الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الثالثة : قال ابن وهب : قال لي مالك : لم يكن من فتيا المسلمين أن يقولوا : هذا حرام وهذا حلال ، ولكن يقولون : إنا نكره هذا ، ولم أكن لأصنع هذا ، فكان الناس يطيعون ذلك ، ويرضون به . ومعنى هذا أن التحريم والتحليل إنما هو لله كما تقدم [ ص: 167 ] بيانه ; فليس لأحد أن يصرح بهذا في عين من الأعيان ، إلا أن يكون الباري يخبر بذلك عنه ، وما يؤدي إليه الاجتهاد في أنه حرام يقول : إني أكره كذا ، وكذلك كان مالك يفعل ; اقتداء بمن تقدم من أهل الفتوى . فإن قيل : فقد قال فيمن قال لزوجته : أنت علي حرام أنها حرام وتكون ثلاثا . قلنا : سيأتي بيان ذلك في سورة التحريم إن شاء الله .

                                                                                                                                                                                                              ونقول هاهنا : إن الرجل هو الذي ألزم ذلك لنفسه ، فألزمه مالك ما التزم .

                                                                                                                                                                                                              جواب آخر : وهو أقوى ; وذلك أن مالكا لما سمع علي بن أبي طالب يقول : إنها حرام أفتى بذلك اقتداء به ، وقد يتقوى الدليل على التحريم عند المجتهد ، فلا بأس أن يقول ذلك عندنا ، كما يقول : إن الربا حرام في غير الأعيان الستة التي وقع ذكرها في الربا ، وهي الذهب ، والفضة ، والبر ، والشعير ، والتمر ، والملح ، وكثيرا ما يطلق مالك ، فذلك حرام لا يصلح في الأموال الربوية ، وفيما خالف المصالح ، وخرج عن طريق المقاصد ، لقوة الأدلة في ذلك .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية