الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر دخول الزنج رامهرمز

وفيها دخل علي بن أبان ، والزنج رامهرمز وسبب ذلك أن محمد بن عبيد الله كان يخاف علي بن أبان لما في نفس علي منه ، لما ذكرناه ، فكتب إلى أنكلاي ابن العلوي وسأله أن يسأل أباه ليرفع يد علي عنه ويضمه إلى نفسه ، فزاد ذلك غيظ علي منه ، كتب إلى الخبيث بالإيقاع بمحمد ، ويجعل ذلك الطريق إلى مطالبة بالخراج ، فأذن له ، فكتب إلى محمد يطلب منه حمل الخراج ، فمطله ، ودافعه ، فسار إليه علي وهو برامهرمز ، فهرب محمد عنها ، ودخلها علي والزنج فاستباحها ، ولحق محمد بأقصى معاقله ، وانصرف علي غانما .

وخاف محمد فكتب إليه يطلب المسالمة ، فأجابه إلى ذلك على مال يؤديه إليه ، فحمل إليه مائتي ألف درهم ، فأنفذها إلى صاحب الزنج ، وأمسك عن محمد بن عبيد الله وأعماله .

وفيها كانت وقعة للزنج انهزموا فيها ، وكان سببها أن محمد بن عبيد الله ) كتب إلى علي بن أبان ، بعد الصلح ، يسأله المعونة على الأكراد الدارنان على أن يجعل له ولأصحابه غنائمهم ، فكتب علي إلى صاحبه يستأذنه ، فكتب إليه أن وجه إليه جيشا ، وأقم أنت ، لا تنفذ أحدا حتى تستوثق منه بالرهائن ، ( ولا يأمن غزوه والطلب بثأره . فكتب علي إلى محمد يطلب منه اليمين ) والرهائن ، فبذل له اليمين ، ومطله بالرهائن ، فلحرص علي على الغنائم أنفذ إليه جيشا ، فسير محمد معهم طائفة من أصحابه إلى الأكراد ، فخرج إليهم الأكراد فقاتلوهم ، ونشبت الحرب ، فتخلى أصحاب محمد عن الزنج ، فانهزموا وقتلت الأكراد منهم خلقا كثيرا .

[ ص: 367 ] وكان محمد قد أعد لهم من يتعرضهم إذا انهزموا ، فصادفوهم ، وأوقعوا بهم ، وسلبوهم ، وأخذوا دوابهم ، ورجعوا ( بأسوإ حال ، فكتب علي إلى الخبيث بذلك فعنفه ، وقال : ضيعت أمري في ترك الرهائن ، وكتب إلى محمد يتهدده ، فخاف محمد وكتب إليه يخضع ويذل ، ورد بعض الدواب وقال :

إنني كبست من كانت عندهم ، وخلصت هذه منهم . فأظهر الخبيث الغضب عليه ، فأرسل محمد إليه بهبود ، ومحمد بن يحيى الكرماني ، وكانا أقرب الناس إلى علي ، فضمن لهما مالا إن أصلحا له عليا وصاحبه ، ففعلا ذلك ، فأجابهما الخبيث إلى الرضا عن محمد على أن يخطب له على منابر بلاده ، وأعلما محمدا ذلك ، فأجابهما إلى كل ما طلبا ، وجعل يراوغ في الدعاء له على المنابر .

ثم إن عليا استعد لمتوث ، وسار إليها ، فلم يظفر بها ، فرجع ، وعمل السلاليم ، الآلات التي يصعد بها إلى السور ، واستعد لقصدها ، فعرف ذلك منصور البلخي ، وهو يومئذ بكور الأهواز ، فلما سار علي إليها سار إليه مسرور ، فوافاه قبل المغرب وهو نازل عليها ، فلما عاين الزنج أوائل خيل مسرور انهزموا أقبح هزيمة ، وتركوا جميع ما كانوا أعدوه ، وقتل منهم خلق كثير ، وانصرف علي مهزوما ، فلم يلبث إلا يسيرا حتى أتته الأخبار بإقبال الموفق ، ولم يكن لعلي بعد متوث وقعة ، حتى فتحت سوق الخميس وطهثا على الموفق ، فكتب إليه صاحبه يأمره بالعود إليه ، ويستحثه حثا شديدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية