الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : ولو صام هذه الأيام الثلاثة بعد إحرامه للعمرة قبل إحرام الحجة جاز عندنا خلافا للشافعي رحمه الله تعالى ، وحجته ظاهر الآية ، قال الله تعالى { فصيام ثلاثة أيام في الحج } وحين صام قبل أن يحرم بالحج فصومه هذا ليس في الحج ، وحجتنا في ذلك أن نقول : جعل الحج ظرفا للصوم وفعل الحج لا يصلح ظرفا للصوم فعرفنا أن المراد به الوقت كما قال الله تعالى { الحج أشهر معلومات } وهذا قد صام في وقت الحج بعد ما تقرر السبب ، وهو التمتع ; لأن معنى التمتع في أداء العمرة في سفر الحج في وقت الحج ، وقد وجد ذلك ، وأداء العبادة البدنية بعد وجود سبب وجوبها جائز إذا صام شهر رمضان وإن لم يصم حتى جاء يوم النحر تعين عليه الهدي عندنا ، وهو قول عمر رضي الله تعالى عنه فإن رجلا أتاه يوم النحر ، فقال : إني تمتعت بالعمرة إلى الحج فقال : اذبح شاة فقال ليس معي شيء فقال : سل أقاربك فقال : ليس هنا أحد منهم فقال لغلامه يا مغيث أعطه قيمة شاة ، وذلك لأن البدل كان مؤقتا بالنص فبعد فوات ذلك الوقت لا يكون بدلا فتعين عليه الهدي والشافعي رحمه الله تعالى كان يقول في الابتداء يصوم أيام التشريق ، وهو مروي عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما ، ولكن هذا فاسد فقد صح النهي عن الصوم في هذه الأيام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يجوز أداء الواجب بها ولو وجد الهدي بعد صوم يومين من الثلاثة كان عليه الهدي ; لأنه قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالخلف ما إذا قدر على أصل الهدي بعد ما يحل يوم النحر ; لأن المقصود هو التحلل فإنما قدر على الأصل بعد حصول المقصود بالبدل ، وهو كالمتيمم إذا وجد الماء بعد الفراغ من الصلاة .

وأما صوم السبعة ليس ببدل فيما هو مقصود ، وهو التحلل ألا ترى أن أوان أدائها بعد التحلل ووجوب الهدي لا يمنع أداءها ، والمراد من الرجوع المذكور في قوله تعالى { وسبعة إذا رجعتم } مضي أيام التشريق حتى إذا صام بعد مضيها قبل أن يرجع إلى أهله جاز عندنا ، ولا يجوز عند الشافعي رحمه الله تعالى إلا أن ينوي [ ص: 182 ] المقام فحينئذ يجوز الصوم

التالي السابق


الخدمات العلمية