الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
492 [ ص: 62 ] حديث رابع وخمسون لأبي الزناد

مالك عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لكل نبي دعوة يدعو بها ، فأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة .

التالي السابق


هكذا روى هذا الحديث جماعة رواة الموطأ عن مالك بهذا الإسناد ، وكذلك رواه غير واحد عن أبي الزناد ، ورواه ابن وهب عن مالك ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة - وهو غريب .

حدثنا علي بن أبي إبراهيم قال : حدثنا الحسن بن رشيق قال : حدثنا العباس بن محمد قال : حدثنا أحمد بن صالح قال : حدثنا عبد الله بن وهب قال : أخبرني مالك ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لكل نبي دعوة ، فأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة .

وكذلك رواه أيوب بن سويد عن مالك .

حدثنا خلف بن قاسم ، حدثنا محمد بن عبد الله ، حدثنا ابن عبادل ، حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي حية ، حدثنا أيوب بن سويد ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لكل نبي [ ص: 63 ] دعوة يدعو بها ، فأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة ، وهما إسنادان صحيحان لمالك أحدهما في الموطأ ، وهو حديث أبي الزناد ، وروي عن أبي هريرة وغيره من وجوه كثيرة . وحديث أبي الزناد محفوظ عن ثقات أصحاب أبي الزناد ، منهم ورقاء بن عمر اليشكري ، ومالك بن أنس ، وجماعة .

حدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال : حدثنا عبيد الله بن محمد بن أبي غالب بمصر قال : حدثنا محمد بن محمد بن بدر قال : حدثنا رزق الله بن موسى قال : حدثنا شبابة بن سوار قال : حدثنا ورقاء ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لكل نبي دعوة يدعو بها في الدنيا فيستجاب له ، فأريد إن شاء الله أن أخبئ دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة .

ورواه الأعمش عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لكل نبي دعوة ، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي ، وهي نائلة منكم - إن شاء الله - من مات لا يشرك بالله شيئا .

وروى أبو أسامة ووكيع ، عن داود بن يزيد الأودي ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قول الله عز وجل ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) قال : المقام المحمود الذي أشفع فيه لأمتي ، وعبد الله بن إدريس عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله .

قال أبو عمر :

على هذا أهل العلم في تأويل قول الله عز وجل ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) أنه الشفاعة .

[ ص: 64 ] وقد روي عن مجاهد أن المقام المحمود : أن يقعده معه يوم القيامة على العرش ، وهذا عندهم منكر في تفسير هذه الآية ، والذي عليه جماعة العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الخالفين أن المقام المحمود هو المقام الذي يشفع فيه لأمته ، وقد روي عن مجاهد مثل ما عليه الجماعة من ذلك ، فصار إجماعا في تأويل الآية من أهل العلم بالكتاب والسنة .

ذكر ابن أبي شيبة عن شبابة ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) قال : شفاعة محمد ، صلى الله عليه وسلم .

وذكر بقي قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد قال : حدثنا قيس عن عاصم ، عن زر ، عن ابن مسعود ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) الشفاعة .

قال : وحدثنا يحيى بن عبد الحميد قال : حدثنا أبو بكر ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله بن مسعود مثله .

وذكر الفريابي ، عن الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي الزعراء ، عن ابن مسعود مثله .

وذكر ابن أبي شيبة قال : حدثنا أبو معاوية ، عن عاصم ، عن أبي عثمان ، عن سلمان قال : المقام المحمود : الشفاعة .

وروى سفيان ، وإسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن صلة ، عن حذيفة قال : يجتمع الناس في صعيد واحد ينفذهم البصر ، ويسمعهم الداعي - زاد سفيان في حديثه : حفاة عراة سكوتا كما خلقوا قياما لا تكلم نفس إلا بإذنه - ثم اجتمعا : فينادي مناد : يا محمد ، على رؤوس الأولين والآخرين ، فيقول : لبيك وسعديك والخير في يديك - زاد سفيان : والشر ليس إليك - [ ص: 65 ] ثم اجتمعا : والمهدي من هديت ، تباركت وتعاليت ، ومنك وإليك ، لا ملجأ ولا منجى إلا إليك ، قال حذيفة : فذلك المقام المحمود .

قال : وحدثنا إسماعيل بن أبي كريمة قال : حدثنا محمد بن عبد الرحيم قال : حدثني زيد بن أبي أنيسة ، عن أبي إسحاق ، عن صلة ، عن حذيفة فذكر مثله .

وروى عبد الزراق ، عن معمر ، عن أبي إسحاق ، عن صلة بن زفر ، عن حذيفة بن اليمان فذكر مثله .

وروى يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة في قوله : ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) قال : ذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - خير بين أن يكون عبدا نبيا أو ملكا نبيا ، فأومأ إليه جبريل أن تواضع ، فاختار نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكون عبدا نبيا ، فأعطي بها اثنين : أول من تنشق عنه الأرض ، وأول شافع ، قال قتادة : وكان أهل العلم يرون المقام المحمود الذي قال الله عز وجل : ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) شفاعته يوم القيامة .

