الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر وزارة ابن الفرات الثانية وعزل علي بن عيسى

في هذه السنة ، في ذي الحجة ، عزل علي بن عيسى عن الوزارة ، وأعيد إليها أبو الحسن علي بن الفرات .

وكان ( سبب ذلك أن أبا الحسن بن الفرات كان ) محبوسا ، وكان المقتدر يشاوره وهو في محبسه ، ويرجع إلى قوله ، وكان علي بن عيسى يمشي أمر الوزارة ، ولم يتبع أصحاب ابن الفرات وأسبابه ( ولا غيره ) ، وكان جميل المحضر ( قليل [ ص: 645 ] الشر ) ، فبلغه أن أبا الحسن بن الفرات قد تحدث له جماعة من أصحاب الخليفة في إعادته إلى الوزارة ، فسارع واستعفى من الوزارة ، وسئل في ذلك ، فأنكر المقتدر عليه ، ومنعه من ذلك ، فسكن .

فلما كان آخر ذي القعدة جاءته أم موسى القهرمانة لتتفق معه على ما يحتاج حرم الدار والحاشية التي للدار من الكسوات والنفقات ، فوصلت إليه وهو نائم ، فقال لها حاجبه : إنه نائم ولا أجسر [ أن ] أوقظه ، فاجلسي في الدار ساعة حتى يستيقظ ، فغضبت من هذا وعادت ، واستيقظ علي بن عيسى في الحال ، فأرسل إليها حاجبه وولده يعتذر ، فلم يقبل منه ، ودخلت على المقتدر وتخرصت على الوزير عنده وعند أمه ، فعزله عن الوزارة ، وقبض عليه ثامن ذي القعدة .

وأعيد ابن الفرات إلى الوزارة ، وضمن على نفسه أن يحمل كل يوم إلى بيت المال ألف دينار وخمسمائة دينار ، فقبض على أصحاب الوزير علي بن عيسى وعاد فقبض على الخاقاني الوزير وأصحابه ، واعترض العمال وغيرهم ، وعاد عليهم بأموال عظيمة ليقوم بما ضمنه .

وكان علي بن عيسى قد تعجل بمال من الخراج لينفقه في العيد ، فاتسع به ابن الفرات .

وكان قد كاتب العمال بالبلاد كفارس ، والأهواز ، وبلاد الجبل ، وغيرهما في حمل المال ، وحثهم على ذلك غاية الحث ، فوصل بعد قبضه ، فادعى ابن الفرات الكفاية والنهضة في جمع المال .

وكان أبو علي بن مقلة مستخفيا مذ قبض ابن الفرات إلى الآن ، فلما عاد ابن [ ص: 646 ] الفرات إلى الوزارة ظهر ، فأشخصه ابن الفرات وقربه .

التالي السابق


الخدمات العلمية