الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر ملك الروم لؤلؤة

وفيها سلمت الصقالبة لؤلؤة إلى الروم ; وكان سبب ذلك أن أحمد بن طولون قد أدمن الغزو بطرسوس قبل أن يلي مصر ، فلما ولي مصر كان يؤثر أن يلي طرسوس ليغزو منها أميرا ، فكتب إلى أبي أحمد الموفق يطلب ولايتها ، فلم يجبه إلى ذلك ، واستعمل عليها محمد بن هارون التغلبي ، فركب في سفينة في دجلة فألقتها الريح إلى الشاطئ ، فأخذه أصحاب مساور الشاري فقتلوه ، واستعمل عوضه محمد بن علي الأرمني ، وأضيف إليه أنطاكية ، فوثب به أهل طرسوس فقتلوه ، فاستعمل عليها ( أرخوز بن يولغ ) بن طرخان التركي ، فسار بها ، وكان غرا جاهلا ، فأساء السيرة ، وأخر عن أهل لؤلؤة أرزاقهم وميرتهم ، فضجوا من ذلك ، وكتبوا إلى أهل طرسوس يشكون منه ويقولون : إن لم ترسلوا إلينا أرزاقنا وميرتنا وإلا سلمنا القلعة إلى الروم .

فأعظم ذلك أهل طرسوس وجمعوا من بينهم خمسة عشر ألف دينار ليحملوها إليهم ، فأخذها أرخوز ليحملها إلى أهل لؤلؤة ، فأخذها لنفسه .

فلما أبطأ عليهم المال سلموا القلعة إلى الروم ، فقامت على أهل طرسوس القيامة ; لأنها كانت شجا في حلق العدو ، ولم يكن يخرج للروم في بر أو بحر إلا رأوه ، وأنذروا به ; واتصل الخبر بالمعتمد ، فقلدها أحمد بن طولون ، واستعمل عليها من يقوم بغزو الروم ويحفظ ذلك الثغر .

التالي السابق


الخدمات العلمية