وممن روي عنه أيضا أن المقام المحمود الشفاعة ، الحسن البصري ، وإبراهيم النخعي ، وعلي بن الحسين بن علي ، وابن شهاب ، وسعيد بن أبي هلال وغيرهم .

وفي الشفاعة أحاديث مرفوعة صحاح مسندة ، من أحسنها ما حدثناه أحمد بن فتح بن عبد الله ، وعبد الرحمن بن يحيى قالا : حدثنا حمزة بن محمد بن علي قال : أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال : حدثنا أبو الربيع الزهراني ، [ ص: 66 ] قال : حدثنا حماد بن زيد قال : حدثنا معبد بن هلال العنزي قال : اجتمع رهط من أهل البصرة وأنا فيهم ، فأتينا أنس بن مالك ، واستشفعنا عليه بثابت البناني ، فدخلنا عليه فأجلس ثابتا معه على السرير ، فقلت : لا تسألوه عن هذا الحديث ، فقال ثابت : يا أبا حمزة إخوانك من أهل البصرة جاءوا يسألونك عن حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الشفاعة فقال : حدثنا محمد - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض ، فيؤتى آدم عليه السلام فيقولون : يا آدم اشفع لنا إلى ربك ، فيقول : لست لها ، ولكن عليكم بإبراهيم عليه السلام ، فإنه خليل الله عز وجل ، فيؤتى إبراهيم فيقول : لست لها ، ولكن عليكم بموسى ، فإنه كليم الله ، فيؤتى موسى عليه السلام فيقول : لست لها ، ولكن عليكم بعيسى ابن مريم ، فإنه روح الله وكلمته ، فيؤتى عليه السلام فيقول : لست لها ، ولكن عليكم بمحمد ; فأوتى فأقول : أنا لها ; فأنطلق فأستأذن على ربي عز وجل ، فيؤذن لي ، فأقوم بين يديه مقاما ، فيلهمني فيه محامد لا أقدر عليها الآن ، فأحمده بتلك المحامد ، ثم أخر له ساجدا ، فيقول لي : يا محمد ارفع رأسك ، وقل تسمع ، وسل تعط ، واشفع تشفع ، فأقول أي رب أمتي أمتي ، فيقال لي : انطلق فمن كان في قلبه مثقال ذرة أو مثقال شعيرة فأخرجه ، فأنطلق فأفعل ، ثم أرجع فأحمده بتلك المحامد ، ثم أخر له ساجدا ، فيقال : يا محمد ارفع رأسك ، وقل يسمع لك ، وسل تعط ، واشفع تشفع ، فأقول : أي رب أمتي أمتي فيقال : انطلق فمن كان في قلبه أدنى مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجه من النار .

فلما رجعنا من عند أنس قلت لأصحابي : هل لكم في الحسن ، وهو مستخف في منزل أبي خليفة في عبد القيس ، فأتيناه فدخلنا عليه ، فقلنا : خرجنا من عند أخيك أنس بن مالك ، فلم نسمع مثل ما حدثنا في الشفاعة . قال : كيف حدثكم ؟ فحدثناه الحديث حتى إذا انتهينا قلنا : لم [ ص: 67 ] يزدنا على هذا . قال : لقد حدثنا ( هذا ) الحديث منذ عشرين سنة ، ولقد ترك منه شيئا ، فلا أدري أنسي الشيخ أم كره أن يحدثكموه فتتكلوا ، ثم قال في الرابعة : ثم أعود فأخر له ساجدا ، ثم أحمده بتلك المحامد ، فيقال لي : يا محمد ارفع رأسك ، وقل يسمع لك ، وسل تعط ، واشفع تشفع ، فأقول : أي رب ائذن لي فيمن قال : لا إله إلا الله صادقا . قال : فيقول تبارك وتعالى : ليس لك ، وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي ، لأخرجن منها من قال : لا إله إلا الله . فأشهد على الحسن لحدثنا بهذا الحديث يوم حدثنا به أنس بن مالك .

وروى همام عن قتادة ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله في الشفاعة من أوله إلى آخره بأتم ألفاظ .

وروى سهيل بن أبي صالح ، عن زياد النميري ، عن أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله من أوله إلى آخره بمعناه في الشفاعة .

وقد قيل : إن الشفاعة منه - صلى الله عليه وسلم - تكون مرتين : مرة في الموقف يشفع في قوم ، فينجون من النار ولا يدخلونها ، ومرة بعد دخول قوم من أمته النار ، فيخرجون منها بشفاعته ، وقد رويت آثار بنحو هذا الوجه ، يعني الوجه الأول فالله أعلم .

حدثني أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن الفضل ، حدثنا الحسن بن علي الرافقي ، حدثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم ، حدثنا حفص بن عمر بن ميمون ، حدثنا ثور بن يزيد ، عن هشام بن عروة ، عن أسماء بنت عميس أنها قالت : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني ممن تشفع له يوم القيامة فقال : [ ص: 68 ] لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذن تخمشك النار ، فإن شفاعتي لكل هالك من أمتي تخمشه النار .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا مضر بن محمد قال : حدثنا يحيى بن معين قال : حدثنا أبو اليمان عن شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك ، عن أم حبيبة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر ما تلقى أمته بعده من سفك دم بعضها بعضا ، وسبق ذلك من الله كما سبق في الأمم قبلهم ، فسألته أن يوليني شفاعة فيهم ، ففعل .

