الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. ( قال ) ولا يكون طلاق الصبي طلاقا حتى يبلغ لقول علي وابن مسعود وابن عمر رضوان الله تعالى عليهم كل طلاق جائز إلا طلاق الصبي والمعتوه وقد روي ذلك مرفوعا ثم بلوغه إما أن يكون بالعلامة أو بالسن والعلامة في ذلك الإنزال بالاحتلام والإحبال ، وفي حق الجارية بالاحتلام والحبل والحيض قالوا وأدنى المدة في حق الغلام اثنا عشر سنة ، وفي حق الجارية تسع سنين وقد بينا هذا في كتاب الحيض وأما بلوغهما بالسن فقدر أبو حنيفة رحمه الله تعالى في الجارية بسبع عشرة سنة ، وفي الغلام بتسع عشرة سنة .

وفي كتاب الوكالة ذكر في الغلام ثمان عشرة سنة في موضع ، وفي موضع تسع عشرة سنة من أصحابنا من وفق فقال المراد أن يتم له ثمان عشرة سنة ويطعن في التاسع عشرة ولكن ذكر في نسخ أبي سليمان في كتاب الوكالة حتى يستكمل تسع عشرة سنة ففيه روايتان إذن .

وعلى قول أبي يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله تعالى في الغلام والجارية يتقدر [ ص: 54 ] بخمس عشرة سنة لحديث { ابن عمر رضي الله تعالى عنه قال عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فردني ثم عرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني } ولما سمع عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه هذا الحديث قال هذا هو الفصل بين البالغ وغير البالغ وكتب به إلى أمراء الأجناد والمعنى فيه أن العادة الظاهرة أن البلوغ لا يتأخر عن هذه المدة .

وقد بينا أن الحكم ينبني على الظاهر دون النادر وأبو حنيفة يقول صفة الصغر فيهما معلومة بيقين فلا يحكم بزوالها إلا بيقين مثله ولا يقين في موضع الاختلاف ثم أدنى المدة لبلوغ الغلام اثنا عشر سنة وقد وجب زيادة المدة على ذلك فإنما يزاد سبع سنين اعتبارا بأول أمره كما أشار إليه صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم { مروهم بالصلاة إذا بلغوا سبعا } وبين أهل التفسير اختلاف في تفسير الأشد ولم يقل أحد بأقل من ثمان عشرة سنة في قوله تعالى { ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما } فوجب تقدير مدة البلوغ به ولكن الأنثى أسرع نشوءا عادة فينقص في حقها سنة فيكون التقدير بسبع عشرة سنة ولا حجة في حديث ابن عمر رضي الله عنه لأنه ما أجازه باعتبار أنه حكم ببلوغه بل لأنه رآه قويا صالحا للقتال وقد { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيز من الصبيان من كان صالحا للقتال } على ما روي { أنه صلى الله عليه وسلم عرض عليه صبي فرده فقيل إنه رام فأجازه وعرض عليه صبيان فأجاز أحدهما ورد الآخر فقال المردود يا رسول الله أجزته ورددتني ولو صارعته لصرعته فصارعه فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم } .

التالي السابق


الخدمات العلمية