الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وندب إفراد )

                                                                                                                            ش : يعني أن الإحرام بالحج مفردا أفضل من الإحرام بالقران أو التمتع ، وظاهر كلامه ، وإن كان لم يأت بعد الحج بعمرة ، وهو ظاهر كلامه في التوضيح والمناسك ، وقال في مناسكه في فضل أوجه الإحرام ، والإفراد أفضلها ، وهو أن يحرم مفردا ثم إذا فرغ يسن له أن يحرم بعمرة ، فلم يجعل العمرة داخلة في حقيقة الإفراد المحكوم له بالأفضلية بل جعلها سنة مستقلة ، فإذا أحرم بالإفراد ، وترك العمرة ، وترك السنة ، وهو نحو قوله : في التوضيح ، والإفراد ، وإن لم يكن مستلزما للعمرة لكنه إذا أتى بالعمرة بعد الحج ، فقد أتى بهما ، وإن كان حجه إفرادا ، وهو ظاهر كلام غيره من أهل المذهب قال ابن عرفة الإفراد الإحرام بنية حج فقط ، وقال المقري في قواعده قال مالك ومحمد : الإفراد أفضل إذا كان بعده عمرة ، أما إذا لم يعتمر بعده ، فالقران أفضل انتهى .

                                                                                                                            ولم أر من صرح بذلك من المالكية إنما نقله سند عن الشافعي ، وقال ابن جماعة الشافعي وعند المالكية أن الإفراد أن يأتي بالحج وحده ، ولم يذكروا العمرة ، وأطلقوا القول بأنه أفضل من القران والتمتع ، ونص على ذلك مالك - رحمه الله تعالى - ونقل الطرطوشي اتفاق مالك وأصحابه عليه انتهى .

                                                                                                                            ( قلت : ) ، ولعل المقري أخذ ما قاله مما وقع في رسم حلف من سماع ابن القاسم من كتاب الحج ، ونصه : وسئل مالك عمن أحرم بعمرة ثم حج ، أذلك أحب إليك أم إفراد الحج والعمرة بعده في ذي الحجة ؟ فقال : بل إفراد الحج والعمرة في ذي الحجة بعد الحج أحب إلي صرورة كان أو غير صرورة قال ابن رشد ، كما فعلت عائشة رضي الله عنها حين أعمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم من التنعيم ، وهذا على مذهبه في تفضيل الإفراد ثم ذكر قول ابن عمر بتفضيل المتمتع انتهى .

                                                                                                                            لكنه لم يصرح في العتبية بأنه إذا لم يعتمر بعد الحج ، فلا يكون الإفراد أفضل ، كما قال المقري ( قلت : ) ومما يستدل به على خلاف ما قاله المقري استدلال أهل المذهب على أفضلية الإفراد بفعله عليه الصلاة والسلام ، ولم ينقل عنه عليه الصلاة والسلام أنه اعتمر بعد حجته ، والله أعلم .

                                                                                                                            قال سند : وإنما كان الإفراد أفضل من القران والتمتع ; ; لأنه لا يترخص فيه بالخروج من الإحرام ولأنه يأتي بكل نسك على انفراده ، فاجتمع فيه أمران ولأنه مجمع عليه وغيره مختلف فيه ، فكان عمر ينهى عن التمتع ، وكان عثمان ينهى عن القران ، ولأنه لا خلل فيه بدليل أنه لا يتعلق به وجوب الدم ، وغيره يوجب الدم ، ووجوبه : دليل على الخلل ، فكان الإفراد الذي لا خلل فيه أفضل ولأنه فعل الأئمة انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية