الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        7123 حدثنا أبو النعمان حدثنا مهدي بن ميمون سمعت محمد بن سيرين يحدث عن معبد بن سيرين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يخرج ناس من قبل المشرق ويقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه قيل ما سيماهم قال سيماهم التحليق أو قال التسبيد

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الثالث : قوله : عن معبد بن سيرين ) هو أخو محمد وهو أكبر منه والسند كله بصريون إلا الصحابي وقد دخل البصرة .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( يخرج ناس من قبل المشرق ) تقدم في " كتاب الفتن " أنهم الخوارج وبيان مبدأ أمرهم وما ورد فيهم ، وكان ابتداء خروجهم في العراق وهي من جهة المشرق بالنسبة إلى مكة المشرفة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : لا يجاوز تراقيهم ) جمع ترقوة بفتح أوله وسكون الراء وضم القاف وفتح الواو وهي العظم الذي بين نقرة النحر والعاتق ، وذكره في الترجمة بلفظ " حناجرهم " جمع حنجرة وهي الحلقوم ، وتقدم بيان الحلقوم في أواخر " كتاب العلم " وقد رواه عبد الرحمن بن أبي نعم عن أبي سعيد بلفظ " حناجرهم ، وتقدم في باب قوله تعالى تعرج الملائكة والروح إليه من " كتاب التوحيد " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : قيل ما سيماهم ) بكسر المهملة وسكون التحتانية أي علامتهم والسائل عن ذلك لم أقف على تعيينه .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( التحليق أو قال التسبيد ) شك من الراوي وهو بالمهملة والموحدة بمعنى التحليق ، وقيل أبلغ منه وهو بمعنى الاستئصال وقيل إن نبت بعد أيام وقيل هو ترك دهن الشعر وغسله ، قال الكرماني فيه إشكال وهو أنه يلزم من وجود العلامة وجود ذي العلامة فيستلزم أن كل من كان محلوق الرأس فهو منالخوارج والأمر بخلاف ذلك اتفاقا ثم أجاب بأن السلف كانوا لا يحلقون رءوسهم إلا للنسك أو في الحاجة ، والخوارج اتخذوه ديدنا فصار شعارا لهم وعرفوا به قال ويحتمل أن يراد به حلق الرأس واللحية وجميع شعورهم وأن يراد به الإفراط في القتل والمبالغة في المخالفة في أمر الديانة . قلت : الأول باطل ؛ لأنه لم يقع من الخوارج والثاني محتمل لكن طرق الحديث المتكاثرة كالصريحة في إرادة حلق الرأس ، والثالث كالثاني والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 547 ] ( تنبيه ) :

                                                                                                                                                                                                        وقع لابن بطال في وصف الخوارج خبط أردت التنبيه عليه لئلا يغتر به ، وذلك أنه قال : يمكن أن يكون هذا الحديث في قوم عرفهم النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي أنهم خرجوا ببدعتهم عن الإسلام إلى الكفر وهم الذين قتلهم علي بالنهروان حين قالوا إنك ربنا فاغتاظ عليهم وأمر بهم فحرقوا بالنار فزادهم ذلك فتنة وقالوا الآن تيقنا أنك ربنا إذ لا يعذب بالنار إلا الله انتهى . وقد تقدمت هذه القصة لعلي في الفتن وليست للخوارج وإنما هي للزنادقة كما وقع مصرحا به في بعض طرقه ، ووقع في شرح الوجيز للرافعي عند ذكر الخوارج قال هم فرقة من المبتدعة خرجوا على علي حيث اعتقدوا أنه يعرف قتلة عثمان ويقدر عليهم ولا يقتص منهم لرضاه بقتله ومواطأته إياهم ، ويعتقدون أن من أتى كبيرة فقد كفر واستحق الخلود في النار ويطعنون لذلك في الأئمة انتهى . وليس الوصف الأول في كلامه وصف الخوارج المبتدعة وإنما هو وصف النواصب أتباع معاوية بصفين ، وأما الخوارج فمن معتقدهم تكفير عثمان وأنه قتل بحق ، ولم يزالوا مع علي حتى وقع التحكيم بصفين فأنكروا التحكيم وخرجوا على علي وكفروه ، وقد تقدم القول فيهم مبسوطا في " كتاب الفتن " .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية