الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ورمى جمرة العقبة من بطن الوادي ) ويكره تنزيها من فوق [ ص: 513 ] ( سبعا حذفا ) بمعجمتين أي برءوس الأصابع ويكون بينهما خمسة أذرع ، ولو وقعت على ظهر رجل أو جمل إن وقعت بنفسها بقرب الجمرة جاز وإلا لا ، وثلاثة أذرع بعيد وما دونه قريب جوهرة ( وكبر بكل حصاة ) أي مع كل ( منها وقطع التلبية بأولها فلو رمى بأكثر منها ) أي السبع ( جاز لا لو رمى بالأقل ) فالتقييد بالسبع لمنع [ ص: 514 ] النقص لا لزيادة

التالي السابق


مطلب في رمي جمرة العقبة

( قوله ورمى جمرة العقبة ) هي ثالث الجمرات على حد منى من جهة مكة وليست من منى ، ويقال لها الجمرة الكبرى والجمرة الأخيرة قهستاني ، ولا يرمي يومئذ غيرها ولا يقوم عندها حتى يأتي منزله ولوالجية ( قوله ويكره تنزيها من فوق ) أي فيجزيه لأن ما حولها موضع النسك كذا في الهداية إلا أنه خلاف السنة ، ففعله عليه الصلاة والسلام من أسفلها سنة لا لأنه المتعين ، ولذا ثبت رمي خلق كثير في زمن الصحابة من أعلاها ، ولم يأمروهم بالإعادة وكأن وجه اختياره عليه الصلاة والسلام لذلك هو وجه اختيار حصى الحذف ، فإنه يتوقع الأذى إذا رموها من أعلاها [ ص: 513 ] لمن أسفلها ، فإنه لا يخلو من مرور الناس فيصيبهم ، بخلاف الرمي من أسفل مع المارين من فوقها إن كان كذا في الفتح ، ومقتضاه أن المراد الرمي من فوق إلى أسفل لا في موضع وقوف الرامي فوق ، ومقتضى تعليل الهداية بأن ما حولها موضع نسك أن المراد الثاني إلا أن يؤول كما أفاده بعض الفضلاء بأن المراد موضع وقوف الناسك لا موضع وقوع الحصى ( قوله سبعا ) أي سبع رميات بسبع حصيات ، فلو رماها دفعة واحدة كان عن واحدة نهر ( قوله خذفا ) نصب عن المصدر شرنبلالية فهو مفعول مطلق لبيان النوع لأن الحذف نوع من الرمي وهو رمي الحصاة بالأصابع كما أشار إليه الشارح ( قوله بمعجمتين ) يقال الحذف بالعصا والخذف بالحصى فالأول بالحاء المهملة والثاني بالمعجمة شرح النقاية للقاري .

( قوله أي برءوس الأصابع ) قيل كيفية الرمي أن يضع طرف إبهامه اليمنى على وسط السبابة ، ويضع الحصاة على ظاهر الإبهام كأنه عاقد سبعين فيرميها ، وقيل أن يحلق سبابته ويضعها على مفصل إبهامه كأنه عاقد عشرة وقيل يأخذها بطرفي إبهامه وسبابته ، وهذا هو الأصح لأنه الأيسر المعتاد فتح ، وكذا صححه في النهاية والولوالجية وهو مراد الشارح فافهم ، و الخلاف في الأولوية والمختار أنها مقدار الباقلاء لباب أي قدر الفولة وقيل قدر الحمصة أو النواة أو الأنملة قال في النهر وهذا بيان المندوب . وأما الجواز فيكون ولو بالأكبر مع الكراهة ( قوله ويكون بينهما ) أي بين الرمي والجمرة ويجعل منى عن يمينه والكعبة عن يساره لباب ( قوله خمسة أذرع ) أي أو أكثر ويكره الأقل لباب لأن ما دونه وضع فلا يجوز ، أو طرح . فيجوز لكنه مسيء لمخالفته السنة قهستاني .

( قوله وإلا ) أي وإن لم تقع من على ظهره بنفسها ، بل بتحرك الرجل أو الجمل أو وقعت بنفسها لكن بعيدا من الجمرة ح ( قوله لا ) قال في الهداية لأنه لم يعرف قربة إلا في مكان مخصوص ا هـ وفي اللباب ولو وقعت على الشاخص أي أطراف الميل الذي هو علامة للجمرة أجزأه ولو على قبة الشاخص ولم تنزل عنه أنه لا يجزيه للبعد ، وإن لم يدر أنها وقعت في المرمى بنفسها أو بنقض من وقعت عليه وتحريكه ففيه اختلاف والاحتياط أن يعيده وكذا لو رمى وشك في وقوعها موقعها فالاحتياط أن يعيد ( قوله وثلاثة أذرع إلخ ) أي بين الحصاة والجمرة ، وهذا بيان لما أجمله بقوله بقرب الجمرة لكن قدر القرب في الفتح بذراع ونحوه قال : ومنهم من لم يقدره اعتمادا على اعتبار القرب عرفا وضده البعد .

( قوله وكبر بكل حصاة ) ظاهر الرواية الاقتصار على الله أكبر غير أنه روي عن الحسن بن زياد أنه يقول : الله أكبر رغما للشيطان وحزبه ، وقيل يقول أيضا : اللهم اجعل حجي مبرورا ، وسعيي مشكورا ، وذنبي مغفورا فتح ( قوله وقطع التلبية بأولها ) أي في الحج الصحيح والفاسد مفردا أو متمتعا أو قارنا ، وقيل لا يقطعها إلا بعد الزوال ، ولو حلق قبل الرمي أو طاف قبل الرمي والحلق والذبح قطعها ، وإن لم يرم حتى زالت الشمس لم يقطعها حتى يرمي إلا أن تغيب الشمس ، ولو ذبح قبل الرمي فإن كان قارنا أو متمتعا قطع ولو مفردا لا لباب ، وقيد بالمحرم بالحج لأن المعتمر يقطع التلبية إذا استلم الحجر لأن الطواف ركن العمرة فيقطع التلبية قبل الشروع فيها ، وكذا فائت الحج لأنه يتحلل بعمرة فصار كالمعتمر والمحصر يقطعها إذا ذبح هديه لأن الذبح للتحلل ، والقارن إذا فاته الحج يقطع حين يأخذ بالطواف الثاني لأنه يتحلل بعده بحر ( قوله جاز ) أي ويكره لباب ( قوله لا لو رمى بالأقل ) لأنه إذا ترك أكثر السبع لزمه دم كما لو لم يرم أصلا ، وإن ترك أقل منه كثلاث فما دونها فعليه لكل حصاة صدقة كما سيأتي في الجنايات . [ ص: 514 ]

[ تنبيه ]

لا يشترط الموالاة بين الرميات بل يسن فيكره تركها لباب




الخدمات العلمية