الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. ( قال ) وإن قص الأظفار كلها في مجالس متفرقة فإن كان حين قص أظفار يد واحدة كفر ثم قص أظفار أخرى فعليه كفارة أخرى لأن الجناية الأولى قد ارتفعت بالتكفير ففعله الثاني يكون جناية مبتدأة فيوجب كفارة أخرى ، وإن لم يكفر حتى قص الأظفار كلها فعليه دم واحد في قول محمد رحمه الله تعالى بمنزلة ما لو قص الأظفار كلها في مجلس واحد لأن هذه الجنايات تستند إلى سبب واحد فلا توجب إلا كفارة واحدة كما في حلق جميع الرأس لا فرق أن يكون في مجالس متفرقة أو في مجلس واحد ، وهذا لأن مبنى الواجب على التداخل ، وفيما ينبني على التداخل المجلس الواحد ، والمجالس المتفرقة فيه سواء كما في كفارة الفطر ، وكما في الحدود . وفي قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى عليه أربعة دماء باعتبار كل عضو في مجلس دم لأن هذه الأفعال في محال مختلفة ، وكل واحد منها جناية متكاملة منها فتوجب الدم ، وكان بمنزلة ما لو حلق في مجلس ، وقص الأظفار في مجلس آخر ، وهذا لأن كفارات الإحرام يغلب فيها معنى العبادة ، ولا يجري التداخل في العبادة إلا أنه إذا كان في مجلس واحد فالمقصود واحد ، والمحال [ ص: 79 ] مختلفة فرجحنا جانب اتحاد المقصود بسبب اتحاد المجلس ، وأما إذا اختلفت المجالس يترجح جانب اختلاف المحال فيوجب بكل فعل دماء بمنزلة من تلا آية السجدة مرارا فإن كان في مجلس واحد فعليه سجدة واحدة ، وإن كان في مجالس متفرقة فعليه بكل تلاوة سجدة ، وبه فارق الحلق فإن محل الفعل هناك واحد ، والمقصود واحد ، وعلى هذا الاختلاف لو جامع مرة بعد أخرى امرأة واحدة أو نسوة إلا أن مشايخنا رحمهم الله تعالى قالوا في الجماع بعد الوقوف في المرة الأولى عليه بدنة وفي المرة الثانية عليه شاة لأنه قد دخل فيه نقصان بالجناية الأولى فالجناية الثانية صادفت إحراما ناقصا فيجب الدم ، ويكون قياس الجماع في إحرام العمرة ، وإن أصابه أذى في أظفاره حتى قصها فعليه أي الكفارات الثلاث شاء للأصل الذي تقدم بيانه أن ما يكون موجبا للدم إذا فعله لعذر تخير فيه المعذور بين الكفارات الثلاث ، والله سبحانه وتعالى أعلم وإليه المرجع والمآب .

التالي السابق


الخدمات العلمية