الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                              [ ص: 630 ] قوله تعالى: يوم ندعوا كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا (71) ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا

                                                                                                                                                                                              خرج الترمذي من حديث السدي ، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى: يوم ندعوا كل أناس بإمامهم قال: "يدعى أحدهم فيعطى كتابه بيمينه، ويمد له في جسمه ستون ذراعا . ويبيض وجهه، ويجعل على رأسه تاج من نور يتلألأ، فينطلق إلى أصحابه فيرونه من بعيد، فيقولون اللهم آتنا بهذا وبارك لنا في هذا، حتى يأتيهم فيقول لهم: أبشروا، لكل رجل منكم مثل هذا . قال: وأما الكافر فيسود وجهه يمد له في جسمه ستون ذراعا في صورة آدم، ويلبس تاجا من نار فيراه أصحابه، فيقولون: نعوذ بالله من شر هذا، اللهم لا تأتنا بهذا، فيأتيهم فيقولون: اللهم أخره عنا، فيقول: أبعدكم الله، فإن لكل رجل منكم مثل هذا" وقال: حسن غريب .

                                                                                                                                                                                              وروى عطاء بن يسار عن كعب قال: يؤتى بالرئيس في الشر فيقال له: أجب ربك، فينطلق به إلى ربه، فيحتجب عنه ويؤمر به إلى النار، فيرى منزله ومنزل أصحابه، فيقال: هذه منزلة فلان، هذه منزلة فلان، فيرى ما أعد الله لهم فيها من الهوان، ويرى منزلته أشر من منازلهم، قال: فيسود وجهه وتزرق عيناه ويوضع على رأسه قلنسوة من نار، فيخرج فلا يراه أهل ملإ إلا تعوذوا بالله منه، فيأتي أصحابه الذين كانوا يجتمعون به على الشر ويعينونه عليه، فما يزال يخبرهم بما أعد الله لهم في النار حتى يعلو [ ص: 631 ] وجوههم من السواد مثل ما علا وجهه، فيعرفهم الناس بسواد وجوههم . فيقولون: هؤلاء أهل النار . خرجه أبو نعيم وغيره .

                                                                                                                                                                                              وهذا إنما هو قبل دخولهم إلى النار، فإذا دخلوا النار عظم خلقهم على ما تقدم في الأحاديث السابقة . وأما سنهم فعلى سن أهل الجنة لا يزادون عليه، وروى دراج عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من مات وهو من أهل الجنة من صغير وكبير يردون بني ثلاثين في الجنة لا يزيدون عليها أبدا، وكذلك أهل النار" خرجه الترمذي ، وفي رواية غير الترمذي : "بني ثلاث وثلاثين " .

                                                                                                                                                                                              وخرج الطبراني من طريق سليم بن عامر عن المقدام بن معد يكرب . عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من أحد يموت سقطا أو هرما، وإنما الناس بين ذلك إلا بعث ابن ثلاثين سنة، فإن كان من أهل الجنة كان على مسحة آدم وصورة يوسف وقلب أيوب، ومن كان من أهل النار عظموا وفخموا كالجبال " . ورواه غير الطبراني . وقال: "أبناء ثلاث وثلاثين سنة" .

                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية