الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) فإذا لبيت فقد أحرمت يعني إذا نويت ولبيت إلا أنه لم يذكر النية لتقديم الإشارة إليها في قوله اللهم إني أريد الحج قال : فاتق ما نهى الله عنه من قتل الصيد ، والرفث ، والفسوق ، والجدال .

أما قتل الصيد فالمحرم منهي عنه في قوله تعالى { لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } والصيد محرم عليه ما دام محرما لقوله تعالى { وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما } وأما الرفث والفسوق والجدال فالنهي عنها في قوله تعالى { فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج } فهو نهي بصيغة النفي ، وهذا آكد ما يكون من النهي ، وفي تفسير الرفث قولان أحدهما الجماع بيانه في قوله تعالى { أحل لكم ليلة الصيام الرفث } والثاني الكلام الفاحش . إلا أن ابن عباس رضي الله عنه كان يقول إنما يكون الكلام الفاحش رفثا بحضرة النساء حتى روي أنه كان ينشد في إحرامه : وهن يمشين بنا هميسا إن تصدق الطير ننك لميسا [ ص: 7 ] لميس اسم جاريته ) فقيل : له أترفث وأنت محرم ؟ فقال : إنما الرفث بحضرة النساء ، وقال أبو هريرة رضي الله عنه : كنا ننشد الأشعار في حالة الإحرام . فقيل له : مثل ماذا ؟ فقال : مثل قول القائل

قامت تريك رهبة إن تصرما ساقا بحناء وكعبا أدرما

ذكر في كفاية المتحفظ .

وأما الفسوق فهو اسم للمعاصي ، وذلك منهي عنه في الإحرام وغير الإحرام إلا أن الحظر في الإحرام أشد لحرمة العبادة ، وفي تفسير الجدال قولان أحدهما أن يجادل رفيقه في الطريق . والثاني أن المراد مجادلة المشركين في تقديم وقت الحج وتأخيره ، وذلك هو النسيء الذي قال الله تعالى { إنما النسيء زيادة في الكفر } الآية ، وذلك منفي بعد الإسلام

( قال ) ، ولا يشير إلى صيد ، ولا يدل عليه لحديث أبي قتادة رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه رضوان الله عليهم وكانوا محرمين : هل أشرتم هل أعنتم هل دللتم فقالوا : لا ، فقال : إذن فكلوا } ، ولأن المحرم على المحرم التعرض للصيد بما يزيل الأمن عنه ، وذلك يحصل بالدلالة ، والإشارة ، وربما يتطرق به إلى القتل ، وما يكون محرم العين فهو محرم بدواعيه كالزنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية