الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ 82 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر ، nindex.php?page=hadith&LINKID=657162عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=treesubj&link=32117_17681_17678_30513_30515_30525_32503_32504_18983_19007_16460_22840_22838_23477_18526_29697_30437ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم ، قال : فقرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرار ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=1584أبو ذر : خابوا وخسروا ! من هم يا رسول الله ؟ قال : المسبل ، والمنان ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب .
وفي رواية : المسبل إزاره .
رواه مسلم ( 106 ) ، وأبو داود ( 4087 ) و ( 4088 ) ، والترمذي ( 1211 ) ، والنسائي (7 \ 245 ) ، وابن ماجه ( 2208 ) .
(قوله : " لا يكلمهم الله ") أي : بكلام من يرضى عنه . ويجوز : أن يكلمهم بما يكلم به من سخط عليه ; كما جاء في كتاب nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : يقول الله لمانع الماء : اليوم أمنعك فضلي ; كما منعت فضل ما لم تعمل يداك ، وقد حكى الله تعالى أنه يقول للكافرين : nindex.php?page=treesubj&link=28994nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=108اخسئوا فيها ولا تكلمون [ المؤمنون : 108 ] . وقيل : معناه : لا يكلمهم بغير واسطة ; استهانة بهم . وقيل : معنى ذلك : الإعراض عنهم ، والغضب عليهم .
[ ص: 303 ] ونظر الله تعالى إلى عباده : رحمته لهم ، وعطفه عليهم ، وإحسانه إليهم ، وهذا النظر هو المنفي في هذا الحديث .
و (قوله : " ولا يزكيهم ") قال nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : لا يثني عليهم ، ومن لم يثن عليه عذبه ، وقيل : لا يطهرهم من خبث أعمالهم ; لعظيم جرمهم . والعذاب الأليم : الشديد الألم الموجع .
و (قوله : " المسبل إزاره ") أي : الجاره خيلاء ; كما جاء في الحديث الآخر مقيدا مفسرا . والخيلاء : الكبر والعجب . ويدل هذا الحديث بمفهومه : على أن من nindex.php?page=treesubj&link=17681جر ثوبه على غير وجه الخيلاء ، لم يدخل في هذا الوعيد ; ولما سمع nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر هذا الحديث ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=671501يا رسول الله ، إن جانب إزاري يسترخي ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : لست منهم يا nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر ; خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
وحكم الإزار والرداء والثوب في ذلك سواء ; وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=680079الإسبال في الإزار والقميص والعمامة ; فمن جر منها خيلاء ، لم ينظر الله إليه يوم القيامة ، وفي طريق أخرى قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : " nindex.php?page=hadith&LINKID=675495ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الإزار ، فهو في القميص " .
[ ص: 304 ] قال المؤلف - رحمه الله - : وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=treesubj&link=17684_17690_17689_17679الحد الأحسن والجائز في الإزار الذي لا يجوز تعديه ; فقال فيما رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري : nindex.php?page=hadith&LINKID=690996أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه ، لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين ، ما أسفل ذلك ففي النار .
والمنان : فعال من المن ، وقد فسره في الحديث ، فقال : هو الذي لا يعطي شيئا إلا منة ; أي : إلا امتن به على المعطى له ، ولا شك في أن الامتنان بالعطاء ، مبطل لأجر الصدقة والعطاء ، مؤذ للمعطى له ; ولذلك قال تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=264لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى [ البقرة : 264 ] .
وإنما كان المن كذلك ; لأنه لا يكون غالبا إلا عن البخل ، والعجب ، والكبر ، ونسيان منة الله تعالى فيما أنعم به عليه ; فالبخيل : يعظم في نفسه العطية ، وإن كانت حقيرة في نفسها ، والعجب : يحمله على النظر لنفسه بعين العظمة ، وأنه منعم بماله على المعطى له ، ومتفضل عليه ، وإن له عليه حقا يجب عليه مراعاته ، والكبر : يحمله على أن يحتقر المعطى له ، وإن كان في نفسه فاضلا ، وموجب ذلك كله الجهل ، ونسيان منة الله تعالى فيما أنعم به عليه ; إذ قد أنعم عليه مما يعطي ، ولم يحرمه ذلك ، وجعله ممن يعطي ، ولم يجعله ممن يسأل ، ولو نظر ببصيرة لعلم أن المنة للآخذ ; لما يزيل عن المعطي من إثم المنع وذم المانع ، ومن الذنوب ، ولما يحصل له من الأجر الجزيل ، والثناء الجميل ، ولبسط هذا موضع آخر .