قال : وأخبرنا مضر قال : حدثنا شيبان بن فروخ قال : حدثنا أبو عوانة عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن عبيد بن عمير ، عن أبي ذر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من قبلي ، بعثت إلى الأحمر والأسود ، وأحلت لي الغنائم ، ولم تحل لأحد قبلي ، ونصرت بالرعب شهرا ، فيرعب العدو مني مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا ، وقيل لي : سل تعط ، فاختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة ، وهي نائلة منكم - إن شاء الله - من لم يشرك بالله شيئا .

حدثنا أحمد بن فتح بن عبد الله قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حامد بن ثرثال قال : حدثنا الحسن بن الطيب بن حمزة قال : حدثنا شيبان بن فروخ قال : حدثنا حرب بن سريج قال : حدثنا أيوب عن نافع ، عن ابن عمر أنه قال : ما زلنا نمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر حتى سمعنا من نبينا - صلى الله عليه وسلم - يقول ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) وقال : إني ادخرت ( دعوتي ) شفاعة لأهل الكبائر من أمتي .

[ ص: 69 ] وحدثنا عبد الوارث قال : حدثنا قاسم قال : حدثنا إبراهيم بن مهدي قال : حدثنا شيبان بن فروخ قال : حدثنا حرب بن سريج قال : حدثنا أيوب السختياني ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي .

حدثنا أحمد بن سعيد بن بشر ، حدثنا مسلمة بن قاسم بن إبراهيم ، حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن الأصبهاني بسيراف ، حدثنا يونس بن حبيب ، حدثنا أبو داود الطيالسي سليمان بن داود قال : حدثنا محمد بن ثابت ، عن جعفر بن محمد بن علي ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي قال : فقال جابر : من لم يكن من أهل الكبائر فما له وللشفاعة ؟

والآثار في هذا كثيرة متواترة ، والجماعة أهل السنة على التصديق بها ، ولا ينكرها إلا أهل البدع .

حدثنا أحمد بن قاسم ، وعبد الوارث بن سفيان قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال : حدثنا إسحاق بن عيسى قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن علي بن زيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس قال : قال عمر بن الخطاب : أيها الناس إن الرجم حق فلا تخدعن عنه ، وآية ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد رجم وأبا بكر ، ورجمنا بعدهما ، وإنه سيكون أناس يكذبون بالرجم ، ويكذبون باللعان ، ويكذبون بطلوع الشمس من مغربها ، ويكذبون بعذاب القبر ، ويكذبون بالشفاعة ، ويكذبون بقوم يخرجون من النار بعدما امتحشوا .

[ ص: 70 ] قال أبو عمر :

كل هذا يكذب به جميع طوائف أهل البدع : الخوارج ، والمعتزلة ، والجهمية ، وسائر الفرق المبتدعة ; وأما أهل السنة أئمة الفقه والأثر في جميع الأمصار فيؤمنون بذلك كله ويصدقونه ، وهم أهل الحق ، والله المستعان .

وأما قوله في حديث أبي الزناد في هذا الباب : لكل نبي دعوة يدعو بها ، فمعناه أن كل نبي أعطي أمنية وسؤالا ودعوة يدعو بها فيما شاء ، أجيب وأعطيه . ولا وجه لهذا الحديث غير ذلك لأن لكل نبي دعوات مستجابات ، ولغير الأنبياء أيضا دعوات مستجابات ، وما يكاد أحد من أهل الإيمان يخلو من أن تجاب دعوته ولو مرة في عمره ، فإن الله - عز وجل - يقول : ( ادعوني أستجب لكم ) وقال : ( بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون ) .

وقال - صلى الله عليه وسلم - : ما من داع يدعو إلا كان بين إحدى ثلاث : إما أن يستجاب له فيما دعا به ، وإما أن يدخر له مثله ، أو يكفر عنه . وقد ذكرنا هذا الخبر في باب زيد بن أسلم من كتابنا هذا ، وقال : دعوة المظلوم لا ترد ولو كانت من كافر ، والدعاء عند حضرة النداء والصف في سبيل الله ، وعند نزول الغيث ، وفي ساعة يوم الجمعة لا يرد .

فإن كان هذا هكذا لجميع المسلمين ، فكيف يتوهم متوهم أن ليس للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولا لسائر الأنبياء إلا دعوة واحدة يجابون فيها ، هذا ما لا يتوهمه ذو لب ولا إيمان ، ولا من له أدنى فهم ، وبالله التوفيق .

[ ص: 71 ] حدثنا سعيد بن نصر ، وعبد الوارث بن سفيان ، قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، قال : حدثنا حجاج بن منهال ، قال : حدثنا معتمر ، قال : سمعت أبي يحدث عن أنس بن مالك : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن لكل نبي دعوة قد دعا بها يستجاب فيها ، فاختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة ، أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - . آخر حديث أبي الزناد . والحمد لله .




الخدمات العلمية