشهود فليس ببعيد ( إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا ) ( 70 : 6 ، 7 ) .

                          وإنه تعالى على سرعة عقابه وشدة عذابه للمشركين والكافرين غفور للتوابين الأوابين رحيم بالمؤمنين والمحسنين ، بل سبقت رحمته غضبه ووسعت كل شيء ، ولذلك جعل جزاء الحسنة عشر أمثالها وقد يضاعفها بعد ذلك أضعافا كثيرة ، وجزاء السيئة سيئة مثلها وقد يغفرها لمن تاب منها ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) ( 42 : 30 ) وقد أكد المغفرة والرحمة هنا بما لم يؤكد به العقاب وهو اللام فنسأله تعالى أن يغفر لنا ذنوبنا ويكفر عنا سيئاتنا . ويتغمدنا برحمته الواسعة ، ويجعل لنا نصيبا عظيما من رحمته الخاصة ، ويكون منه توفيقنا لإتمام تفسير كتابه على ما يحب ويرضى من هداية الأمة ، وكشف الغمة ، فنكون هادين مهديين ، وقد تم تفسير ربعه بفضله وتوفيقه والحمد لله رب العالمين .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية