[ ص: 244 ] الآية الموفية عشرين قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=103nindex.php?page=treesubj&link=28989قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا } . فيها مسألة : أجاب الله عما وقع التقرير عليهم بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=105أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا } . لكن العلماء من الصحابة ومن بعدهم حملوا عليهم غيرهم ، وألحقوا بهم من سواهم ممن كان في معناهم ، ويرجعون في الجملة إلى ثلاثة أصناف :
الصنف الأول : الكفار بالله ، واليوم الآخر ، والأنبياء ، والتكليف ; فإن الله زين لكل أمة عملهم ، إنفاذا لمشيئته ، وحكما بقضائه ، وتصديقا لكلامه .
الصنف الثاني : أهل التأويل الفاسد الدليل الذين أخبر الله عنهم بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله } كأهل
حروراء والنهروان ، ومن عمل بعملهم اليوم ، وشغب الآن على المسلمين تشغيب أولئك حينئذ ، فهم مثلهم وشر منهم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب يوما ، وهو على المنبر : لا يسألني أحد عن آية من كتاب الله إلا أخبرته ، فقام
ابن الكواء ، فأراد أن يسأله عما سأل عنه
صبيغ nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، فقال : ما الذاريات ذروا ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي : الرياح . قال : ما الحاملات وقرا ؟ قال : السحاب . قال : فما الجاريات يسرا ؟ قال : السفن . قال : فما المقسمات أمرا ؟ قال : الملائكة . قال : فقول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=103هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا } قال : ارق إلي أخبرك . قال : فرقى إليه درجتين قال : فتناوله بعصا كانت بيده ، فجعل يضربه بها . ثم قال : أنت وأصحابك . وهذا بناء على القول بتكفير المتأولين . وقد قدمنا نبذة منه ، وتمامها في كتب الأصول .
الصنف الثالث : الذين أفسدوا أعمالهم بالرياء وضيعوا أحوالهم بالإعجاب ، وقد
[ ص: 245 ] أتينا على البيان في ذلك من قبل ، ويلحق بهؤلاء الأصناف كثير ، وهم الذين أفنوا زمانهم النفيس في طلب الخسيس . كان شيخنا
الطوسي الأكبر يقول : لا يذهب بكم الزمان في مصاولة الأقران ومواصلة الإخوان . وقد ختم الباري البيان ، وختم البرهان بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا } .
[ ص: 244 ] الْآيَةُ الْمُوفِيَةُ عِشْرِينَ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=103nindex.php?page=treesubj&link=28989قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا } . فِيهَا مَسْأَلَةٌ : أَجَابَ اللَّهُ عَمَّا وَقَعَ التَّقْرِيرُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=105أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا } . لَكِنَّ الْعُلَمَاءَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ حَمَلُوا عَلَيْهِمْ غَيْرَهُمْ ، وَأَلْحَقُوا بِهِمْ مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ كَانَ فِي مَعْنَاهُمْ ، وَيَرْجِعُونَ فِي الْجُمْلَةِ إلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ :
الصِّنْفُ الْأَوَّلُ : الْكُفَّارُ بِاَللَّهِ ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَالْأَنْبِيَاءِ ، وَالتَّكْلِيفِ ; فَإِنَّ اللَّهَ زَيَّنَ لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ، إنْفَاذًا لِمَشِيئَتِهِ ، وَحُكْمًا بِقَضَائِهِ ، وَتَصْدِيقًا لِكَلَامِهِ .
الصِّنْفُ الثَّانِي : أَهْلُ التَّأْوِيلِ الْفَاسِدِ الدَّلِيلِ الَّذِينَ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ } كَأَهْلِ
حَرُورَاءَ وَالنَّهْرَوَانِ ، وَمَنْ عَمَل بِعَمَلِهِمْ الْيَوْمَ ، وَشَغَبَ الْآنَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ تَشْغِيبَ أُولَئِكَ حِينَئِذٍ ، فَهُمْ مِثْلُهُمْ وَشَرٌّ مِنْهُمْ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَوْمًا ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ : لَا يَسْأَلُنِي أَحَدٌ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إلَّا أَخْبَرْته ، فَقَامَ
ابْنُ الْكَوَّاءِ ، فَأَرَادَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَمَّا سَأَلَ عَنْهُ
صُبَيْغُ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ : مَا الذَّارِيَاتُ ذَرْوًا ؟ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ : الرِّيَاحُ . قَالَ : مَا الْحَامِلَاتُ وِقْرًا ؟ قَالَ : السَّحَابُ . قَالَ : فَمَا الْجَارِيَاتُ يُسْرًا ؟ قَالَ : السُّفُنُ . قَالَ : فَمَا الْمُقَسِّمَاتُ أَمْرًا ؟ قَالَ : الْمَلَائِكَةُ . قَالَ : فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=103هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا } قَالَ : ارْقَ إلَيَّ أُخْبِرْك . قَالَ : فَرَقَى إلَيْهِ دَرَجَتَيْنِ قَالَ : فَتَنَاوَلَهُ بِعَصًا كَانَتْ بِيَدِهِ ، فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ بِهَا . ثُمَّ قَالَ : أَنْتَ وَأَصْحَابُك . وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِتَكْفِيرِ الْمُتَأَوِّلِينَ . وَقَدْ قَدَّمْنَا نُبْذَةً مِنْهُ ، وَتَمَامُهَا فِي كُتُبِ الْأُصُولِ .
الصِّنْفُ الثَّالِثُ : الَّذِينَ أَفْسَدُوا أَعْمَالَهُمْ بِالرِّيَاءِ وَضَيَّعُوا أَحْوَالَهُمْ بِالْإِعْجَابِ ، وَقَدْ
[ ص: 245 ] أَتَيْنَا عَلَى الْبَيَانِ فِي ذَلِكَ مِنْ قَبْلُ ، وَيَلْحَقُ بِهَؤُلَاءِ الْأَصْنَافِ كَثِيرٌ ، وَهُمْ الَّذِينَ أَفْنَوْا زَمَانَهُمْ النَّفِيسَ فِي طَلَبِ الْخَسِيسِ . كَانَ شَيْخُنَا
الطُّوسِيُّ الْأَكْبَرُ يَقُولُ : لَا يَذْهَبُ بِكُمْ الزَّمَانُ فِي مُصَاوَلَةِ الْأَقْرَانِ وَمُوَاصَلَةِ الْإِخْوَانِ . وَقَدْ خَتَمَ الْبَارِي الْبَيَانَ ، وَخَتَمَ الْبُرْهَانَ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110قُلْ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إلَيَّ أَنَّمَا إلَهُكُمْ إلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } .