الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
114 - قوله (ص) "ومن أمثلته":

فذكر حديث الخط للمصلي إذا لم يجد سترة واستدرك عليه شيخنا ما فاته من وجوه الاختلاف فيه وبقيت (فيه) وجوه أخرى لم أر الإطالة بذكرها، ولكن بقي أمر يجب التيقظ له.

وذلك أن جميع من رواه عن إسماعيل بن أمية ، عن هذا الرجل إنما وقع الاختلاف بينهم في اسمه أو كنيته، وهل روايته عن أبيه أو عن جده أو عن أبي هريرة بلا واسطة، وإذا تحقق الأمر فيه لم يكن فيه حقيقة الاضطراب.

[ ص: 773 ] [ حقيقة الاضطراب :]

لأن الاضطراب هو: الاختلاف الذي يؤثر قدحا.

واختلاف الرواة في اسم رجل لا يؤثر ذلك، لأنه إن كان ذلك الرجل ثقة فلا ضير، وإن كان غير ثقة فضعف الحديث إنما هو من قبل ضعفه لا من قبل اختلاف الثقات في اسمه فتأمل ذلك.

ومع ذلك كله فالطرق التي ذكرها ابن الصلاح ، ثم شيخنا قابلة لترجيح بعضها على بعض والراجحة منها يمكن التوفيق بينها فينتفي الاضطراب أصلا ورأسا.

تنبيه:

قول ابن عيينة : لم نجد شيئا يشد به هذا الحديث ولم يجئ إلا من هذا الوجه. فيه نظر، فقد رواه الطبراني من طريق أبي موسى الأشعري وفي إسناده أبو هارون العبدي وهو ضعيف.

[شاهدان للحديث:]

ولكنه وارد على الإطلاق، ثم وجدت له شاهدا آخر وإن كان موقوفا. أخرجه مسدد في "مسنده الكبير" قال: ثنا هشيم ثنا خالد الحذاء عن إياس بن معاوية ، عن سعيد بن جبير قال:

[ ص: 774 ] "إذا كان الرجل يصلي في فضاء فليركز بين يديه شيئا فإن لم يستطع أن يركزه، فليعرضه، فإن لم يكن معه شيء، فليخط خطا في الأرض" .

رجاله ثقات وقول البيهقي : "إن الشافعي - رضي الله عنه – ضعفه". فيه نظر، فإنه احتج به فيما وقفت عليه، في المختصر الكبير للمزني - والله أعلم -.

ولهذا صحح الحديث أبو حاتم ابن حبان والحاكم وغيرهما.

وذلك مقتضى لثبوت عدالته عند من صححه.

فما يضره مع ذلك أن لا ينضبط اسمه إذا عرفت ذاته - والله تعالى أعلم -.

[ أمثلة للمضطرب :]

ووجدت أمثلة للمضطرب في "علل الدارقطني ".

ومنها: حديث: "شيبتني هود وأخواتها" .

اختلف فيه على أبي إسحاق السبيعي .

(أ) فقيل عنه عن عكرمة ، عن أبي بكر - رضي الله عنه - .

(ب) ومنهم من زاد فيه ابن عباس - رضي الله عنهما -.

[ ص: 775 ] (ج) وقال علي بن صالح : عن أبي إسحاق ، عن أبي جحيفة ، عن أبي بكر - رضي الله عنه - .

(د) وقال العلاء : عن أبي إسحاق ، عن البراء عن أبي بكر - رضي الله تعالى عنهما - .

(هـ) وقال زكريا بن إسحاق وعبد الرحمن بن سليمان ، عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة ، عن أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - .

(و) وقيل عن زكريا عن أبي إسحاق عن مسروق عن أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - .

[ ص: 776 ] (ز) وقال محمد بن سلمة عن أبي إسحاق عن مسروق عن عائشة عن أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - .

(ح) وقيل عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن علقمة عن أبي بكر .

(ط) وقال عبد الكريم الخزاز : عن أبي إسحاق عن عامر بن سعد البجلي عن أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - .

وقيل: عنه عن عامر بن سعد عن أبيه عن أبي بكر - رضي الله عنه - .

(ك) وقال أبو شيبة النخعي : عن أبي إسحاق ، عن مصعب بن سعد عن أبيه عن أبي بكر - رضي الله عنه - .

(ل) وقال أبو المقدام : عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.

التالي السابق


الخدمات العلمية