وقيل : المنان في هذا الحديث : هو من المن الذي هو القطع ; كما قال الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=8لهم أجر غير ممنون [ فصلت : 8 ] أي : غير مقطوع ; فيكون معناه : البخيل بقطعه عطاء ما يجب عليه للمستحق ; كما قد جاء [ ص: 305 ] في حديث آخر : البخيل المنان ، فنعته به ، والتأويل الأول أظهر .
(34) ومن باب : من لا يكلمه الله يوم القيامة
(قوله : " لا يكلمهم الله ") أي : بكلام من يرضى عنه . ويجوز : أن يكلمهم بما يكلم به من سخط عليه ; كما جاء في كتاب nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : يقول الله لمانع الماء : اليوم أمنعك فضلي ; كما منعت فضل ما لم تعمل يداك ، وقد حكى الله تعالى أنه يقول للكافرين : nindex.php?page=treesubj&link=28994nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=108اخسئوا فيها ولا تكلمون [ المؤمنون : 108 ] . وقيل : معناه : لا يكلمهم بغير واسطة ; استهانة بهم . وقيل : معنى ذلك : الإعراض عنهم ، والغضب عليهم .
[ ص: 303 ] ونظر الله تعالى إلى عباده : رحمته لهم ، وعطفه عليهم ، وإحسانه إليهم ، وهذا النظر هو المنفي في هذا الحديث .
و (قوله : " ولا يزكيهم ") قال nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : لا يثني عليهم ، ومن لم يثن عليه عذبه ، وقيل : لا يطهرهم من خبث أعمالهم ; لعظيم جرمهم . والعذاب الأليم : الشديد الألم الموجع .
و (قوله : " المسبل إزاره ") أي : الجاره خيلاء ; كما جاء في الحديث الآخر مقيدا مفسرا . والخيلاء : الكبر والعجب . ويدل هذا الحديث بمفهومه : على أن من nindex.php?page=treesubj&link=17681جر ثوبه على غير وجه الخيلاء ، لم يدخل في هذا الوعيد ; ولما سمع nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر هذا الحديث ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=671501يا رسول الله ، إن جانب إزاري يسترخي ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : لست منهم يا nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر ; خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
وحكم الإزار والرداء والثوب في ذلك سواء ; وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=680079الإسبال في الإزار والقميص والعمامة ; فمن جر منها خيلاء ، لم ينظر الله إليه يوم القيامة ، وفي طريق أخرى قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : " nindex.php?page=hadith&LINKID=675495ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الإزار ، فهو في القميص " .
[ ص: 304 ] قال المؤلف - رحمه الله - : وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=treesubj&link=17684_17690_17689_17679الحد الأحسن والجائز في الإزار الذي لا يجوز تعديه ; فقال فيما رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري : nindex.php?page=hadith&LINKID=690996أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه ، لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين ، ما أسفل ذلك ففي النار .
والمنان : فعال من المن ، وقد فسره في الحديث ، فقال : هو الذي لا يعطي شيئا إلا منة ; أي : إلا امتن به على المعطى له ، ولا شك في أن الامتنان بالعطاء ، مبطل لأجر الصدقة والعطاء ، مؤذ للمعطى له ; ولذلك قال تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=264لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى [ البقرة : 264 ] .
وإنما كان المن كذلك ; لأنه لا يكون غالبا إلا عن البخل ، والعجب ، والكبر ، ونسيان منة الله تعالى فيما أنعم به عليه ; فالبخيل : يعظم في نفسه العطية ، وإن كانت حقيرة في نفسها ، والعجب : يحمله على النظر لنفسه بعين العظمة ، وأنه منعم بماله على المعطى له ، ومتفضل عليه ، وإن له عليه حقا يجب عليه مراعاته ، والكبر : يحمله على أن يحتقر المعطى له ، وإن كان في نفسه فاضلا ، وموجب ذلك كله الجهل ، ونسيان منة الله تعالى فيما أنعم به عليه ; إذ قد أنعم عليه مما يعطي ، ولم يحرمه ذلك ، وجعله ممن يعطي ، ولم يجعله ممن يسأل ، ولو نظر ببصيرة لعلم أن المنة للآخذ ; لما يزيل عن المعطي من إثم المنع وذم المانع ، ومن الذنوب ، ولما يحصل له من الأجر الجزيل ، والثناء الجميل ، ولبسط هذا موضع آخر .
وقيل : المنان في هذا الحديث : هو من المن الذي هو القطع ; كما قال الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=8لهم أجر غير ممنون [ فصلت : 8 ] أي : غير مقطوع ; فيكون معناه : البخيل بقطعه عطاء ما يجب عليه للمستحق ; كما قد جاء [ ص: 305 ] في حديث آخر : البخيل المنان ، فنعته به ، والتأويل الأول أظهر .